صندوق النقد يتكفل بإعادة الثقة للأسواق والنظام المالي بحلول 2009
أعرب صندوق النقد الدولي عن استعداده لمساعدة الدول المتضررة من الأزمة المالية معتمدا التوجهات التي أقرها وزراء المال في مجموعة السبع الجمعة، في ختام أسبوع كارثي للبورصات.
وقال صندوق النقد الدولي في ختام اجتماع في واشنطن السبت، إنه سيكون قادرا "بسرعة" على وضع "موارد كبيرة" في تصرف الدول المتضررة.
وقال المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس خلال مؤتمر صحافي "قد يعاني بعض الدول مشكلة سيولة. والصندوق موجود وقد أنشئ لهذا الغرض ونحن مستعدون لتوفير السيولة لكل الدول الراغبة بذلك".
ونفت آيسلندا التي تعتبر من أكثر الدول تضررا جراء الأزمة وتتفاوض مع روسيا للحصول على قرض بقيمة أربعة مليارات يورو، أن تكون قد طلبت مساعدة صندوق النقد الدولي موضحة في الوقت ذاته أن هذا يبقى احتمالا بصفتها دولة عضوا في الصندوق، حسب تقرير بثته وكالة الصحافة الفرنسية أمس.
وفي بيان، دعمت الهيئة الإدارية في الصندوق الذي يضم 185 دولة خطة التحرك من خمس نقاط التي اعتمدها الجمعة في العاصمة الأمريكية وزراء المال في الدول الصناعية السبع الكبرى.
وتطمح هذه الخطة إلى إخراج الأسواق النقدية من الأزمة وتمكين المصارف من جمع رؤوس الأموال من القطاعين الخاص والعام وتصحيح الوضع في سوق الرهن العقاري. وتوسع اجتماع مجموعة السبع مساء السبت ليشمل دول "مجموعة العشرين" مع انضمام الدول الناشئة الكبرى مثل جنوب إفريقيا والبرازيل والصين والهند. وشارك الرئيس الأمريكي جورج بوش في الاجتماع الوزاري مع أن حضوره لم يكن معلنا، مقرا بأن الأزمة انطلقت من بلاده.
وقال وزير الاقتصاد البرازيلي غيدو مانتيغا الذي ترأس بلاده حاليا مجموعة العشرين إن "فرضية أن العدوى لا تنتقل قد سقطت. فالأزمة تمتد إلى الدول الناشئة". واقترح تحويل مجموعة العشرين إلى منتدى لإدارة الأزمة المالية للسماح للدول الناشئة بـ "المساهمة في الحل".
وفي وقت سابق اتفق بوش ومجموعة السبع على توفير "رد جدي على المستوى العالمي" لمواجهة الأزمة. وقال بوش في البيت الأبيض بعد اجتماع مع الوزراء "الجميع يقر أن ثمة أزمة مالية خطرة وتتطلب تاليا ردا جديا على المستوى العالمي". وقال دومينيك شتراوس إن تصحيح الوضع يتطلب إجراءات إضافية في وقت بات فيه النظام المالي الدولي على شفير الانفجار. وفوض صندوق النقد الدولي شتراوس استخلاص العبر من الأزمة وإصدار توصيات بشأن الإجراءات الضرورية لإعادة الثقة والاستقرار إلى النظام المالي بحلول حزيران (يونيو) 2009. أما الخبراء فلم يعتبروا أن خطة مجموعة السبع تشكل الدواء الشافي.
وأسف الاستاذ في جامعة ميريلاند بيتر موريسي بعد البيان الختامي لمجموعة السبع "لأن الخطة لا تتضمن أي شيء من شأنه تهدئة الأسواق، "إنها تفتقر إلى المضمون للتوصل إلى ذلك".
وبشأن طول الأزمة، قال حاكم المصرف المركزي الإيطالي ماريو دراغي الذي يرأس منتدى الاستقرار المالي إن "عصا سحرية لا يمكنها أن تحل الوضع بلحظة"، لكنه اعتبر أن "بيان مجموعة السبع يذهب في الاتجاه الصحيح".
أما الأوروبيون الذين سيحددون خطة لوضع مبادئ مجموعة السبع موضع التطبيق فقد يعلنون إجراءات ملموسة خلال اجتماع باريس لرؤساء الدول والحكومات في منطقة اليورو (يورو غروب) – الاجتماع انعقد البارحة. وقد يتفق هؤلاء على مشاركة أكبر للدولة في رأسمال المصارف على ما ذكرت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد. وقال رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون "بالنسبة لأوروبا الرهان كبير جدا وقد دقت ساعة الحقيقة".
ويبدو أن ألمانيا المتهمة بأنها انفردت بموقفها في بداية الأزمة برفضها خطة إنقاذ جماعية للمصارف، قد غيرت موقفها. وأعلنت برلين الجمعة خطة وطنية لدعم القطاع المصرفي قريبة من الخطة التي اقترحتها لندن.
واعتبرت لاغارد أن "نقاشا سيجري على الأرجح" خلال اجتماع دول منطقة اليورو حول إمكانية اعتماد ضمانات حول التعاملات بين المصارف في منطقة اليورو.
وعبرت فرنسا وألمانيا عن موقف موحد السبت. فقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لدى استقباله المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل "إننا نقوم بتحليل الأزمة معا. والدروس التي يجب أن تستخلص (..) هي موضع تطابق تام في المواقف بين ألمانيا وفرنسا". ولم ينجح خفض معدلات الفائدة ولا الإجراءات الكبيرة لدعم المصارف من خلال استخدام الأموال العامة ولا الضمانات على الودائع التي قررتها الحكومات ولا الدعوات إلى التهدئة التي أطلقها وزراء المال، في لجم الذعر الذي ينتاب الأسواق. وأعلنت الحكومة الأسترالية أمس أنها ستضمن كل الودائع المصرفية في السنوات الثلاث المقبلة. وقال رئيس الوزراء كيفن راد "الحكومة الأسترالية ستضمن كل الودائع مهما كان حجمها في كل المؤسسات المصرفية الأسترالية على مدى ثلاث سنوات".
وفقدت البورصات العالمية الرئيسة نحو نصف قيمتها منذ مطلع السنة الحالية. وهذا الأسبوع شهدت بورصات نيويورك ولندن وباريس أكبر تراجع أسبوعي في تاريخها مع هبوطها بنسبة 20 في المائة. واعتبرت لاغارد أن تعهد وزراء المال وحكام المصارف المركزية في مجموعة السبع لمنع إفلاس أي مصرف كبير يشكل رسالة "قوية للغاية". وهذا التعهد سيسمح بتجنب اختفاء مصارف عملاقة مثل ما حصل مع "ليمان براذرز" الذي تركته إدارة بوش يسقط في 15 أيلول (سبتمبر) الماضي، وهو ما شكل بداية الانهيار الكبير الذي تشهده الأسواق حاليا.
ويوم السبت الماضي، حذر صندوق النقد الدولي من أن النظام المالي العالمي على شفا الانهيار في الوقت الذي وعدت فيه فرنسا وألمانيا برد أوروبي على الأزمة في محاولة لمنع أسوأ انخفاض عالمي منذ عشرات السنين. وقال صندوق النقد الدولي إنه يؤيد خطة مجموعة السبع في
محاولة لتحقيق الاستقرار في الأسواق وحث على توخي "حذر غير عادي والتنسيق والاستعداد لاتخاذ عمل جرئ" لاحتواء العاصفة التي تجتاح الأسواق.
وأمام ذلك، دعت الولايات المتحدة إلى التحلي بالصبر ولكن صندوق النقد الدولي قال إن الوقت ضيق بعد أن أخفقت الدول الصناعية في الاتفاق على إجراءات ملموسة لإنهاء الأزمة خلال اجتماع عقد يوم الجمعة. وقال دومينيك شتراوس رئيس صندوق النقد الدولي إن "تزايد القلق إزاء القدرة على الوفاء بالديون لدى عدد من أكبر المؤسسات المالية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها والمؤسسات الأوروبية دفع النظام المالي العالمي إلى شفا انهيار منظم". وأعرب شتراوس في وقت لاحق عن ثقته بأن العمل الحكومي سيثبت قوة تكفي لإنهاء تجمد الأسواق في الأيام المقبلة.
والتقى الرئيس جورج بوش مسؤولي الاقتصاد في مجموعة السبع ومسؤولين من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وقال إن الدول الصناعية الكبرى ستتعاون على حل الأزمة. وقال بوش"إنني واثق أن بإمكان الاقتصاديات الكبيرة في العالم التغلب على التحديات التي نواجهها". وأضاف أن واشنطن تعمل بأسرع ما يمكن لتنفيذ برنامج للإنقاذ المالي تبلغ تكلفته 700 مليار دولار تمت الموافقة عليه قبل أسبوع.