البنوك المركزية الخليجية تتدخل لوقف انهيارات الأسهم
أوشكت أسواق الأسهم الخليجية على الانهيار الكامل بعدما قادتها موجة الهبوط القاسية لليوم الرابع على التوالي إلى العودة إلى مستوياتها قبل أربع سنوات ماضية, وسادت حالة من الحيرة والقلق وذرف عدد من المستثمرين الدموع في قاعات التداول في الأسواق الإماراتية مع تبخر البقية من مدخراتهم بعدما سجلت سوق دبي للجلسة الرابعة على التوالي أكبر الخسائر تجاوزت 10 في المائة لتصل إلى 30 في المائة في أربع جلسات ولتقفز خسائر الأسهم الإماراتية إلى 140 مليار درهم.
وفيما تعالت المطالبات من جموع المستثمرين والمهتمين بالأسواق للحكومات بالتدخل لمنع البورصات من الانهيار، تدخل عدد من المصارف المركزية الخليجية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حيث خفض المركزي الإماراتي سعر الفائدة نصف في المائة كما خفض المركزي الكويتي سعر الخصم 125 نقطة أساس، فيما فشلت تطمينات وزير الاقتصاد العماني بصلابة الاقتصاد في وقف الخسائر الفادحة التي تواصلت بنسبة 7.2 في المائة.
وسجلت الأسهم القيادية في الأسواق كافة هبوطا بالحد الأقصى 15 في المائة في سوق دبي و10 في المائة في أسواق الدوحة وأبو ظبي ومسقط والبحرين مثل أسهم الدار وصروح وأبو ظبي التجاري والاتحاد الوطني في أبو ظبي وثمانية أسهم قيادية في سوق دبي ومنيت سوق الدوحة بأكبر الخسائر بين أسواق الخليج مبددة أكثر من 700 نقطة لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عام, ولم يسجل سهم واحد في السوق ارتفاعا.
فيما تمكنت سوق دبي من تقلص خسائرها الفادحة التي وصلت إلى 11 في المائة في آخر نصف ساعة بدعم من تحرك سهم إعمار الذي قلص خسائره إلى النصف ليغلق المؤشر على انخفاض بنسبة 8.5 في المائة لتصل نسبة تراجعه خلال الجلسات الأربع عقب إجازة عيد الفطر إلى 28 في المائة ومنذ بداية العام إلى 48 في المائة.
ولم تكن بقية الأسواق الخليجية بأحسن حال من سوق دبي، حيث سجلت سوق مسقط واحدة من أكبر خسائرها في جلسة واحدة , وكسر المؤشر حاجز السبعة آلاف نقطة, وتمكنت سوق الكويت من تقليص خسائرها إلى 1.4 في المائة بعدما تدخل المركزي الكويتي بخفض سعر الفائدة لتنشيط السيولة, فيما بقيت سوق البحرين على انخفاضها الطفيف مقارنة ببقية الأسواق بنسبة 2.7 في المائة.
ويجمع محللون على أن بورصات الخليجية والمنطقة ككل ستظل تعاني تحت وطأة الأزمة المالية العالمية واستمرار الهبوط القاسي في الأسواق الدولية مؤكدين أهمية تدخل حكومات المنطقة بشكل مباشر وغير مباشر بحسب ما قال الخبير القانوني الدكتور حبيب الملا من أن التدخل الحكومي بات أمرا ضروريا لإنقاذ الأسواق على اعتبار أن ما يجري هو ظرف استثنائي يتطلب اتخاذ تدابير استثنائية.
ويتحفظ اقتصاديون وماليون على الصمت الذي اتخذته السلطات المعنية في الأسواق المالية في عدد من الدول حيال معالجة الأزمة، خصوصا في الإمارات التي تتراجع أسواقها منذ مطلع العام بنسبة 37 في المائة, وسارت شائعات في الأسواق حول اعتزام الحكومة التدخل عبر صناديقها السيادية أو وقف التداول بعدما سجل مؤشر سوق دبي لأول مرة في تاريخه هبوطا وصل إلى 11 في المائة وهو ما نفاه مسؤول في السوق.
وشهدت سوق دبي منذ بداية تعاملاتها استمرار موجة الهبوط، إان كان سهم إعمار تمكن من التحرك صعودا إلى 5.70 درهم من سعر الافتتاح 5.60 درهم غير أنه تعرض لموجة من البيع أجبرته على الهبوط بحدة بضغط من ضغوط البنوك على المقترضين بالتسييل، حيث سجل السهم أدنى مستوى له قبل أربع سنوات عند 5.11 درهم بانخفاض وصل إلى قرابة الحد الأقصى 15 في المائة قبل أن يقلص خسائره إلى النصف بدعم من عمليات شراء دفعت السهم إلى الإغلاق عند سعر 5.50 درهم بانخفاض 7.4 في المائة.
وسجلت ثمانية أسهم قيادية من بين 28 سهما حققت هبوطا انخفاضا بالحد الأقصى 15 في المائة دون طلبات الشراء التي اختفت من شاشات التداول منها أسهم أرابتك عند 6.80 درهم ودبي للاستثمار 1.96 درهم، وسلامة للتأمين 1.20 درهم، وأمان ومصرف عجمان ودار التكافل، ووصل سهم الخليج للملاحة إلى سعر الاكتتاب وهو درهم واحد، واقترب سهما العربية للطيران وتبريد من سعر الدرهم، كما تراجع سهم دبي الإسلامي أكبر مصرف إسلامي بنسبة 12 في المائة إلى 4.40 درهم.
وبحسب تقرير سوق دبي المالي لم تكن تسييلات محافظ وصناديق الاستثمار الأجنبية هي السبب في الهبوط الحاد أمس، ما يشير إلى أن عمليات البيع قادها المستثمرون الإماراتيون ومعهم الخليجيون والعرب، حيث تحول الاستثمار الأجنبي غير الخليجي والعربي لأول مرة منذ جلسات عدة من البيع إلى الشراء.
ووفقا للتقرير بلغت قيمة مشتريات الأجانب من غير الخليجيين والعرب 438.2 مليون درهم مقابل مبيعات بقيمة 351.3 مليون درهم من إجمالي تداولات السوق التي قفزت إلى 1.1 مليار درهم , وبلغ صافي الاستثمار الأجنبي بشكل عام 40.2 مليون كمحصلة شراء من خلال مشتريات بقيمة 648.5 مليون درهم مقابل مبيعات بقيمة 608.2 مليون درهم، وهو ما يشير إلى احتمال حدوث تحول في مسار الاستثمار الأجنبي خلال الجلسات المقبلة بعدما تسبب في إحداث خسائر فادحة للسوق.
ولم يكن الحال في سوق العاصمة أبو ظبي بأفضل من دبي، حيث سجلت القطاعات الرئيسية، خصوصا العقارات والطاقة انخفاضا بالحد الأقصى 10 في المائة، كما استمرت أسهم البنوك هي الأخرى في الضغط على المؤشر بعدما انخفضت أيضا بالحد الأقصى مثل أسهم بنك الاتحاد الوطني وأبو ظبي الوطني والخليج الأول.
ولليوم الرابع على التوالي يهبط سهما الدار العقارية وصروح بالحد الأقصى، حيث تراجع الأول دون ستة دراهم إلى 5.48 درهم، من أعلى سعر وصله في النصف الأول من العام عند أكثر من 12 درهم كما تراجع سهم صروح دون خمسة دراهم إلى 4.62 درهم، وتراجع سهم الاتصالات بنسبة 7.1 في المائة إلى 13.15 درهم.
ولم يسجل سهم واحد في سوق الدوحة أكبر الخاسرين ارتفاعا بعدما هبطت جميع الأسهم بشكل جماعي وعددها 40 سهما, وكسر المؤشر حاجز ثماني نقاط, وسجلت جميع الأسهم القيادية والثقيلة في المؤشر انخفاضا بالحد الأقصى أبرزها صناعات قطر وبنك قطر الوطني، إضافة إلى 10 أسهم أخرى تراجعت أيضا بالحد الأقصى.
ولوحظ أن أحجام وقيم التداولات قفزت قريبة من المليار إلى 983.2 مليون ريال من تداول 22.5 مليون سهم منها 5.1 مليون لسهم الريان الأنشط غير أنه انخفض بنسبة 8.8 في المائة إلى 15.30 ريال , كما تراجع سهم البنك التجاري 9.5 في المائة إلى 82.90 ريال والمصرف الإسلامي 7.9 في المائة إلى 101.4 ريال, وسجل سهم كيوتل أدنى مستوى له منذ أربع سنوات إلى 117.8 ريال.
وأفلت سهم صلالة خدمات الموانئ الوحيد من موجة الهبوط الجماعية للأسهم العمانية التي شهدت انخفاضا بالحد الأقصى أيضا 10 في المائة لعدد من الأسهم من بين 42 سهما سجلت انخفاضا على الرغم من أن قيم التداولات قفزت إلى 22.1 مليون ريال من تداول 26.2 مليون سهم منها 6.4 مليون ريال لسهم خدمات الموانئ الذي ارتفع بنسبة 1.1 في المائة إلى تسعة ريالات .
ولم تفلح التطمينات التي جاءت على لسان وزير التجارة العماني من صلابة الاقتصاد وأن الـهبوط الحاد لا مبرر له في وقف عمليات البيع المكثفة التي شملت جميع الأسهم المتداولة خصوصا الأسهم القيادية مثل سهم عمانتل بنسبة 5.9 في المائة إلى 1.562 ريال، وبنك مسقط 3.8 في المائة إلى 0.948 ريال.
ولم تفلح النتائج القوية التي حققها البنك في الربع الثالث بنمو أرباحه 44 في المائة إلى 90.1 مليون ريال في وقف تدهور السهم، كما تراجع أسهم عدة بالحد الأقصى 10 في المائة منها أسهم ريسوت وعمان للاستثمارات والشرقية للاستثمار وبنك ظفار وحديد الجزيرة والنهضة للخدمات وأونك والعالمية القابضة.
ودعم قرار المصرف المركزي الكويتي بخفض سعر الفائدة 125 نقطة أساس من تقليص السوق لخسائرها الفادحة، حيث تحولت أسهم البنوك القيادية من الهبوط إلى الصعود، خصوصا أسهم بنك الكويت الوطني وبيت التمويل الكويتي، حيث ارتفع الأول بالحد الأقصى 100 فلس والثاني 3.1 في المائة.
وقال بنك الكويت المركزي إن قرار خفض سعر الفائدة يأتي ضمن التطورات المتلاحقة محليا وإقليميا وعالميا والمرتبطة أساسا بالأزمة التي تقصف بالأسواق المالية العالمية وبروز الحاجة إلى ترسيخ الأجواء المحلية الملائمة للتصدي لما قد تفرزه تلك الأزمة من تداعيات.
ويعد سعر الخصم لدى بنك الكويت المركزي سعرا محوريا ترتبط به ضمن هوامش محددة، الحدود القصوى لأسعار الفائدة المحلية على معاملات الإقراض بالدينار الكويتي لدى وحدات الجهاز المصرفي والمالي المحلي وبناء على ذلك يؤدي خفض سعر الخصم لدى بنك الكويت المركزي إلى تخفيض الحدود القصوى لأسعار الفائدة على معاملات الإقراض بالدينار الكويتي لدى وحدات الجهاز المصرفي والمالي المحلي بذات مقدار ذلك التخفيض.
وقال محافظ المصرف المركزي الكويتي إن بنك الكويت المركزي يدرك تماما الأبعاد المتعددة للظروف الاستثنائية التي يمر بها الاقتصاد الوطني عموما والقطاع المصرفي والمالي على وجه الخصوص بالمرحلة الراهنة، فنحن جزء من الاقتصاد العالمي الذي ازدادت اندماجات أسواقه، واتسعت بالتالي مساحة انتشار الاضطرابات المالية التي تنشأ في مراكزه، الأمر الذي تزداد معه أهمية الجهود الاحترازية لزيادة متانة أوضاع الجهاز المصرفي والمالي المحلي في إطار التوجهات الأساسية للسياسات النقدية والرقابية لبنك الكويت المركزي الرامية لتعزيز دعامات الاستقرار النقدي والمالي في الاقتصاد الوطني.
وأكد المحافظ حرص بنك الكويت المركزي واستعداده في هذه المرحلة بالغة الحساسية لتوظيف مختلف الأدوات النقدية والإجراءات الرقابية المتاحة لديه لتعزيز أجواء الثقة وترسيخ دعامات الاستقرار النقدي والمالي في الاقتصاد الوطني.
وارتفعت غالبية أسهم البنوك والاستثمار عقب قرار المركزي مثل سهم البنك التجاري 1.6 في المائة وجلوبل 3.2 في المائة في حين بقي سهم زين للجلسة الرابعة على التوالي يهبط بالحد الأقصى 100 فلس بنسبة 8.6 في المائة إلى 1.060 دينار, ولوحظ أن قيم التداولات قفزت بنسبة كبيرة إلى 206.8 مليون دينار من تداول 409 مليون سهم.
وبقيت سوق البحرين أقل الأسواق خسارة بدعم من تحول سهم بيت التمويل الخليجي السهم الوحيد الذي سجل ارتفاعا بنحو 2.3 في المائة، وهو ما قلص من خسائر السوق التي شهدت ارتفاعا قويا في قيم تداولاتها إلى 2.2 مليون دينار من تداول 3.6 مليون سهم منها 2.1 مليون لسهم بيت التمويل الخليجي.
واستمرت أسهم البنوك والاستثمار والخدمات في الضغط على المؤشر, وسجل سهم مصرف السلام انخفاضا قريبا من الحد الأقصى 9.6 في المائة إلى 0.168 دينار والأهلي المتحد 7 في المائة إلى 0.920 دولار والبركة 6.9 في المائة إلى 2.700 دينار والخليجي 6.2 في المائة إلى 0.272 دينار.