هل يعتقد الخليجيون بصلابة نظامهم المالي ولا يخشون الأزمة؟

هل يعتقد الخليجيون بصلابة نظامهم المالي ولا يخشون الأزمة؟

قال أحد وزراء المالية إن الخليج "بعيد عن هذه الاضطرابات"، بينما كان وول ستريت يتعرض لزلزال وُصِفَ بأنه أسوأ أزمة مالية منذ عام 1929. ولم يكن المزاج تشاؤمياً، حتى في اجتماع لوزراء المالية عقد خلف أبواب مغلقة في جدة الأسبوع الماضي، كما قيل لي. إن تدهور أسواق الأسهم تماشياً مع مثيلاتها في باقي أنحاء العالم، كان سبباً للقلق. ولكن كانت هنالك ثقة بأن الأنظمة المصرفية قوية ومحمية ضد العاصفة التي تستجمع قواها.
مقارنة بالدراما التي تجتاح الولايات المتحدة، فإنه الخليج قد يبدو بالفعل كواحة للاستقرار. ولكن يفترض ألا يكون المسؤولون الماليون، ومحافظو البنوك المركزيون، متفائلين للغاية، حيث إن هذا الأمر هو فوق كل شيء أزمة ائتمانية غير عادية، كما أن معالجتها بدأت للتو، إضافة إلى مضامين وآثار عملية إنقاذ وول ستريت في الولايات المتحدة، وكذلك الاقتصادات العالمية، والدولار، مازالت غير قابلة للتنبؤ.
يأتي هذا الاضطراب في وقت عكست فيه أسعار النفط التي دعمت الانتعاش المدهش في الخليج، اتجاهها التصاعدي، حيث إن سعر برميل النفط، قبل شهرين، ارتفع إلى أن بلغ 145دولاراًً، إضافة إلى توقعات البعض بأن يبلغ 200 دولار. وتراجع سعر البرميل في الأسبوع الماضي إلى ما دون 100 دولار.
قال أحد المصرفيين في ملاحظة سريعة له "إننا لا نعيش على كوكب المريخ، ولذلك فإننا نتأثر بالأزمة، وسيستمر تأثرنا بها".
على ذلك، فإن السؤال هو: كيف سيتأثر الشرق الأوسط، وما الذي يمكن فعله لاحتواء الدمار؟
كانت الضحايا الأولى هي أسواق الأسهم. وتراجع المستثمرون الأجانب سريعاً، كما تبعهم المستثمرون المحليون. وعلى الرغم من أن أسعار الأسهم تصاعدت مرة أخرى انسجاماً مع الأسواق العالمية، إلا أنها سوف تظل متقلبة. كما أن الدعوات لتدخل حكومي من أجل دعم هذه الأسهم، كما فعلت الكويت، الأسبوع الماضي، من خلال صندوق ثروتها السيادي، ستتصاعد دون شك.
كان هنالك أمر آخر بالأهمية ذاتها، ولكن بوضوح أقل، لأثر الأزمة المالية، حيث تمثل في تشديد شروط الائتمان في الأسواق المحلية. وارتفعت التكاليف التي تتحملها البنوك المحلية في الحصول على التمويل من البنوك العالمية، بشدة، على سبيل المثال، بينما أدت قيود البنوك المركزية على الائتمان إلى شحة السيولة، حيث إن تلك كانت الأداة الرئيسية التي استخدمت لمكافحة التضخم.
ضخ البنك المركزي في الإمارات العربية المتحدة، أمس، 50 مليار درهم إمارتي (13.6 مليار دولار أمريكي) لتسهيل التعامل بين البنوك المحرومة من الوصول إلى المؤسسات الغربية. وقد تستمر أزمة الائتمان الخاصة بالخليج، على الرغم من أنها أقل تدميراً.
يتساءل المرء الآن من أن سيأتي تمويل كل هذه المشروعات العملاقة في المنطقة. وأصبحت البنوك الأجنبية أكثر حذراً في قروضها الخاصة بتمويل البنى التحتية حتى قبل الاضطراب الأخير في وول ستريت.
هنالك بالطبع منافع منتظرة يمكن أن تجنيها المراكز المالية الناشئة في الخليج بينما تكتسح موجات الصدمة نيويورك، ولندن. وسيزداد عدد المصرفيين الذين يتعلمون اللغة العربية خلال الأشهر القليلة المقبلة، بينما يصبح العمل في دبي هو الخيار الأشد جاذبية. وكان بعض المصرفيين يواجهون خيار فقدان وظائفهم أو التوجه إلى الخليج، حتى قبل الزلزال الذي ضرب في الأيام الأخيرة.
ولكن كم هو عدد الخبراء الماليين الذين يمكن أن تستوعبهم دبي قبل أن تصاب السوق بحالة من التشبع، ويبدأ المصرفيون بالتساقط بعضهم فوق بعض؟ وفي ظل هذا المزاج المالي المكتئب، فإن البنوك الدولية التي كانت تتوسع في هذه المنطقة، يمكن أن تعود إلى التخندق والتراجع، سواء في دبي، أو أماكن أخرى.
يقول أحد المصرفيين الدوليين "اعتدنا القول إن هنالك الكثير من النمو هنا، وإننا سننمو بينما يتراجع الآخرون. ولكن ذلك لم يعد صحيحاً". وإن مثل هذه المخاوف هي التي تقف وراء الدعوات المتصاعدة إلى مزيد من اليقظة، ولا سيما فيما يتعلق بالقطاع العقاري في دبي الذي تعتمد سلامته على استمرار تدفق الأجانب إلى هذه الإمارة.
وكما كان متوقعاً، فقد أدى الاضطراب المالي إلى تساؤلات جديدة حول مدى نشاط بنوك الإمارات العربية المتحدة في القطاع العقاري في دبي، كما أن المحللين الماليين يحذرون من أن بعض البنوك لديها في دفاترها قروض عقارية كثيرة للغاية.
في هذه الأوقات التي تتسم بعدم اليقين، يفترض أن يسعى صانعو السياسة إلى تقديم مزيد من الشفافية حول سوق دبي العقارية الغامضة. وسيكون على البنك المركزي الإماراتي، أثناء ذلك، تصعيد جهوده لمراقبة انكشاف قطاعه المصرفي.
"فايننشيال تايمز"
خاص بـ "الاقتصادية"

الأكثر قراءة