الأزمة المالية العالمية المعاصرة .. ماذا نفعل حيالها؟

الأزمة المالية العالمية المعاصرة .. ماذا نفعل حيالها؟

بدأت أزمة الرهن العقاري عندما شهد قطاع العقارات رواجا هائلا في الولايات المتحدة في بداية الألفية الثالثة، عندها أصبح الاستثمار العقاري من الاستثمارات المفضلة للكثير من الأمريكيين فاندفعوا إلى الحصول على قروض لشراء العقارات ومن ثم تأجيرها أو بيعها.
وهكذا أصبح قطاع العقارات من أنشط القطاعات في الاقتصاد الأمريكي ثم بدأ نشاطه في التباطؤ، فعجز المقترضون عن سداد أقساط ديونهم وفوائدها، ما عرض الكثير منهم إلى الإفلاس والحجز على عقاراتهم التي لم تجد من يشتريها بسعر مناسب عند عرضها للبيع.
عصفت أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة بالاستقرار الاقتصادي لملايين الناس، وباتت الآن تشكل تهديدا كبيرا بتعطيل الاقتصاد الأمريكي ومختلف النظم الاقتصادية في جميع أنحاء العالم. يكشف الكتاب جذور هذه الأزمة ويضع تدابير جريئة لإيجاد حل لها.
يدعو روبرت شيللر مؤلف الكتاب إلى استجابة قوية تتمثل في إعادة هيكلة الأسس المؤسسية للنظام المالي، وهو ما سيسمح للناس مجددا ببيع وشراء المنازل بثقة أكبر، بل وسيهيئ أيضا الظروف لرخاء أكبر في الولايات المتحدة وفي العالم أجمع والذي صار مترابطا اقتصاديا إلى حد كبير.
يلقي الكتاب باللوم على الوفرة غير المعقولة التي أدت إلى آخر فقاعتين اقتصاديتين، الأسهم في التسعينيات والإسكان في الفترة بين 2000 و2007.
أدت هاتان الفقاعتان إلى الاعتماد المفرط على الاقتراض والذي ظهرت آثاره الآن من عمليات الإفلاس والشطب والإعسار فضلا عن الضغوط الائتمانية العالمية.
لاستعادة الثقة في الأسواق، يرى شيللر أنه على المدى القصير ثمة حاجة إلى الإنقاذ المالي من الحكومات أو المؤسسات أو الأفراد بمساعدة المتعسرين ماليا لتجنب تبعات إعلانهم الإفلاس، ولكنه يؤكد أن الإنقاذ المالي هذا يجب أن يستهدف ضحايا أزمة الرهن العقاري من ذوي الدخل المنخفض.
وعلى المدى البعيد يرى شيللر أن الحل يتطلب من القادة إصلاح الإطار المالي عن طريق نشر مجموعة طموحة من المبادرات الرامية إلى عرقلة تشكل الفقاعات الاقتصادية والحد من المخاطر.
تتضمن هذه المبادرات: تحسين المعلومات المالية، تبسيط العقود والقواعد القانونية، توسيع الأسواق لإدارة المخاطر، تحسين سياسات التأمين على المنازل، ربط قروض المنازل بدخل المقترض، واتخاذ تدابير جديدة لحماية المستهلكين من الآثار الخفية للتضخم.
يعد الكتاب محاولة جادة لنسف الاعتقاد الشائع بأن (الأسعار ترتفع دائما) مستعرضا مداه والأخطار الناتجة عنه ومؤكدا على الحاجة الملحة للإبقاء على الثقة في الاقتصاد والمؤسسات المالية، مقارنا في هذا الصدد بين ردود أفعال الولايات المتحدة ودول أوروبا للكساد العظيم.
يحث الكتاب على اتخاذ حلول أسرع وأكثر جذرية لهذه الكارثة التي يشعر أنها لم يتعامل معها بالجدية الكافية بعد.

الأكثر قراءة