مختصون يدعون إلى إنشاء هيئة لتقويم المنتجات الإسلامية وتحقيق الانسجام بين الهيئات الشرعية

مختصون يدعون إلى إنشاء هيئة لتقويم المنتجات الإسلامية وتحقيق الانسجام بين الهيئات الشرعية

أكد خبراء ومسؤولون في الصناعة الصيرفة الإسلامية الحاجة الملحة إلى إنشاء هيئة شرعية لتقويم المنتجات الإسلامية تكون مظلة لجميع البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية وتختص بتحديد المعايير وتصنيف المنتجات، والتنسيق والانسجام بين عمل الهيئات الشرعية، إلى جانب تأهيل الكوادر البشرية القادرة على تطوير هذه الصناعة.
وقال المختصون خلال الندوة التعريفية في جدة التي نظمها المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية بالتعاون مع المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، بحضور نخبة من أصحاب الفضيلة العلماء والمفكرين إن اهتمام الأفراد بالسؤال عن شرعية الشركات والمنتجات الإسلامية يحتم العمل على إنشاء هيئة تعنى بالتصنيف وإبعاد المؤسسات المالية عن الربا وشوائبه.
وأوضح الشيخ صالح بن حميد رئيس مجلس الشورى قائلاً "لا يسع كل مسلم وغيور إلا أن يسعد لما يجده من حال المصارف الإسلامية ونموها المطرد وانتشار وقبول بين الناس، ولكن ذلك لا يعني أن يقوم المخلصون بالمراجعة والتقويم لبعض الأعمال ووضع المعايير، لاسيما أن هناك جاذبية للمصرفية الإسلامية حتى لدى البنوك التقليدية والتي تحرص كل الحرص على فتح نوافذ إسلامية".
وبيّن الشيخ صالح أن مدى الاهتمام بالشأن الإسلامي في الاقتصاد يتضح من خلال إقبال الناس على السؤال في حال إدراج شركة جديدة للسوق، ومحاولة معرفتهم حكمها الشرعي قبل المشاركة فيها، وهو ما يؤكد أهمية وجود هيئة لتضع المعايير وآليات للرقابة والتصنيف حتى تكون عملا مؤسسياً، وأنا لا أقول إن هناك فوضى في الفتوى على الإطلاق، فهي إذا صدرت من أهلها من العلماء فلاشك أنها معتبرة شرعاً، وإن اختلف العلماء فهي من سماتهم".
وأشار رئيس مجلس الشورى إلى أن المشكلة تتمثل عندما تأتي الفتوى من غير أهلها، أو ليسوا مؤهلين لها، أو عندما يمس الموضوع شأناً عاماً، وفي قضية المصارف أحياناً يأتي غير مختص من المسؤولين الماليين، أو إنسان ضعيف يقوم يوطد الخلافات بين أهل الفقه.
وعاب الشيخ صالح بن حميد على البعض تتبع الرخص وأسلوب "الترقيع" قائلاً "يقوم بعض غير المؤهلين وضعاف النفوس بتتبع رخص العلماء، فيأخذ من هذا، ويأخذ من الآخر وهكذا، وإن كانت فتاوى العلماء معتبرة إلا أن العلماء يقولون من تتبع الرخص قد يخرج من الدين، وهنا يأتي أهمية إنشاء هيئة للرقابة والتصنيف تضبط الأمور على وجهها الصحيح".
وحدد الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية ثلاثة شروط لتقييم المنتجات الإسلامية أولها أن تكون متطابقة ولا تتعارض مع الأحكام الشرعية، ثم أن يكون مناسبة لاحتياجات المتعاملين في السوق، والأمر الثالث أن يكون لها إسهام في تنمية المجتمع وتقدمه، وتابع الدكتور أحمد "ومن أجل الوصول لتحقيق هذه الغاية لابد أن نراعي السوق، ونعلم جميعاً أن سوق الصناعة المالية الإسلامية تتنامى نموا متسارعاً، وتتوسع بشكل كبير ولذلك لتحقيق الأهداف والغايات التي نسعى إليها لابد أن نكون ملمين بهذه السوق واحتياجاتها".
وطالب رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية بعدم الاعتماد على الاجتهادات الفردية فقط في ظل وجود مؤسسات متخصصة في صناعة الصيرفة الإسلامية، وأضاف " لا بد من توظيف هذه الاجتهادات لمعرفة حاجة السوق، وفي الوقت نفسه لابد أن تتم معرفة ما يذهب إليه العملاء مع هذه الصناعة، ولابد أن نوظف المؤسسات المتخصصة لمعرفة ما يدور بين الناس لنستطيع أن نحقق ما نهدف إليه من المنتجات سواء من ناحية تطويرها أو تقييمها".
كما دعا الدكتور أحمد محمد علي إلى الاهتمام البالغ بالعنصر البشري الذي يقوم بتطبيق المنتجات الإسلامية وتنفيذها، وقال "لا يكفي أن يكون هناك موظفون يقومون بهذا العمل بل لابد أن يكون هناك مؤمنون بهذه الرسالة وأن يكونوا قادرين مهنياً وفنياً لتطبيق هذه المنتجات على الوجه الذي يحقق الهدف الذي نسعى إليه".
وأعرب رئيس مجموعة البنك الإسلامي عن استعداد البنك للتعاون مع جميع المؤسسات بما يخدم هذه الصناعة، والتواصل مع السوق والعملاء إلى جانب تأهيل الكوادر التي تستطيع تنفيذ المنتجات التي تبتكر ويتم تقييمها لتتطابق مع أحكام الشريعة والمنتظر أن تسهم في تنمية المجتمعات الإسلامية، مشيراً إلى أن وجود حماس كبير من الجماهير تجاه صناعة المصرفية الإسلامية، لكن يجب أن يستشعر هؤلاء أن هذه الصناعة قادرة على الإسهام في تقدم المجتمع ومعالجة المشكلات التي تواجههم.
وأبان الشيخ صالح كامل رئيس مجلس إدارة الغرفة الإسلامية أن الجمعية العمومية للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية وضعت خطة لتصحيح المسار والمحافظة على النجاح وإبعاد أي إساءات قد تحصل بقصد أو بدون قصد، وتابع "تتضمن هذه الخطة عدة آليات حيث اعتمد مركز اعتماد التدريب المالي الإسلامي وهو جاهز للانطلاق بعد وضع المناهج اللازمة لكل من يعمل في العمل المصرفي الإسلامي، كما تم وضع مركز الرصد والتواصل للمشكلات التي قد يعانيها الجمهور من البنوك أو العكس، وأن يكون هناك تواصل لحل هذه المشكلات حتى لا يساء لهذه المسيرة من خارجها أو من داخلها، أما الآلية الثالثة فهي الهيئة الشرعية للتصنيف والرقابة وهي لا تصادم الهيئات الشرعية للبنوك ولا المجالس الشرعية، وإنما وضعت لتصنيف المنتجات من جهة المقاصد والآليات والمآل".
من جهته أكد الدكتور صابر محمد حسن محافظ البنك المركزي السوداني أن الهدف الذي يسعى إليه الجميع هو خلق نظام مالي إسلامي معافى من الربا وشوائبه، محققاً للعدالة في توزيع الأرباح وتحمل الخسائر، منوهاً بأهمية التنسيق والانسجام والتكامل بين مختلف الهيئات، محذراً في الوقت نفسه من أن ما يحدث اليوم على أرض الواقع من اختلاف التوجه وتضارب الفتاوى والتقييم قد أربك الممارسون في الصناعة المالية.
وأرجع رئيس البنك المركزي السوداني غياب التنسيق والتكامل إلى أن العلماء في الهيئات الشرعية يأتون بخلفيات متفاوتة وثقافات دينية متنوعة ومدارس مذهبية مختلفة ولهذا تختلف فتاواهم وقد تتعارض في بعض الأحيان، إلى جانب رغبة الكثيرين من المشتغلين في الصيرفة الإسلامية في مواكبة تطورات الصناعة المالية العالمية حتى لو كان ذلك على حساب الثوابت الشرعية.

الأكثر قراءة