قلق في البورصات مع مرور العاصفة على الشركات المالية

قلق في البورصات مع مرور العاصفة على الشركات المالية

مشاعر اللبس حول صحة القطاع المالي العالمي هيمنت على مزاج السوق هذا الأسبوع في الوقت الذي تراجعت فيه موجة مبكرة من النشوة حول إنقاذ وكالتي فاني ماي وفريدي ماك أمام المخاوف من أن بنك ليمان براذرز Lehman Brothers يمكن أن يكون هو الضحية المقبلة.
عانت أسواق الأسهم والسندات من تقلبات واسعة، في حين أن الدولار استمر في اجتذاب المشترين، وهبطت السلع في الوقت الذي عملت فيه الآفاق غير المعروفة للنمو الاقتصادي العالمي على إشعال موجة من الحذر والابتعاد عن المخاطر.
قال لوكا كازولاني، وهو محلل استراتيجي لدى بنك يوني كريدت UniCredit: "إن إنقاذ وكالتي فاني ماي وفريدي ماك كان له أثر إيجابي ولكن قصير الأجل على المزاج العام للمستثمرين".
وأضاف: "أزمة بنك ليمان براذرز أبقت التقلب عالياً، وربما تأتي عطلة نهاية الأسبوع بأنباء مهمة أخرى. ونحن نتوقع أن يظل التركيز قائماً على القطاع المالي في الوقت الذي ستبلغ فيه البنوك الأمريكية عن أرباح الربع الثالث خلال الأيام المقبلة".
يذكر أن أسهم بنك ليمان هبطت بنسبة 77 في المائة خلال الأسبوع، الأمر الذي كان من شأنه إحداث ضعف عبر القطاع المالي الأمريكي، رغم أن الأسهم بصورة عامة كانت نتائجها متباينة.
بحلول منتصف يوم الجمعة في نيويورك ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بمقدار 0.5 في المائة على مدى الأيام الخمسة الماضية، رغم أن المستثمرين الأوروبيين كان يبدو أنهم يتمتعون بقدر من الثقة يفوق كثيراً ما كان لدى المستثمرين الأمريكيين، وهذا ما دفع بمؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 إلى الأعلى بمقدار 3.3. وفي طوكيو أقفل مؤشر نيكاي 225 دون تغير.
توسعت الفروق على عقود التأمين المتبادلة على الوضع الائتماني لبنك ليمان بصورة حادة، ولكن أسواق الائتمان بصورة عامة لم تكن في حالة من التخوف والتحسب كما كانت عليه الحال خلال الفترة التي سبقت انهيار بنك بير شتيرنز في آذار (مارس).
كان أبلغ دليل على عمق الإحساس بالحذر والابتعاد عن المخاطر من قبل المستثمرين هو الهبوط الحاد في موجودات الأسواق الناشئة. سجل مؤشر بنك مورجان ستانلي المركب لأسهم الأسواق الناشئة MSCI EM equity أدنى مستوى له منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، في الوقت الذي هبط فيه مؤشر آر تي إس RTS الروسي بمقدار 8.7 في المائة، وهبط مؤشر شنغهاي المركب بمقدار 5.6 في المائة.
سجلت الفروق بين العوائد على السندات السيادية للأسواق الناشئة وبين سندات الخزانة الأمريكية أوسع مدى لها منذ أكثر من ثلاث سنوات، في حين أنه في أسواق العملات هبط الراند (عملة جنوب إفريقيا) بنحو 3 في المائة خلال الأسبوع، وهبط الريال البرازيلي بمقدار 5.6 في المائة، حتى في الوقت الذي رفع فيه البنك المركزي البرازيلي أسعار الفائدة بنسبة عالية مقدارها 75 نقطة أساس لتصل إلى 13.75 في المائة، وهي أعلى زيادة منذ نحو سنتين.
وفقاً لأحدث تقرير مسح من بنك ميريل لينتش Merrill Lynch حول العملات الأجنبية العالمية ومستثمري السندات، فإن المستثمرين تحولوا نحو العملات ذات الوزن الضعيف في الأسواق الناشئة للمرة الأولى منذ عام 2002، حيث بلغ الانكشاف أمام الدولار الأمريكي أعلى مستوى له منذ تموز (يوليو) 1999.
قال ستيف مايلون، وهو محلل استراتيجي لدى بنك سكوشيا كابيتال Scotia Capital: "العامل المساعد للضعف الأخير في عملات الأسواق الناشئة أخذ يتقلب من التضخم المتصاعد وما صاحب ذلك من تحديات في السياسة النقدية، إلى تباطؤ النمو الاقتصادي".
وحيث إن البلدان الصناعية تأخذ تقريباً نصف صادرات العالم الناشئ، حسب إحصائيات صندوق النقد الدولي، فإن الأمر كان مجرد مسألة وقت قبل أن تحدث المخاوف من تباطر النمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة أثرها في سوق العملات.
كذلك كان التخوف من المخاطر واضحاً في بلدان أخرى في أسواق العملات، حيث استفاد الين من التفكك المتواصل للتجارة الحملية، التي يبيع فيها المستثمرون العملات ذات العائد المنخفض مثل الين لتمويل مشتريات موجودات أكثر خطورة ولكنها ذات عوائد أعلى.
سجل الين أعلى مستوى له أمام اليورو خلال سنة، كما حقق بعض المكاسب من العملات المستفيدة من التجارة الحملية، مثل الدولار النيوزيلندي والدولار الأسترالي، خصوصاً بعد أن خفض البنك المركزي النيوزيلندي أسعار الفائدة بنسبة غير المتوقعة هي 50 نقطة أساس.
ولكن الين هبط أمام الدولار في الوقت الذي استمرت فيه المخاوف من آفاق النمو الاقتصادي خارج الولايات المتحدة في دفع الدولار إلى الأعلى أمام جميع العملات تقريباً.
قال ديفيد بلوم، رئيس القسم العالمي لاستراتيجية العملات الأجنبية لدى بنك إتش إس بي سي HSBC: "حتى الآن لدينا صور عن الناتج المحلي السالب في نيوزيلندا، كندا، اليابان، وألمانيا. ومن الواضح أن الاقتصادات الأخرى تشهد حالة من التدهور السريع. أي أن الدولار يستفيد من بؤس الآخرين".
هبط اليورو إلى ما دون مستوى 1.40 دولاراً، وهو أدنى مستوى له منذ 12 شهراً، في حين أن الاسترليني هبط إلى أدنى مستوى له منذ سنتين ونصف أمام الدولار.
عانت السندات الحكومية من أسبوع متقلب في الوقت الذي استدل به المستثمرون من تحركات أسواق الأسهم. كان من شأن الاندفاع الكبير في أسواق الأسهم يوم الإثنين أن دفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل سنتين إلى 2.52 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ شهر، رغم أنه بحلول منتصف يوم الجمعة عاد فهبط إلى 2.24 في المائة، وبذلك انتهى دون تغير على مدى الأسبوع.
قال جون هيجينز من كابيتال إيكونومكس Capital Economics: "حيث إن المستثمرين يحتسبون الآن احتمالاً يبلغ نحو الثلث بأن يقوم البنك المركزي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بنهاية العام، فإن العائد على السندات لأجل سنتين لا يكاد يرتفع عن أسعار الفائدة التي يحددها البنك المركزي".
ولكن العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل ثلاثة أشهر، التي يُنظَر إليها على نطاق واسع على أنها أكثر الموجودات سيولة في العالم، هبط بمقدار 22 نقطة أساس ليصل إلى 1.48 في المائة، ما يشير إلى إحساس عام من اللبس والإبهام بين المستثمرين.
في أوروبا ارتفع العائد على سندات الحكومة الألمانية بمقدار 16 نقطة أساس ليصل إلى 4.19 في المائة.
كان الأسبوع الماضي أسبوعاً مهماً بالنسبة لأسواق السلع، على اعتبار أن سعر الخام القياسي الأمريكي هبط ووصل قاب قوسين أو أدنى من مستوى 100 دولار للبرميل، حتى بعد أن فاجأت "أوبك" السوق بخطط لتخفيض الإنتاج.
هوى الذهب إلى ما دون 750 دولاراً للأونصة، مسجلاً بذلك أدنى مستوى له منذ 11 شهراً، قبل أن يتعافى ويرتفع فوق هذا المستوى يوم الجمعة.

الأكثر قراءة