الشركات الأمريكية تتخوف من الاستثمار في ليبيا رغم تحسن العلاقات

الشركات الأمريكية تتخوف من الاستثمار في ليبيا رغم تحسن العلاقات

جاء الإعلان عن زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس للعاصمة الليبية هذا الأسبوع، بمثابة ضوء أخضر للشركات الأمريكية التي ظلت بعيدة عن ليبيا لفترة طويلة.
لكن الدخول إلى ليبيا الغنية بالنفط قد يكون الجزء السهل من المهمة. ويقول محللون إن تفشي البيروقراطية وعدم اتساق عملية صنع القرار والارتياب الذي تراكم عبر عشرات السنين من العزلة كل هذا يعني أن الشركات الأجنبية قد تواجه صعوبات في الاستفادة الكاملة من فرص الكسب الكثيرة في ليبيا.
وتحسنت العلاقات - الأمريكية الليبية بشدة منذ عام 2003 عندما تخلت ليبيا عن برنامج للأسلحة المحظورة، واستفاد البلدان من رفع العراقيل التي كانت تقف في طريق التجارة والاستثمار.
ودخلت شركات أمريكية قطاع النفط والغاز الليبي بعد انتهاء العقوبات لكن شركات كثيرة أحجمت خشية أن تجمد المحاكم الأمريكية أصولها لإبرامها تعاملات مع ليبيا قبل تسوية مطالب بتعويضات عن أعمال إرهابية. وانحسرت هذه المخاوف هذا الشهر بعد أن اتفق البلدان على إقامة صندوق لتسوية هذه المطالب.
وقال ديفيد جولدوين المدير التنفيذي لاتحاد الأعمال الأمريكي - الليبي في واشنطن "ما أن يتم تمويل الصندوق أعتقد أنه سيكون له أثر كبير في توسع الأعمال الأمريكية في ليبيا والأعمال الليبية في الولايات المتحدة".
وأضاف أن هيئة الاستثمار الليبية التي تتطلع لاستثمار إيرادات النفط المتزايدة ستتمكن من الاستثمار في الولايات المتحدة أو الانضمام للشركات الأمريكية لدخول أسواق أخرى.
ورفعت واشنطن وضع مكتب الاتصال التابع لها في طرابلس إلى مستوى السفارة عام 2006 لكن وجودها الدبلوماسي مازال محدودا.
ومن المتوقع أن تعمل زيارة رايس هذا الأسبوع، وهي الأولى من نوعها منذ أكثر من نصف قرن، على تمهيد السبيل أمام تبادل السفراء وتيسير إجراءات استخراج التأشيرات وتسهيل منافسة الشركات الأمريكية في التجارة والاستثمار.
وزار عدد من الزعماء الأوروبيين ليبيا لإبرام صفقات. ويوم السبت الماضي وافقت إيطاليا على دفع مبلغ خمسة مليارات دولار تعويضات عن فترة الحكم الاستعماري وحصلت في المقابل على وعود بإبرام صفقات في قطاع الطاقة وغيرها.
وقال ديفيد حمود رئيس غرفة التجارة الأمريكية - العربية "الشركات الأمريكية ستواجه منافسة ضارية مع الشركات الأوروبية والآسيوية وغيرها ولذلك نحتاج إلى ركوب الطائرة والسفر إلى ليبيا وبناء علاقات وجها لوجه".
وتظهر أرقام حكومية أمريكية أن التجارة مع ليبيا نمت من الصفر عام 2003 إلى 3.9 مليار دولار العام الماضي أي ما يزيد على أربعة أمثال تجارة أمريكا مع تونس جارة ليبيا والتي يزيد عدد سكانها بكثير على سكان ليبيا.
وحصلت صناعات الطاقة في ليبيا على أكثر من 40 مليار دولار عام 2007 وتريد الحكومة مضاعفة طاقة إنتاج النفط تقريبا إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2012.
وسيستخدم جانب من هذه العوائد في تطوير طرق وموانئ ومدارس ومصانع في ليبيا التي يبلغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة.
وقال راجيف سينج موراليس الشريك في مجموعة مونيتور جروب ومقرها بوسطن والتي أصدرت تقريرا اقتصاديا استراتيجيا عن ليبيا إن شركات أمريكية كبرى في قطاعات البناء والمشروبات والبرمجيات وغيرها دخلت السوق الليبية وحققت نتائج متباينة.
وقال "على الشركات الأجنبية أن تجد شركاء محليين وأناسا يفهمون البيئة. ليبيا مازالت تتطلب تكريسا ومثابرة لكن من المؤكد أنها تستحق ذلك".
ولابد من الموازنة بين إغراء العقود المربحة ومخاطر العمل في ليبيا التي تخوض فيها جماعات لها مصالح قوية معركة كبرى من أجل النفوذ والسيطرة.
وللعديد من الوزارات والمجموعات القبلية قول في السياسة وهو أمر يمكن أن يسهم في دعم الاستقرار السياسي لكنه يبطئ عملية اتخاذ القرار.
وفي السنوات الأخيرة خفف الزعيم الليبي معمر القذافي من نظامه الاشتراكي، لكن المحللين يقولون إن ثقافة الشفافية في الأعمال لا وجود لها.
ومن العوامل التي غلفت توقعات صفقات الأعمال بغلالة من الغموض تشوش السياسات لدى فئات السلطة العليا.
وقال القذافي مرارا إنه لا بد من إلغاء جانب كبير من البيروقراطية الليبية بما في ذلك وزارات رئيسة، على أن يتولى الشعب عملية صُنع القرار وإدارة الثروة.
ودعا ابنه سيف الإسلام لإصلاحات إدارية ووضع دستور لكنه دافع عن نظام الحكم الفريد الذي أسسه والده للحكم من خلال اللجان الشعبية الذي يقول منتقدون إنه ستار لحكم دكتاتوري.
وقال جيمس كيترر خبير العلاقات الدولية في جامعة نيويورك "هذه البيانات تشيع جوا من الغموض في المشهد بأسره هناك".
وقررت بعض شركات الطاقة الأمريكية أن العوائد المحتملة تفوق المخاطر. وحصلت شركات: إكسون موبيل وأوكسيدنتال وشيفرون وأميرادا هيس، على امتيازات للتنقيب عن النفط في ليبيا عام 2005. ومنذ ذلك الحين شددت ليبيا الشروط على شركائها الأجانب في مجال النفط.
ويقول محللون إن القرار ينبع فيما يبدو من رغبة للسماح لليبيا بالاستفادة من ارتفاع الأسعار العالمية وليس إبعاد المستثمرين الأجانب. وإلى أن يبدأ الإنتاج من حقول جديدة فإن الشركات الأجنبية ترى أرباحا أسرع في رفع معدلات استخراج النفط من الحقول القديمة.

الأكثر قراءة