المستثمرون يتدافعون للاحتماء بالملاذات الآمنة مع تزايد الاتجاهات نحو الهبوط
تعرضت الأسواق المالية هذا الأسبوع لهزات عنيفة في الوقت الذي أرسلت المخاوف من آفاق الاقتصاد العالمي، وازدياد المخاوف على صحة البنوك، والهبوط في أسعار السلع، أرسلت رجفات قوية خلال منصات التداول.
أصيبت الأسهم من أولها إلى آخرها بضربات قوية. سجل مؤشر ستاندارد آند بورز 500 خسائر لليوم الرابع على التوالي مقدارها 3.6 في المائة. وكانت الأسواق الأمريكية مقفلة يوم الإثنين بسبب عطلة عيد العمال. وعانى مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 خسائر لثلاثة أيام متتالية، في حين أن مؤشر فاينانشال تايمز 100 عانى أسوأ أسبوع له منذ ست سنوات. وأقفل مؤشر نيكاي 225 عند أدنى مستوى له منذ خمسة أشهر. وأقفل بخسارة مقدارها 2.75 في المائة في اليوم عند 1212.23.
قال إدموند شينج، وهو محلل استراتيجي للأسهم الأوروبية لدى بنك بي إن بي باريبا BNP Paribas: "لا تزال في الاتجاه العام نحو هبوط الأسعار. فالأرقام الاقتصادية سيئة، والبنوك في وضع سيئ، وكل إنسان يشعر بالتوتر الشديد. وباعتبار أن هذا هو أول أسبوع بعد العطلة فإنه يعد أسبوعاً سيئاً للغاية".
كانت الأرقام المهمة يوم الجمعة هي معدل البطالة في الولايات المتحدة، الذي قفز على نحو غير متوقع في آب (أغسطس) إلى أعلى مستوى له منذ خمس سنوات وهو 6.1 في المائة. وهبط عدد العاملين للشهر الثامن على التوالي، ما رفع من خطر حدوث كساد اقتصادي في الوقت الذي تواجه فيه الأسر سوق عمل متضعضعة ومعدل تضخم عال.
قال ستيفن ستانلي، وهو كبير الاقتصاديين لدى بنك آر بي إس جرينتش كابيتال RBS Greenwich Capital: "إن القفزة البالغة 1.3 في المائة في معدل البطالة خلال الأشهر الستة السابقة هي أعلى قفزة خلال هذه الفترة القصيرة منذ عام 1982".
من جانب آخر، هبط الإنتاج الصناعي في ألمانيا بمقدار 1.8 في المائة في تموز (يوليو). وكان هذا المعدل أسوأ بكثير من معدل 0.5 في المائة الذي توقعه الاقتصاديون، ويضيف دليلاً آخر على الكساد الذي يحوم في الجو في أكبر اقتصاد أوروبي.
أقفل مؤشر فاينانشال تايمز 100 عند 5240.7، أي بهبوط مقداره 2.25 في المائة خلال اليوم، وأقفل مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 عند 1125.48، أي بهبوط مقداره 2.2 في المائة، وأقفل مؤشر ستاندارد آند بورز 500 عند 1232.35 في تداولات لندن المتأخرة، أي بهبوط مقداره 0.2 في المائة.
كانت أكبر الأسهم الخاسرة خلال الأسبوع هي أسهم البنوك وشركات الموارد (التي تضررت بسبب الهبوط في أسعار السلع) وأسهم شركات التكنولوجيا.
هبط مؤشر ناسداك بمقدار 5.5 في المائة منذ يوم الثلاثاء، في الوقت الذي عمل فيه تدهور آفاق النمو الاقتصادي على الإضرار بصورة كبيرة بقطاع التكنولوجيا.
كان أكبر قدر من الهبوط في أسهم "نوكيا"، وهي أكبر شركة لصناعة الهواتف الجوالة في العالم، وجاء الهبوط بعد خمسة أشهر من توقع هبوط في حصة الشركة السوقية في الربع الثالث، لأن الشركات المنافسة خفضت الأرباح وتم تأجيل إطلاق جهاز جديد. هبطت أسهم "نوكيا" بمقدار 9.6 في المائة.
ظلت البورصة الروسية تحت الضغط، حيث هبط مؤشر آر تي إس بمقدار 11 في المائة ليصل إلى 1469.85، في الوقت الذي أثرت فيه المخاوف السياسية في المزاج العام.
في أسواق الأسهم الأخرى أقفل مؤشر داكس في ألمانيا بهبوط مقداره 2.42 في المائة ليصل إلى 6127.44 نقطة، في حين أن مؤشر كاك 40 الفرنسي أقفل بهبوط مقداره 2.49 في المائة عند 4196.6 نقطة.
استمرت تداولا ت السلع في التراجع، حيث هبط المؤشر القياسي، وهو مؤشر رويترز جيفريز سي آر بي، إلى أدنى مستوى له منذ أوائل شباط (فبراير).
هبط سعر النفط إلى 106 دولارات للبرميل، بهبوط مقداره 1.5 دولار أثناء اليوم، في حين أن المعادن الخسيسة هبطت إلى نسب تصل إلى 6 في المائة أثناء اليوم. هبط النحاس بمقدار 4.75 في المائة ليصل إلى 6895 دولاراً للطن، وهو أدنى مستوى له منذ كانون الثاني (يناير).
المخاوف المتصاعدة والحذر الزائد والتخوف من الخسائر، أدت إلى هروب المستثمرين باتجاه الاستثمارات النوعية، حيث هبط العائد على السندات لأجل عشر سنوات إلى أدنى مستوى له منذ أربعة أشهر في أوروبا. وهبط العائد على السندات الحكومية الألمانية لأجل عشر سنوات ليصل إلى 4.0 في المائة في تداولات لندن المتأخرة، رغم الفروق بين ألمانيا والبلدان الأخرى، مثل إيطاليا، ارتفعت إلى مستويات قياسية منذ إنشاء اليورو في كانون الثاني (يناير) 1999، ما يشير إلى رغبة المستثمرين في التعامل في أكثر الأوراق المالية أماناً.
ارتفعت أسعار سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات، حيث هبط العائد ليصل إلى 3.63 في المائة، في حين أن العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات هبط إلى 3.56 في المائة في إحدى المراحل.
قال محللون إن معظم أسواق السندات استفادت من أرقام معدلات البطالة في الولايات المتحدة، في الوقت الذي تحول فيه المستثمرون بعيداً عن الأسهم واتجهوا نحو الموجودات التي يكون أداؤها في العادة أفضل في أوقات الكساد الاقتصادي.
قال جيوسيبي مارافينو، وهو محلل استراتيجي لاستثمارات الدخل الثابت لدى بنك يوني كريدي UniCredit: "استفادت السندات، خصوصاً السندات الألمانية. ما نراه هو السعي نحو الاستثمارات النوعية في الوقت الذي يريد فيه المستثمرون الراحة عبر الاستثمارات المأمونة".
لكن عملات السلع تعرضت للضغط، حيث هوى الدولار الأسترالي بمقدار 5.5 في المائة ليصل إلى أدنى مستوى له منذ سنة، وهو 0.8090 مقابل الدولار الأمريكي، وهبط بنسبة 7.4 في المائة أمام الين ليصل إلى 86.05 ين.
هبط الدولار النيوزيلندي إلى أدنى مستوى له خلال عام، حيث هبط بمقدار 4.9 في المائة أمام الدولار الأمريكي ليصل إلى 0.6645 دولار أثناء الأسبوع وخسر 6.6 في المائة أمام الين ليصل إلى 70.78 ين.
وإضافة إلى أرقام الإنتاج الضعيفة في ألمانيا، كشف البنك المركزي البريطاني يوم الجمعة أن معدل الموافقات على القروض السكنية في بريطانيا سجل مستوى هابطاً جديداً في تموز (يوليو)، ما أثار المخاوف من أن سوق الإسكان الهشة في بريطانيا ستؤدي بالاقتصاد إلى طور الكساد. هبط الجنيه الاسترليني بمعدل 2.2 في المائة ليصل إلى 1.7695 دولار أثناء الأسبوع، مسجلاً بذلك أدنى مستوى له منذ نيسان (أبريل) 2006.