"أرامكو" تتجاوز نقص الأيدي العاملة والمقاولين وتطلق أكبر إضافة منفردة لإنتاج النفط العالمي
أعلن مصدر في شركة أرامكو السعودية أمس، أن الشركة بدأت الإنتاج من حقل نفط الخرسانية الذي تبلغ طاقته 500 ألف برميل يوميا. ويعد الحقل أكبر إضافة منفردة لإنتاج النفط العالمي منذ عدة سنوات، وكان من المقرر أصلا أن يبدأ الإنتاج في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وقال المصدر إن حقل الخرسانية "يعمل وينتج نفطا.. ومعدلات الإنتاج تتوقف على أهداف الإنتاج الشهرية للشركة.
إن المملكة تمتلك أضخم برنامج لتعزيز الطاقة الإنتاجية في العالم، لكن هناك بعض المخاوف بشأن كيفية تنفيذ ذلك البرنامج في ظل النقص الكبير على مستوى العالم في الأيدي العاملة والمقاولين المهرة, حيث أدت تلك الظروف إلى تأخير مشروع الخرسانية الذي يبلغ إنتاجه 500 ألف برميل يومياً, الذي كان مخططاً أن يبدأ إنتاجه في نهاية العام الماضي، ولكنه تأجل إلى نهاية تموز (يوليو) الماضي.
وهناك خطط توسعية أخرى قائمة يتوقع أن ترفع إجمالي الطاقة الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل في اليوم خلال عام 2009 مقارنة بحجم الإنتاج الحالي الذي يبلغ نحو 11.3 مليون برميل في اليوم. إضافة إلى ذلك تم وضع خطط لرفع الطاقة الإنتاجية السعودية إلى 15 مليون برميل في اليوم في حالة الضرورة حيث ظل هذا المستوى الأكبر من الطاقة الإنتاجية ضمن الخطة القائمة لعدد من السنوات.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
هبطت أسعار النفط خلال الشهر الماضي بعد أن أدى التأثير التراكمي لتباطؤ نمو الطلب مقروناً بزيادة العرض إلى وقف الاستمرار في ارتفاع أسعار النفط. وتوقع تقرير صدر أمس عن "جدوى للاستثمار" أن يبلغ متوسط سعر خام غرب تكساس القياسي 110 دولارات للبرميل هذا العام (أي ما يعادل 105 دولارات للبرميل للخام السعودي) ثم ينخفض إلى 103.75 دولار عام 2009 ويرتفع إلى 117.5 دولار عام 2010 (ما يعادل 98.5 دولار و111.5 دولار للخام السعودي على التوالي). وتبقى أسعار النفط عند هذا المستوى إيجابية بطريقة استثنائية لمستقبل الاقتصاد في السعودية.
هبطت أسعار النفط 30 دولاراً للبرميل خلال الشهر الماضي, حيث وصل سعر خام غرب تكساس القياسي في 1 أيلول (سبتمبر) إلى 111 دولاراً للبرميل مقارنة بأعلى مستوى سجله على الإطلاق وهو 145.3 دولار للبرميل في 3 تموز (يوليو). ويعتبر هبوط بهذا الحجم مقاساً بالدولارات (وليس كنسبة مئوية) غير مسبوق إذا وضعنا في اعتبارنا حقيقة أن متوسط سعر البرميل من خام غرب تكساس لم يتعد 28.8 دولار للبرميل طيلة الفترة بين عامي 1988 و2007.
وكانت العوامل التي تسببت في الهبوط الأخير للأسعار هي نفسها التي قادت إلى ارتفاعها خلال الأعوام القليلة الماضية والمتمثلة في العرض والطلب وتفاعلهما مع أسواق المال. لقد أدى ارتفاع الأسعار إلى انخفاض الطلب بدرجة كبيرة, والذي لا يزال يشهد تناقصاً في كثير من بقاع العالم. ونجم عن تباطؤ نمو الطلب أن خفت حدة المخاوف من انخفاض حجم العرض, وهي مخاوف قلت حدتها بدرجة أكبر بفضل زيادة المملكة إنتاجها والتأكيد بوجود خطط لتوسيع طاقتها الإنتاجية (تعتبر المملكة أكبر دولة مصدِّرة للنفط وهي الوحيدة التي لها قدرة احتياطية كبيرة لزيادة الطاقة الإنتاجية). وأسهمت أسواق المال في مضاعفة آثار تلك التغيرات, كما خلقت زخماً على الأسعار على المدى القصير.
ظهرت دلائل انخفاض الطلب في جميع أنحاء العالم ولكنها كانت أكثر وضوحاً في الولايات المتحدة حيث تأثر المستهلك الأمريكي بصفة خاصة بالتغيرات في أسعار النفط بسبب انخفاض الضرائب على الوقود. وتنبأت وكالة الطاقة الدولية بانخفاض الطلب على النفط في الولايات المتحدة بمقدار 600 ألف برميل يومياً هذا العام وجاء الاستهلاك في النصف الأول من هذا العام أقل بنسبة 3.7 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2007. ويبدو أن الارتفاع الهائل في أسعار النفط أدى إلى تغيير جوهري في عادات استهلاك النفط في الولايات المتحدة حيث هبطت نسبة مبيعات الشاحنات الخفيفة (والتي تشمل السيارات الرياضية التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود) إلى 45 في المائة من إجمالي مبيعات السيارات في تموز (يوليو) مقارنة بنسبة 60 في المائة قبل عامين.
لقد وفرت الأسعار الثابتة لبيع الوقود بالتجزئة في عديد من الأسواق الناشئة الرئيسة الحماية للمستهلكين من التأثير في ارتفاع أسعار النفط بصورة كبيرة إلا أن الحكومات شرعت تمرّر بصفة متزايدة التكاليف إلى المستهلكين, ما أثر في الطلب. فعلى سبيل المثال قادت الضرائب المرتفعة في أوروبا إلى تقليص استجابة أسعار بيع الوقود بالتجزئة للتغييرات التي حدثت في أسعار النفط حيث وصلت الأسعار على الرغم من تلك التغييرات إلى مستويات قياسية ولجأ المستهلكون إلى خفض صرفهم على الوقود بقدر الإمكان.
وفي الوقت الذي تباطأ فيه الطلب شرع العرض في التزايد ما حدا بالمملكة إلى رفع إنتاجها في حزيران (يونيو) بمقدار 300 ألف برميل في اليوم في محاولة منها لكبح جماح الأسعار، كما أنها وعدت خلال قمة للدول المنتجة والمستهلكة للنفط عقدت في جدة في تموز (يوليو) بإضافة 250 ألف برميل أخرى يومياً. وكنتيجة لتلك الزيادات بلغ إجمالي إنتاج المملكة من النفط 9.7 مليون برميل يومياً وهو أعلى مستوى إنتاج لها منذ آب (أغسطس) 1981 عندما كانت المملكة تسعى إلى سد النقص في المعروض من النفط الذي نجم عن الحرب العراقية - الإيرانية.
وشدد الاتفاق الذي انبثق عن مؤتمر جدة على أهمية ضمان وجود طاقة إنتاج احتياطية كافية في جميع القطاعات المتعلقة بصناعة النفط مثل قطاعات التنقيب والإنتاج والتكرير والتسويق, كما أكد على استخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة. وقد ركزت أسهل التوصيات تنفيذاً وأكثرها تأثيراً في أسعار النفط على تحسين مستوى الشفافية ونشر بيانات سوق النفط وكذلك بيانات تفاعل سوق المال مع تلك السوق في حينها, وتم الاتفاق على عقد اجتماع متابعة في وقت لاحق من هذا العام في لندن.
في أعقاب مؤتمر جدة قدّمت شركة النفط الوطنية السعودية (أرامكو) لبعض الحضور عرضاً مفصلاً عن خططها التوسعية في المستقبل, التي تعيد تأكيد أن تلك الخطط في طريقها إلى التنفيذ. وفي الحقيقة تمثل محدودية طاقة الإنتاج الاحتياطية على مستوى العالم (والتي تقدّر بـ 1.5 إلى مليوني برميل في اليوم) أحد العوامل التي تزيد من ارتفاع الأسعار. وفي ظل تلك الظروف سيؤدي أي انقطاع للإمدادات (سواء كان نتيجة لسوء الأحوال المناخية أو الإضرابات العمالية أو أعمال التخريب أو التوترات السياسية) إلى خلق ارتفاعات حادة في الأسعار.
وتمتلك المملكة أضخم برنامج لتعزيز الطاقة الإنتاجية في العالم, ولكن هناك بعض المخاوف بشأن كيفية تنفيذ ذلك البرنامج في ظل النقص الكبير على مستوى العالم في الأيدي العاملة والمقاولين المهرة, حيث أدت تلك الظروف إلى تأخير مشروع الخرسانية الذي يبلغ إنتاجه 500 ألف برميل يومياً, الذي كان مخططاً أن يبدأ إنتاجه في نهاية العام الماضي ولكنه تأجل إلى نهاية تموز (يوليو) العام الحالي. وهناك خطط توسعية أخرى قائمة يتوقع أن ترفع إجمالي الطاقة الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل في اليوم خلال عام 2009 مقارنة بحجم الإنتاج الحالي الذي يبلغ نحو 11.3 مليون برميل في اليوم. إضافة إلى ذلك تم وضع خطط لرفع الطاقة الإنتاجية السعودية إلى 15 مليون برميل في اليوم في حالة الضرورة حيث ظل هذا المستوى الأكبر من الطاقة الإنتاجية ضمن الخطة القائمة لعدد من السنوات ولكن تم تجاهله على ما يبدو طيلة الـ 18 شهراً الماضية, حيث صرحت وزارة البترول عدة مرات أنه ليست هناك حاجة إلى هذه الطاقة الإنتاجية الإضافية. وبالتأكيد يحتاج اتخاذ القرار بشأن المضي قدماً في تنفيذ هذه الطاقة الإنتاجية الجديدة إلى بعض الوقت، إلا أن المملكة بإعطائها التفاصيل الأساسية أعادت التأكيد لسوق النفط على أن المزيد من النفط سيكون في متناول اليد إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
تبلغ تكلفة مشاريع رفع الطاقة الإنتاجية الخمس المخططة حتى عام 2011 نحو 60 مليار دولار, وهي مشاريع ستؤدي إلى زيادة إنتاجية مرتقبة من النفط في حدود 2.95 مليون برميل في اليوم (أي ما يعادل 3 في المائة من إنتاج العالم من النفط وأكثر من إجمالي الإنتاج في الكويت أو الإمارات). أما إجمالي الإنتاج الفعلي فسيزداد بأقل من هذه الكمية لأن "أرامكو" تفترض انخفاض في حجم الإنتاج في مواقع أخرى. وسيؤدي صافي الطاقة الإضافية إلى رفع الطاقة الإنتاجية من مستواها الحالي البالغ 11.3 مليون برميل في اليوم إلى 12.5 مليون برميل, أي بزيادة قدرها 1.2 مليون برميل يومياً. وسيكون معظم الطاقة الإنتاجية المتوقعة خلال السنوات القليلة المقبلة من الخام الخفيف.
ويظل النقص في الطاقة التكريرية المناسبة أحد العوامل التي تسهم في رفع أسعار الخام الخفيف. وحالياً يمثل الخام الثقيل معظم طاقة الإنتاج الاحتياطية المتاحة على مستوى العالم وهو خام يتطلب عمليات تكرير معقدة ومكلفة, وكثير من المصافي غير مصممة للتعامل معه, ما يزيد الطلب على الخامات الأخف التي تسعى المملكة إلى توفيرها خلال السنوات القليلة المقبلة.
وشهدت الاستثمارات المالية في النفط والسلع الأخرى طفرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة حيث تقدر قيمة الاستثمارات السلعية في النفط التي تديرها المؤسسات المالية حالياً بنحو 250 مليار دولار مقارنة بعشرة مليارات دولار فقط عام 2000. واستخدم النفط بصفة خاصة كاستثمار تحوطي مقابل الدولار وذلك لأن أسعاره مقوّمة بالدولار, ما أدى إلى ارتفاع قيمة تلك الاستثمارات مقابل العملات الأخرى على الرغم من أن الدولار نفسه يعاني الهبوط. (لم يكن الهبوط الأخير في أسعار النفط نتيجة لتعزيز قوة الدولار التي بدأت أخيرا، بل لأن اكتساب الدولار بعض القيمة أدى إلى تقليل الحاجة إلى الاستثمار في النفط كسلعة تحوط).
من المعلوم أنه يمكن على المدى القصير تأثر نشاط الاستثمار بعوامل أخرى غير عنصري العرض والطلب, وهذا ما يفسِّر جزئياً لماذا ارتفعت الأسعار بتلك الشدة ولماذا هبطت بتلك السرعة خلال الشهر الماضي. وتعتبر تلك العوامل هي نفسها التي تسببت في بعض التغيرات السعرية شديدة الحدة التي حدثت أخيرا, وذلك مثل ارتفاع أسعار النفط بنسبة 13 في المائة خلال اليومين المنتهيين في 6 حزيران (يونيو) وانخفاضها بنسبة 11 في المائة خلال ثلاثة أيام المنتهية في 17 تموز (يوليو).
التوقعات المستقبلية
نستبعد أن تواصل أسعار النفط هبوطها بالوتيرة الحالية على الرغم من تباطؤ الطلب وزيادة العرض، ما يبرر التعديلات على الأسعار أخيرا، لمحدودية طاقة الإنتاج الاحتياطية المتاحة على مستوى العالم ورغم الاحتمال القوي بنمو الطلب بوتيرة أسرع من نمو العرض خلال السنوات القليلة المقبلة. ونعتقد أن الأسعار ستظل حساسة تجاه أي نقص في الإمدادات النفطية لكن نستبعد أن تهبط كثيراً إلى ما دون 100 دولار للبرميل خلال هذا العام ما يجعلنا نتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام غرب تكساس القياسي 110 دولارات للبرميل خلال عام 2008 (أي ما يعادل 105 دولارات للبرميل للخام السعودي)، وهو سعر يفوق تقديرنا السابق الذي كان في حدود 90 دولاراً للبرميل, وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط كثيراً عن المستوى الذي كنا نتوقعه. ونتوقع أن يتسارع نمو الطلب عام 2010 بفضل التحسن المرتقب في أوضاع الاقتصاد العالمي.
وفي الحقيقة هناك عوامل ستؤدي في الغالب إلى الحد من زيادة المعروض من النفط من خارج "أوبك" أهمها ارتفاع التكاليف والنقص في العمالة والمعدات اللازمة, فضلاً عن تشديد الشروط التي تفرضها الدول المضيفة.
ومن المقرر أن يلتقي أعضاء "أوبك" خلال أيلول (سبتمبر) ولكن تشير تصريحات المسؤولين في تلك الدول إلى استبعاد رفع حجم الإنتاج, حيث يوجد اختلاف واضح وسط أعضاء المنظمة الذين يرغب بعضهم في إبقاء أسعار النفط مرتفعة (مثل إيران وفنزويلا) بينما يرغب البعض الآخر في خفض الأسعار إلى مستوى يضمن عدم الإضرار بمستوى الطلب العالمي (مثل المملكة). ولا نتوقع إجراء تعديل في الحصص الإنتاجية لـ "أوبك" خلال قمتها المقبلة في أيلول (سبتمبر) ولكن قد يوافق الأعضاء على زيادات طفيفة في الإنتاج خلال السنوات القليلة المقبلة وذلك لضمان وفرة النفط في السوق (نعتقد أن "أوبك" لن تفكر في خفض إنتاجها إلا إذا هبطت أسعار النفط إلى ما دون مستوى 70 دولاراً للبرميل).
لذا نعتقد أن طاقة الإنتاج الاحتياطية على مستوى العالم ستظل محدودة خلال السنوات القليلة المقبلة, وينبغي علينا أن نضع في اعتبارنا أن الطاقة الإنتاجية الجديدة لا تعني بالضرورة زيادة الصادرات. فعلى سبيل المثال ارتفع الطلب على النفط في الشرق الأوسط بنسبة 15 في المائة خلال السنوات الثلاث الماضية, كما ارتفع إجمالي استهلاك الطاقة في المملكة من 1.45 مليون برميل في اليوم إلى 1.84 مليون برميل بزيادة 8.5 في المائة خلال السنوات الثلاث المنتهية في حزيران (يونيو) 2008.
خطط المملكة لزيادة الطاقة الإنتاجية من النفط
اسم الحقل
درجة الخام الطاقة الإنتاجية الجديدة (مليون برميل يومياً) التاريخ المتوقع للاكتمال
الخرسانية الزيت العربي الخفيف، المتوسط 0.5 2008
الشيبة الزيت العربي الخفيف جداً 0.25 2008
النعيّم الزيت العربي الخفيف الممتاز 0.1 2008
خريص الزيت العربي الخفيف 1.2 2009
منيفة الزيت العربي الثقيل 0.9 2011
كميات إضافية في حالة الضرورة
ظلف الزيت العربي الثقيل 0.9
السفانية الزيت العربي الثقيل 0.7
البري الزيت العربي الخفيف جداً 0.3
خريص الزيت العربي الخفيف 0.3
الشيبة الزيت العربي الخفيف جداً 0.25