التأمين وحماية صناعة الطاقة ومصادرها
بما أن المنطقة العربية تزخر بالكثير من موارد الطاقة، بجانب تنوع هذه الموارد وتعددها واختلاف أنواعها وعلى الرغم من أن جميع هذه الموارد تحت أضواء الجميع هذه الأيام نتيجة الارتفاع المتواصل في الأسعار بضغط السياسة والتجارة، إلا أن التأمين على الطاقة ما زال حديث العهد في الكثير من الدول العربية، حتى بالنسبة للدول التي لديها صناعة تأمين متقدمة نوعاً ما على المستوى الإداري والتنظيمي والرقابي.
وفي ظل الوضع والحراك الصناعي والاقتصادي العالمي الذي نشهده حاليا، كان لا بد لصناعة التأمين أن تواكب بحضورها هذا التطور، من خلال لعب الدور المناط بها وذلك بناء على عدة أسباب من أهمها: أن التأمين يوفر الحماية للقطاعات الإنتاجية والخدمية المختلفة في حاضرها ومستقبلها كي يتحقق لها الأمان في مسيرتها نحو الأهداف المرجوة منها، الأمر الثاني أن عادة التأمين تتشكل وتتطور وفقاً لتطور ومتطلبات القطاعات الأخرى، والطاقة واحدة من هذه القطاعات المهمة، على اعتبار أن التأمين هو جزء لا يتجزأ من توفير التعويض اللازم عن أي أضرار تلحق بهذه القطاعات وتعوق مسيرتها.
وبما أن صناعة التأمين هي أحد المعنيين الرئيسين بهذا الأمر، لذا كان ضمن استراتيجية شركات التأمين الكبرى في أمريكا وأوروبا واليابان، توفير الحماية اللازمة لصناعة الطاقة ومصادرها، بل أصبح ذلك على رأس أولويات هذه الشركات حيث صمم هؤلاء برامج خاصة لتوفير الحماية التأمينية التي تتناسب واحتياجات قطاع الطاقة، ويمكن إجمال مصادر الطاقة التي توجهت إليها معظم هذه البرامج فيما يلي:
حقول النفط الرئيسة، محطات التكرير والتحويل والصناعات النفطية، مناجم الفحم المختلفة، محطات توليد الطاقة الكهربائية بمختلف أنواعها، أنابيب نقل النفط من حقول الإنتاج إلى مواقع التصدير، ومراكز أبحاث الطاقة وغيرها من مستجدات صناعة الطاقة.
وهنا يأتي التساؤل حول أنواع الحماية التي يمكن أن توفرها هذه البرامج التأمينية لصناعة الطاقة؟ وقبل توضيح ذلك يجب أن نتوقف عند بعض الحقائق حول تأمين مخاطر صناعة الطاقة، إذ تعتبر صناعة الطاقة من أخطر ما يقدم لشركات التأمين من أخطار، وذلك باعتبار أن مجال الطاقة من مصادر الاشتعال الرئيسة. وتتطلب الحماية التأمينية لمصادر الطاقة وجود شركات ذات ملاءة فنية ومالية عالية جداً، وهذا لم يتوافر بعد على مستوى السوق العربية، كما تتطلب أيضا وجود برامج واتفاقيات إعادة تأمين عالية التصنيف، وهذا يبنى على ثقة كبيرة تتطلب الكثير من الجهد والمال.
وتتطلب هذه العملية أيضا التأهيل البشري عالي المستوي، سواء كان فيما يتعلق بالاكتتاب أو إدارة المخاطر أو إعداد الوثائق أو في مجال تسوية الخسائر وباقي أقسام صناعة التأمين، وكذلك توافر وعي تأميني عالي على مستوى المستثمرين، وذلك يرتبط بشكل عام بسياسات الحكومات وأنظمتها الاستثمارية. وهذه تعد معضلة رئيسة في دولنا العربية، حيث إن التأمين في الكثير من بلدان الوطن العربي لا يعد من أولويات سياستها الاستثمارية والتنموية، وذلك في اعتقادي من أكبر الأخطاء.
وعند النظر إلى ما يحدث في مجال تأمين الطاقة في المنطقة العربية، نجد معظم الشركات والمؤسسات المعنية بصناعة الطاقة ترتبط باتفاقيات تأمين مبرمة مع شركات أجنبية، وبأسعار عالية جدا تتناسب مع الخطر المكتتب، وفي الآونة الأخيرة تم رفع الأسعار نتيجة لما يشهده العالم وما تشهده المنطقة على وجه الخصوص ما أحداث، تزيد من احتمالات وقوع الخطر.
ويمكن أن توفر شركات التأمين من برامج وتغطيات لقطاع صناعة الطاقة الأتي: وثيقة تأمين الطاقة، وأشبه بوثائق التأمين الهندسي الصناعي الشامل حيث تغطي هذه الوثيقة الأضرار والخسائر التي تلحق بالمعدات والآلات والمنشآت نتيجة لجميع الأخطار كالحريق والأخطار الحليفة والأخطار الطبيعة.
وثيقة تأمين الحريق والأخطار الطبيعية الحليفة التقليدية التي تقدم لبعض محطات تولد الكهرباء، وكذلك وثيقة التأمين الصناعي الشامل والتي تغطي الأضرار التي تحصل للمنشآت أثناء تعاملها مع الطاقة، ومنها:
عطب المكائن والآلات، الخسارة الناتجة عن توقف الآلات، الحريق والأخطار الأخرى، عطب الحفارات الخاصة بالتنقيب عن الغاز والفحم، عطب الأجهزة الإلكترونية الخاصة بصناعة الطاقة.
ووثيقة التأمين الخاصة بالأفراد القائمين على صناعة الطاقة، يمكن تلخيصها في الأنواع التالية: التأمين الصحي، تأمين الحوادث الشخصية، عطب ممتلكاتهم الخاصة، وثيقة مسؤولية التلوث البيئي وهي من الوثائق حديثة العهد في صناعة تأمين الطاقة.
ومن هنا يمكن القول إن صناعة التأمين العربية لا بد أن يكون لها كلمة في كل ما يستجد، خاصة فيما يتعلق بصناعة الطاقة باعتباره أن صناعة الطاقة وإنتاجها أصبحت الآن هي لغة العصر.