صناديق التحوط تستميل 3 فقهاء لفك طلاسم 50 مليار دولار
تبذل صناديق التحوط العالمية في الفترة الأخيرة جهودا مضنية لاستدراج ثلاثة فقهاء مسلمين، بغية العمل على إيجاد مخرج شرعي يفك الطلاسم الربوية المزروعة في صناديق التحوط الغربية لإظهار صناعة "إسلامية" جديدة من العدم تقدر سوقها بـ50 مليار دولار.
وتسعى البنوك الأجنبية، وفق تقرير تنشره "الاقتصادية"، إلى محاولة إقناع الفقهاء ذوي الأسماء اللامعة في عالم التمويل الإسلامي، وبالتحديد "الأسماء ذات المليار قلم " على اعتبار أن الواحد منهم يوقع على فتاوى قيمة الواحدة منها مئات الملايين من الدولارات.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
هناك محاولات مستميتة لإقناع ثلاثة فقهاء فقط في العالم لإيجاد مخرج شرعي يفك الطلاسم الربوية المزروعة في صناديق التحوط الغربية لإظهار صناعة "إسلامية" جديدة من العدم تقدر سوقها بـ50 مليار دولار . فمن يا ترى يوقع فتوى المليار دولار لأسلمة أول صندوق تحوط ؟
بعد أحداث أيلول (سبتمبر) بعامين، لفت أحد السعودين في العقد الخامس من عمره، الأنظار إليه منذ أن وطئت قدماه صالة تداول الأسهم ببورصة نيو يورك NY Stock Exchange. فقد قام الجميع بالتحديق إليه ونظرات التعجب بادية على وجوههم.
السبب إصراره على لبس الزي السعودي رغم امتعاض المسؤولين الأمريكيين الذين يرون في ذلك كسرا للتقاليد المتوارثة منذ ما يربو على قرنين من الزمن والتي تشدد على ضرورة لبس الزوار البدلة الرسمية الغربية. وفي استثناء يندر حصوله لكبار الزوار، وافق التنفيذيون الأمريكيون على سنّ استثناء خاص لهذا الفقيه المصرفي الذي يراهن عليه المراقبون الغربيون بأنه قد يتمكن من التوصل لطريقة تكفي لأسلمة أحد أصعب أدوات الاستثمار المالية وأكثرها تعقيدا في العالم. وهي صناعة صناديق التحوط والتي تقدر قيمتها العالمية بـ 1.3 تريليون دولار.
فكان من الطبيعي أن يكسر أهل " وال ستريت" تقاليدهم العتيقة ويجاملوا الفقيه السعودي محمد علي القري. ولم يكن ذلك الفقيه الذي لا توازي شهرته المحلية نظيرتها العالمية، وحده ذلك اليوم. فقد كان برفقته الفقيه البحريني المثير للجدل نظام يعقوبي, إضافة إلى"فقيه أمريكا الشمالية" يوسف طلال ديلورنزو.
فهذه الزيارة لم تكن دينية بحتة كما يخيل للبعض من الوهلة الأولى، فقد كان الهدف الاجتماع بمديري صناديق التحوط والوسطاء الماليين لمناقشة كيفية ابتكار أدوات تحوط جديدة متوافقة مع الشريعة الإسلامية وذلك لخلق سوق إسلامية من المتوقع أن تصل قيمتها إلى 50 مليار دولار خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
يتذكر الشيخ يوسف تلك اللحظات العصيبة التي عاناها أحد المحامين في إحدى شركات الوساطة المالية خلال اجتماعه بالفقهاء الثلاثة. "لم يسبق لأي شخص أن سألني الأسئلة التي طرحتموها علي. وباستثنائكم أنتم، لم يسبق لأحد أن سألني سؤالاً عجزت عن الإجابة عنه"، كما قال ذلك المحامي لهم.
ولكن من ياترى من بين هؤلاء الفقهاء يملك القدرة على فك مغاليق صناديق التحوط والخروج بحلول حول كيفية أسلَمَتِها ؟
فقيه بالمصادفة
ربما لا تكون دراسة مخطوطات إسلامية يزيد عمرها على الألف عام هي السبيل المعتاد لانطلاق مستشار مالي ليصبح شخصية دولية كثيرة الحِلِّ والترحال. ولكن الشيخ نظام يعقوبي، في ثوبه العربي وكوفيته المخططة، ليس مجرد خبير عادي في عالم الأعمال. فلقد انضم أخيراً لفئة المشاهير الدوليين في عالم الأعمال مع طفرة التمويل الإسلامي. ويشهد له العلامة الأمريكي الشيخ يوسف على غزارة علمه التي مكنته من " إيجاد حلول عدة شرعية " لقضايا مالية يصعب إيجاد مخرج لها. وقد أمضى الفقيه البحريني الذي يتمتع بحس رفيع من الفكاهة، عدة أعوام وهو يدرس الجوانب الشرعية التي تمس صناديق التحوط.
وحين لا يكون الشيخ مشغولاً بتقديم المشورة حول صفقات بمليارات الدولارات فإنه يصدر فتاوى حول شؤون الحياة اليومية مثل الطلاق والخلافات العائلية. تخلى يعقوبي عن نمط من الحياة يدور حول الإفتاء والتدريس حين وافق على الإشراف على أحد البنوك الإسلامية بناء على طلب من أحد أصدقائه في عام 1989، وهو قرار عمل على تحويله إلى أحد الشخصيات القوية في عالم التمويل الإسلامي.
فقيه الحرمين
يقولون إن بنوك وال ستريت تلاحق الفقهاء ذوي الأسماء اللامعة في عالم التمويل الإسلامي. وبالتحديد "الأسماء ذات المليار قلم "– على اعتبار أن الواحد منهم يوقع على فتاوى قيمة الواحدة منها مئات الملايين من الدولارات. فالشيخ محمد القري أحد تلك الأسماء. يقول عنه الشيخ يوسف " هو الفقيه السعودي الوحيد الذي يتمتع بمرتبة " عالمية" .
وبحسب أحد المصادر الغربية، فقد حاول خريج جامعة كاليفورنيا إطلاق أول صندوق تحوط إسلامي لصالح شركة SEDCO إلا أن المشروع " لم ينطلق وتم إلغاؤه" في أسباب غامضة بحسب تصريح المصدر الغربي لـ "لاقتصادية".
ويشير المصدر الغربي، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الفقيه السعودي بات وشيكاً من التوصل لإيجاد حلول ملتزمة تماماً بالأحكام الشرعية لأحد صناديق التحوط التابعة لشركة فرنسية.
ويعزي مراقبون في صناعة التمويل الإسلامي تطور الصيرفة الإسلامية خلال أعوامها الأولى الماضية إلى " العشرين فقيه" أو من يعرفون " بالشيخ عثماني وزملاؤه"، بمن فيهم الشيخ القري ويعقوبي، الذين كانوا يقدمون النصح والمشورة لعدد من البنوك، مثل بنك إتش إس بي سي هولدنجز وبنك سيتي جروب. ومن خلال عمل البنوك مع هؤلاء الفقهاء أنشأوا معا سوقاً قيمتها 60 مليار دولار من الصفر تقريباً قبل عقد من الزمن, كما تشير بيانات بلومبيرج.
علامة وال ستريت
يقطع مديرو صناديق التحوط مسافات طويلة بين الولايات الأمريكية لرؤية
الرئيس التنفيذي لشؤون التدقيق والرقابة الشرعية في شركة Shariah Capital . فهم يستنيرون برؤية (يوسف) في الأمور الشرعية التي تتعلق بصناديق التحوط. ومن دون شك فإن الشركة الأمريكية التي نذرت نفسها للإيجاد حلول إسلامية لصناديق التحوط من أكثر الشركات المؤهلة للنجاح في ذلك. خصوصا إذا عرفنا أنه يقف وراءها إيريك ماير، المدير التنفيذي المحنك الذي تصفه مجلة "فوربس" الأمريكية "بالقوة المنبثقة" خلف صناديق التحوط العالمية.
يوسف الشبيلي من القادمين الجدد
و يستغل العلامة الأمريكي بين الفينة والأخرى ثقله الدولي للضغط على كبرى مؤسسات المال الغربية بالاستعانة بالفقهاء الشباب الخليجيين عند تشكيل المجالس الشرعية. ومن بين تلك الأسماء الفقيه الإماراتي محمد عبد الرحيم، الذي يعد أحد أعضاء هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية. يقول الشيخ طلال حول ذلك " لقد علمنا أنه كان يحضر لشهادة الدكتوراة في موضوع صناديق التحوط، وبالتالي دعوناه للعمل معنا بشركتنا والالتقاء بمديري صناديق التحوط". وقبل أن يختتم الشيخ يوسف ديلورنزو مقابلته الهاتفية، كشف لـ "لاقتصادية" أن هناك فقيها سعوديا شابا يتنبأ له بمستقبل مشرق على الصعيد العالمي. حيث يقول "وقد يخطر ببالك : أليس هناك أشخاص سعوديون بين هؤلاء الفقهاء "الجدد"؟ والجواب نعم. فهناك الدكتور يوسف الشبيلي، من الرياض. فقد أمضى الشبيلي عدة أعوام في الولايات المتحدة وهو يعلم الفقه في معهد الدراسات العربية والإسلامية. وعن كيفية التقائه بالفقيه الذي يحظى بشعبية واسعة بين المتداولين في الأسهم السعودية ، قال إن ذلك تم عبر أحد مديري الصناديق الذي كان أحد طلابه. فهو أصغر سناً بكثير ويتمتع بالقدرة الكامنة على أن يكون من الشخصيات المهمة في هذه الصناعة. وأرجو أن أتمكن يوماً من إدخاله في مشاريع أخرى، بما في ذلك مشاريع صناديق التحوط إن أمكن".
التحوط يقي من تبعات الأسهم
و يتحول المستثمرون إلى صناديق التحوط باعتبارها مصدراً من مصادر الاستقرار والأمان أثناء تقلب البورصات الإقليمية، الذي يبدو واضحاً في بعض الدول الخليجية في الأعوام الأخيرة. ويرى بعض المستثمرين أن بعض أدوات الاستثمار التقليدية قد لا تكون قابلة للاستدامة. وعليه فهم يسعون لتنويع محافظهم من خلال الاستثمار في هياكل يمكن أن تحميهم من مخاطر هبوط الأسعار والسوق.
ولكن التصور المقبول والسائد على أوسع نطاق بين المستثمرين حول مفهوم صندوق التحوط هو أنه ’صندوق يستخدم المشتقات والتمويل من خلال الديون وبيع ما لا يُملَك من الأوراق المالية والتداول من خلال دفع هوامش قليلة وتقنيات الخيارات لتحقيق أهدافه الاستثمارية في العوائد المطلقة‘. وفي العادة يشتمل بيع ما لا يُملَك على اقتراض الأوراق المالية ثم بيعها بعد ذلك في السوق.
كما هي الحال مع جميع المنتجات الملتزمة بالأحكام الشرعية، فإن أية استراتيجية لصناديق التحوط يجب أن تُجاز من قبل أحد الفقهاء المعتمدين عن طريق الفتوى. وهنا يقول بيل جيبون رئيس إدارة الصناديق الشرعية
في شركة " فويسين" " توجد الآن بضع آليات ممكنة تهدف إلى وضع صورة إسلامية قريبة ما أمكن من تقنيات التداول في المشتقات في صناديق التحوط التقليدية. ويتابع "كذلك فإن نجاح صندوق التحوط الملتزم بالأحكام الشرعية يتوقف على كون صندوق التحوط قادراً على الجمع بين التقنيات الاستراتيجيات المستخدَمة مع المتطلبات الأخلاقية للوضوح والصراحة".
وتقول تريفور نورمان مدير المالية الإسلامية في شركة " فولاو تروست" "إن الحاجة إلى الشفافية تشكل مشكلة حول الملكية الفكرية للمؤسسة التي تطور المنتج. ولكن العوائد التي تعود على المؤسسة من كونها تتعامل بشفافية يفترض أنها تفوق بكثير خطر انتساخها من قبل الشركات الأخرى".
وترى الشركتان الغربيتان أن هناك قضايا بحاجة إلى وضع حلول لها قبل أن يصدر الفقهاء فتوى معينة حول صناديق التحوط . فهناك مسألة اختيار الأسهم. حيث يجب على جميع الاستثمارات أن تفي بمعايير نوعية معينة، مثل استبعاد التداول في أسهم أية شركة تتعامل بالمنتجات أو النشاطات المحرمة. فضلاً عن استبعاد أي شركة يتم تمويلها بوسائل محرمة، مثل اقتراض مبالغ كبيرة تفوق الحد من الأموال. وتتعلق القضية الثانية بالتمويل من خلال الديون الثقيلة. فكثير من صناديق التحوط تقترض أموالاً كبيرة ممولة من خلال الديون، ولكن لا يجوز للصندوق اقتراض الأموال على النحو التقليدي الذي يتم فيه دفع فوائد على القروض. ويمكن في العادة اقتراض أموال كثيرة ممولة بالديون عن طريق الهيكل المعروف باسم "المرابحة" أو أي نوع آخر من التعاقدات الإسلامية. أما القضية الثالثة التي تواجه مديري الصناديق فتتعلق بالبيع على المكشوف.
وهنا يقول نورمان " لقد حاول العديد من المؤسسات استخدام أشكال متنوعة من "العقود الإسلامية" كوسيلة لتنفيذ تعاقد شبيه ببيع الأسهم غير المملوكة للبائع. ولكن استخدام تلك العقود يمكن أن يؤدي إلى مشكلات بحد ذاته، على اعتبار أن شركات الوساطة المالية (الغربية) قد وضعت أنظمة تقوم على أشكال من التعاقدات مقبولة دولياً، وربما لا ترغب تلك المؤسسات في تغيير أنظمتها لمجرد التعامل مع صندوق واحد فقط".
يذكر أن الأشكال الشائعة من العقود الإسلامية الخاصة بصناديق التحوط هي: بيع السلم,بيع العربون الوعد.