دراسة: الاعتماد على النفط ليس قدرا محتوما على الخليج
أكدت دراسة متخصصة أن ثمّة رابطا جوهريا أو جامعا مشتركا بين التنوع الاقتصادي في مدى واسع من القطاعات المربحة وبين الاستدامة من حيث كونهما معا عنصرين أساسيين في تحقيق اقتصاد مستدام بالنسبة لدول الخليج العربي، حيث يمكن أيضا للتنوع الاقتصادي أن يحدّ من التذبذب أو عدم الثبات الاقتصادي لدول الخليج وزيادة أداء نشاطها الفعلي.
وشددت الدراسة التي أجرتها شركة بوز آند كومباني أخيرا على أن التركيز ليس خيارا حتميا للاقتصادات الغنية القائمة على المنتجات الهيدروكربونية، فالعديد من اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، ولا سيما اقتصادات الدول الكبرى منها، عرضة للتغييرات في أسعار النفط.
ففي السعودية، كان قطاع النفط والغاز القوة المحركة للناتج المحلي الإجمالي، ما عرضه للتغيير على مر السنين بسبب التغيرات في أسعار النفط والصدمات التي يتعرض لها قطاع النفط والغاز، كما تباينت أيضا معدلات النمو في القطاعات غير النفطية بسبب التقلبات في أسعار النفط، وهذا يدل على "آثار العدوى"، ما يعني أن تعرّض مجال مالي أو اقتصادي واحد للفشل، يؤدي إلى امتداد هذا الفشل لباقي المجالات.
كذلك كان أداء القوة المحركة الرئيسة لنمو الناتج المحلي الإجمالي للإمارات مرتكزا على قطاع النفط والغاز، لكن ووفقا لما أوضحه شادي مجاعص مدير أول في شركة بوز آند كومباني ففي الآونة الأخيرة شهدت الإمارات تحسنا نسبيا في القطاعات غير النفطية.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
أكدت دراسة متخصصة أن ثمّة رابطا جوهريا أو جامعا مشتركا بين التنوع الاقتصادي في مدى واسع من القطاعات المربحة وبين الاستدامة من حيث كونهما معا عنصريّن أساسيّن في تحقيق اقتصاد مستدام بالنسبة لدول الخليج العربي، حيث يمكن أيضا للتنوع الاقتصادي أن يحدّ من التذبذب أو عدم الثبات الاقتصادي لدول الخليج وزيادة أداء نشاطها الفعلي.
وشددت الدراسة التي أجرتها شركة بوز آند كومباني أخيرا أن التركيز ليس خيارا حتميا للاقتصاديات الغنية القائمة على المنتجات الهيدروكربونية، فالعديد من اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، ولا سيما اقتصاديات الدول الكبرى منها، عرضة للتغييرات في أسعار النفط.
ففي السعودية، كان قطاع النفط والغاز القوة المحركة للناتج المحلي الإجمالي، ما عرضه للتغيير على مر السنين بسبب التغيرات في أسعار النفط والصدمات التي يتعرض لها قطاع النفط والغاز، كما تباينت أيضا معدلات النمو في القطاعات غير النفطية بسبب التقلبات في أسعار النفط، وهذا يدل على "آثار العدوى"، ما يعني أن تعرّض مجال مالي أو اقتصادي واحد للفشل، يؤدي لامتداد هذا الفشل لباقي المجالات.
كذلك كان أداء القوة المحركة الرئيسة لنمو الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة مرتكزا على قطاع النفط والغاز، لكن ووفقا لما أوضحه شادي مجاعص مدير أول في شركة بوز آند كومباني ففي الآونة الأخيرة شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة تحسنا نسبيا في القطاعات غير النفطية نتيجة للجهود التي تبذلها دبي نحو التنويع الاقتصادي.
وفي عام 2005 بإمارة دبي، أصبح قطاع النفط والغاز مصدراً لـ 5 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، بينما بلغت النسبة في العام نفسه في إمارة أبو ظبي المجاورة لإمارة دبي 59 في المائة، حيث لم يزل معدل النمو في القطاعات غير النفطية متأخرا.
وأكدت الدراسة أن التركيز الاقتصادي ليس قدرا محتوما على الدول الغنية القائم اقتصادها على المنتجات الهيدروكربونية، حيث يمكن لسياسات قوية ومستدامة تعتمد التركيز على التنويع أن تقدم اختلافات كبيرة في الاقتصاد، ويجب على الدول الغنية في أيّة سلعة وحيدة أن تولي اهتماما خاصا لمسألة التنويع لتجنب الاتجاه الطبيعي نحو التركيز الاقتصادي.
ويرى الدكتور مازن رمزي النجار مستشار أول بشركة بوز آند كومباني أن الحاجة إلى توفير التنوّع الاقتصادي تتعدى الحاجة إلى بناء قاعدة اقتصادية متينة من شأنها أن تستمر في الوجود بعد أن تنضب الموارد الطبيعية، حيث إن التنوع الاقتصادي هو أمر أساسي لحماية الاقتصاديات المحلية من عوامل الخطر المفاجئة والقوية ذات الصلة بالطلب والعرض العالميّين والتغيرات المفاجئة فيهما.
وتلفت الدراسة إلى أن دولا عديدة من دول مجلس التعاون الخليجي تعمل على تحويل اقتصاداتها من اقتصادات قائمة على سلعة واحدة إلى اقتصادات قائمة على التنوع والقوة. وأوضح ربيع أبوشقرا مدير أول في شركة بوز آند كومباني أن دول مجلس التعاون الخليجي الغنية والقائم اقتصادها على المنتجات الهيدروكربونية التي يعتمد اقتصادها اعتمادا أساسيا على النفط والغاز، تواجه تحديات كبيرة في عملية تنويع اقتصادها وعلى هذا الأساس تنبع أهمية تسليط الضوء على الحاجة إلى تهيئة اقتصادات مستدامة.
ولتقييم التنوع الاقتصادي والاستدامة الناتجة عنه، قامت الدراسة بعقد مقارنة بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي واقتصادات مجموعة الدول السبع الكبرى والاقتصادات التحويلية في كل من (هونج كونج، أيرلندا، نيوزيلندا، النرويج، سنغافورة، وكوريا الجنوبية).
وتم إثبات عدة نتائج رئيسة أثناء تحليل التنوع الاقتصادي منها أنه ينبغي توزيع الناتج المحلي الإجمالي على القطاعات, وتم تقييم التركيز والتنوع الاقتصادي من خلال تحليل ما إذا كان الناتج المحلي الإجمالي قد تم توزيعه عبر نطاق واسع من القطاعات الاقتصادية أو عبر نطاق محدود منها.
ويحدد هذا التقييم "نسبة التركيز" و "حاصل التنويع"، حيث تقيس "نسبة التركيز" نسبة تركيز الدولة على قطاع معين، في حين أن "حاصل التنويع" هو عكس نسبة التركيز، فكلما انخفضت نسبة التركيز كلما ارتفع حاصل التنويع وبالتالي ارتفع التنوع الاقتصادي للدولة. يقوم "حاصل التنويع" بتوفير مقياس مبتكر يمكن لصانعي السياسات استخدامه لقياس التنوع الاقتصادي.
وبهذا الخصوص أوضح ربيع أبو شقرا أن دول مجلس التعاون الخليجي تتميز بأعلى معدلات التركيز فيما يتعلق بمساهمة قطاع ما في الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي فهي تحقق أقل حاصل للتنويع، ويرجع ذلك للسيطرة التاريخية لقطاع النفط والغاز على اقتصادات هذه الدول.
وتعكس حالة النمو في القطاعات غير المرتبطة بالنفط الآثار التي إصابته من جراء زيادة إيصالات النفط وما تلاها من التدفقات العالية لرأس المال، ولا يمكن اعتبار هذا النمو جوهريا ومستداما، حيث إنّه يعتمد على حظوظ القطاع المسيطر في السوق.
ومن جانبه أوضح ريتشارد شدياق نائب رئيس في بوز أند كومباني ويرأس قطاع الرعاية الصحية في الشرق الأوسط أن القطاعات غير النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي لم تحقق النضج الكامل، حيث لم تزل تعاني من فجوات هيكلية. والأرباح المحققة من مبيعات النفط والغاز، لا يتم استثمارها بفاعلية في دول مجلس التعاون الخليجي، ولكنها تستخدم في تمويل الاقتصادات الداخلية (المحلية) للدولة بدلا من اقتصاداتها الخارجية.
ولذلك فإن الاقتصاد الذي يتمتع بأساس قوي في الصادرات، يساعد على حماية الدولة ضد التغييرات غير المتوقعة في الاقتصاد المحلي وضد تقلبات أسعار النفط والغاز وما يليها من آثار سلبية.
ومن النتائج التي خلصت إليها المقارنة بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي واقتصادات مجموعة الدول السبع الكبرى أنه ينبغي أن ينعكس تعزيز توزيع العمالة على عملية النمو, إن توزيع العمالة بصفة عامة يعكس ويشكّل توزيع الناتج المحلي الإجمالي في جميع القطاعات.
ففي دول مجلس التعاون الخليجي لا تتوزع العمالة مقارنة مع مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى والاقتصادات التحويلية، التي تتصّف بالتوزيع المتوازن للعمالة عبر مجموعة متنوعة من القطاعات المنتجة أو المربحة. بينما يحقق قطاع النفط والغاز 47 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي، إلا أنه يوفر فرص العمل لنسبة تبلغ 1 في المائة فقط من السكان في سن العمل، ما يجعل غالبية القوى العاملة محصورةً في القطاعات المنتجة الأقل إنتاجية التي تحظى بأهمية استراتيجية ثانوية.
وأوضحت الدراسة أن الخدمات الحكومية تشكل نحو 20 في المائة من إجمالي العمالة في دول مجلس التعاون الخليجي، في حين أن غالبية العمال يعملون لدعم قطاعات اقتصادية أخرى، بدلا من أن يقودوا عملية النمو بأنفسهم، ما يؤدي إلى ظهور صعوبات اقتصادية.
تقييم الاستدامة الاقتصادية
وأبرز قياس العلاقة بين الاستدامة والتنوع الاقتصادي وجود دلالة إحصائيّة بينهما، ولقد نتج عن مجموعة من التحليلات التي تقيس الإنتاجية والقدرة التنافسية والعلاقة بين التذبذب وعدم الثبات الاقتصادي والتركيز، والعمالة والأداء الاقتصادي، أمّا النتائج الرئيسة فهي ترتبط بضعف التنوع الاقتصادي بانخفاض الإنتاجية والقدرة التنافسية, وترتبط الإنتاجية ارتباطا مباشرا بالقدرة على المنافسة، حيث أنه كلما زاد عدد الأفراد أو رأس المال أو كلاهما معا التي هي إلزاميّة للقيام بعمل ما أو إيجاد منتج ما، انخفضت الإنتاجية، ما يؤدي بدوره لزيادة سعر المنتج، ويحد من قدرته المحتملة على المنافسة في السوق.
في عام 2005، بلغت إنتاجية العمالة في الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي في قطاع النفط والغاز 1.6 مليون دولار لكل موظف، بينما بلغت 9300 دولار لكل موظف في قطاع الإنشاءات، بينما بلغت إنتاجية رأس المال الناتج المحلي الإجمالي إلى الائتمان 121 مليون دولار أمريكي لكل وحدة ائتمان بقطاع النفط والغاز، إلا أنّها بلغت فقط 1.2 مليون دولار لقطاع الإنشاءات.
وأن العمالة وإنتاجية رأس المال هي مقاييس أساسية للتنمية الاقتصادية المستدامة, وينتج عن ضعف التنويع الاقتصادي وزيادة الاعتماد على سلعة واحدة مهيمنة على القطاع الاقتصادي أثر سلبي على الإنتاجية والقدرة التنافسية للقطاعات الأخرى التي تتخلف عن القطاع المنتج لهذه السلعة الواحدة.
وتتصف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية بدول مجلس التعاون الخليجي بانتشار انخفاض الأداء فيها، حتى في قطاع النفط والغاز، فإن الناتج لكل موظف ما زال منخفضا، ما يشير إلى عدم الكفاءة، أو اتباع ممارسات إنتاجية لا تتمتع بالقدر الكافي من المثالية. وتبدو المكاسب التي تحققت في معدلات الإنتاج والعمالة واضحة في قطاعي النفط والغاز كما تبدو محدودة في القطاعات الأخرى.
ويؤدّي ارتفاع التركيز الاقتصادي إلى تذبذب النمو وتقلب الدورات الاقتصادية, ويضعف التركيز الاقتصادي المرتفع من قابلية الاقتصاد على التعامل مع الأحداث المختلفة مثل التغييرات في سعر السلعة المهيمنة على الاقتصاد.
وعلى الرغم من أن معدلات التذبذب في النمو بدول مجلس التعاون الخليجي ما زالت مرتفعة، إلا أن معدل التذبذب في القطاعات غير النفطية لدول المجلس قد شهد انخفاضا على مر الزمن, ويعود ذلك إلى أن هذا الانخفاض يمكن أن يكون في جزء كبير منه نتيجة وجود عدد أقل من مجموع الصدمات، وليس نتيجة للتنويع الفاعل للاقتصاد.
وأكدت الدراسة أن التجارة الخارجية تساعد على الحد من التذبذب الاقتصادي, ويمكن أن يتم خفض معدل التذبذب المرافق، من خلال تطوير وتنويع القيمة المضافة العالية للصادرات من السلع والخدمات، ولا سيما بالنسبة للاقتصادات القائمة على سلعة واحدة.
وتعاني دول مجلس التعاون الخليجي، التي تتبع اقتصادات التركيز ارتفاع معدل تذبذب النمو مقارنة بالدول الصناعية السبع أو الدول ذات الاقتصادات المتحولة.
نتائج وتوصيات
ولتحقيق تنمية مستدامة خلصت النتائج الرئيسة للدراسة والتوصيات الموجهة لصانعي السياسات إلى أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي هي الأكثر تركيزاً وتفتقر إلى التنوع الكافي. مع ذلك، فليس قدرا محتوما على الدول الغنية المنتجة للمواد الهيدروكربونية أن تفتقر إلى التنوع الاقتصادي، كما يبدو في نموذج اقتصاد النرويج وكندا إلى حد ما.
كما أن التوزيع المتوازن للعمالة في مجموعة السبع واقتصادات التحويل، بينما يميل نحو القطاعات الاقتصادية ذات القيمة المضافة المنخفضة في دول مجلس التعاون الخليجي.
يضاف إلى ذلك أن ارتفاع التركيز الاقتصادي يجعل الاقتصادات عرضة للتأثر بالأحداث الخارجية مثل التغيرات في أسعار النفط، ما يؤدي إلى التذبذب الاقتصادي.
وأكدت الدراسة أنه يمكن تخفيف مجمل التذبذب والآثار غير المباشرة اللاحقة من خلال التطوير والتنويع الفاعل للصادرات ذات القيمة المضافة العالية.
يجب أن يركز صانعو السياسات على التنويع الاقتصادي عند وضع جداول أعمال التنمية، ويجب عليهم القياس الدقيق والمراقبة الصارمة لرصد التنوع الاقتصادي وتقييم دوره في نجاح سياساتهم. وتحديدا، ينبغي على واضعي السياسات اتباع المناهج التالية: لا بد من تنويع الأسس الاقتصادية من حيث توزيع المدخلات والمخرجات, يجب على الأطراف الفاعلة تحفيز حقن القطاعات الاقتصادية المنتجة بالعمالة ورأس المال اللازمين لهذه القطاعات، والعمل على تطوير تقنيات ومعارف جديدة.
ومن الضروري تعزيز نمو القطاع الخارجي من خلال تصدير مجموعة واسعة من البضائع والخدمات ذات القيمة المضافة العالية على الصعيد الدولي.