رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


بطولات الأزمات

شاهدنا خلال الفترة الماضية مجموعة من المقاطع التي تصور عمليات فدائية لإنقاذ من يعلقون نتيجة السيول الجارفة التي انتشرت في أغلب مناطق المملكة، هذه الروح العظيمة التي تبرز في الأزمات تؤكد بقاء الشهامة والفروسية التي نتحدث عنها دوما ونشكو من غيابها في الأجيال المتأخرة.
هذه الحال من تنافس الأجيال أو الغيرة التي تسيطر أحيانا على العلاقات بين من سبقوا ومن يأتون بعدهم عالمية يمكن للمراقب أن يعزوها إلى ما شاء من المؤثرات الاجتماعية المؤثرة في المفاهيم العامة. قد أعزو هذا الفكر إلى السن التي يبدأ فيها انتشار هذه الحال من الرفض لنجاحات الآخرين وهي السن التي يفقد فيها الواحد منا قدرته على التغيير أو إحداث نوع من التأثير في البيئة من حوله.
جرني إلى هذه المقارنة ما كنا نشاهده في عقود مضت من حالات الإنقاذ والفداء التي كنا نصفق لها ونعتبرها أمثلة جميلة على ضرورة وجود الروح المعطاءة، ونبذ الأنانية والنرجسية التي معها يفقد المجتمع كثيرا من تواصله وتراحمه. ها هي تلك الروح وأبناء وأحفاد المتقدمين يفعلون الشيء نفسه بل يبدعون في حالات كثيرة في عمليات إنقاذ لأشخاص لم يكن لهم أن يخرجوا من الورطات التي أوقعوا أنفسهم فيها.
الفرق الوحيد الذي يأتي على البال في هذه الأجواء المملوءة بالمغريات التي تدعو إلى الخروج والاستمتاع هو القناعة لدى كثيرين بأن الخروج لا داعي له، وأن البقاء بعيدا عن مواقع الخطر مهم خصوصا في غمرة حركة المياه والأمطار التي يأتي ضحاياها من فئتين الأولى هم المضطرون بحكم عمل أو ارتباط أو حاجة، والأخرى المتفرجون ممن يبحثون عن المتعة ويطاردون السيل وكأنه طريدة صيد، فيصبح المطارد مفترسا يستولي على كل من يريد أن يتحداه عبورا أو مجرد مشاهدة من قرب. المهم أن المشاهد البطولية التي تتعامل مع الفئة الأولى هي التي تبقى في الذاكرة وتعيش مع الأجيال، فإنقاذ معلمات كن في طريقهن إلى المدارس جيئة أو ذهابا، والتعامل مع من علقوا في المسجد بعد أن حرمهم السيل الفرصة للخروج، وغيرها من المشاهد تبقى في الذاكرة. ثم تأتي حالات نقول لأصحابها ابتعدوا عن مواقع الخطر فبعض الأعمال التي تتميز بالتهور هي في حكم الانتحار مهما بدت ممتعة للغير عندما تنجح، فهي ليست كذلك حال فشلها واضطرار الناس إلى البحث عنكم وإنقاذكم إن استطاعوا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي