العامل الجيوسياسي يعود إلى الضوء ويحدد حركة سعر برميل النفط
يبدو أن العامل الجيوسياسي سيعود إلى دائرة الضوء والتركيز ويلعب دورا أكبر في تحديد حركة سعر البرميل هذا الأسبوع. والإشارة تحديدا إلى المواجهة بين إيران والدول الغربية، حيث إن حزمة الحوافز التي قدمتها المجموعة الغربية منتصف الشهر الماضي تنتظر ردا في غضون مهلة أسبوعين انتهت يوم السبت الماضي، الأمر الذي سيعيد موضع الملف النووي الإيراني إلى الواجهة مرة أخرى.
ويساعد في هذا التوجه ما نقل عن نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شاوول موفاز أن البرنامج النووي الإيراني قارب تحقيق اختراق مهم وأن على إسرائيل أن تكون مستعدة لأي خيار. تأتي هذه التطورات عقب ما شهدته العلاقات الأمريكية الإيرانية أخيرا من تخفيف في حدة المواجهة إثر مشاركة أحد كبار موظفي الإدارة في لقاء ضم مسؤولين من الاتحاد الأوروبي وإيران فيما يعد أول اتصال رسمي بين طهران وواشنطن منذ اندلاع الثورة الإيرانية قبل قرابة ثلاثة عقود من الزمان، وهي خطوة أسهمت في حد ذاتها في تهدئة الأجواء الخاصة بتحركات سعر البرميل.
ومع قوة العامل الجيوسياسي، إلا أن وضع العرض والطلب والأداء الاقتصادي عموما في الدول المستهلكة خاصة الولايات المتحدة، يظل مؤشرا مهما في توجهات الأسعار. فالأسبوع الماضي شهد تراجعا سعريا ولو أن آخر يوم وهو الجمعة سجل تحسنا عند الإغلاق، وأسهم التراجع السعري العام بنحو 2 في المائة خلال الشهر الماضي ولو أنه يظل أعلى مما كان عليه قبل عام بقرابة الثلث، في دفع سعر الجالون للمستهلك الأمريكي إلى أقل من أربعة دولارات، لكن تبدو الاستفادة محدودة من هذا التراجع بسبب تزايد مؤشرات التباطؤ الاقتصادي.
فعمليات التوظيف شهدت تراجعا للشهر السابع على التوالي كما أوضحت وزارة العمل في البيانات التي أصدرتها، ومع أن الأرقام الفعلية جاءت أقل من توقعات المحللين بنحو 20 ألف وظيفة، إلا أن نسبة العطالة تجاوزت 5.7 في المائة، وهي الأعلى منذ أربع سنوات، فاقم من الإحساس بالمتاعب الاقتصادية في البلاد. إذ تصاعدت من 5.5 في المائة في حزيران (يونيو) و4.7 في المائة في أيار (مايو) الماضيين. وجاءت نتائج شركة جنرال موتورز المخيبة للآمال لتضاف إلى الشعور بتعمق التباطؤ الاقتصادي، لكن المفارقة أن قطاع التنقيب والاستكشاف في ميداني النفط والغاز استقطب أكثر من عشرة آلاف وظيفة، مما يدل على أن ارتفاع الأسعار والطلب بدأ يلقي بظلاله بصورة إيجابية في شكل وظائف جديدة للعمل في مشاريع تسهم في النهاية في زيادة الإمدادات.
من ناحية أخرى، فإن وضع المخزونات الأمريكية يشير إلى أن موسم الطلب المرتفع على البنزين يبدو في نهايته، إذ شهدت الأرقام التي بثتها إدارة معلومات الطاقة في تقريرها الأسبوعي عن حدوث تراجع في مخزون البنزين لأول مرة في غضون خمسة أسابيع بنحو 3.5 مليون برميل إلى 213.6 مليون، رغم أنه كانت هناك توقعات بحدوث زيادة تصل إلى 100 ألف برميل في المخزون. كذلك تراجع حجم المخزون التجاري من النفط الخام بنحو 100 ألف برميل إلى 295.2 مليون برميل، وكان التوقع أن يصل حجم التراجع إلى 1.2 مليون. المقطرات من جانبها زادت 2.4 مليون برميل إلى 130.5 مليون برميل متجاوزة بصورة كبيرة قناعة السوق ألا تبلغ الزيادة مليوني برميل.
ونتيجة لهذا تبدو الأسعار مرشحة لشيء من التقلب رغم اتجاه بعض المحللين إلى توقع استقرار سعر البرميل على المدى القصير بين 123-128 دولارا.