تراجع سعر البرميل .. نقطة مضيئة في وضع اقتصادي عالمي مضطرب
بدت أسعار النفط في الفترة الأخيرة النقطة المضيئة الوحيدة تقريبا في وضع اقتصادي مكفهر. والسبب تراجع سعر البرميل رغم أنه يظل في معدلات قياسية. إحدى النتائج المباشرة لذلك أن الشعور باستمرار ما اتفق على تسميته الصدمة النفطية الثالثة قد تراجع إلى حد ما.
فخلال فترة الأسابيع الثلاثة الماضية تراجع سعر البرميل بنسبة 15 في المائة، وهو ما وجد ترجمته في هبوط سعر الجالون إلى أقل من أربعة دولارات أيضا في الولايات المتحدة، كما تراجع سعر الغاز الطبيعي بمقدار الثلث، وهذه إحدى نتائج تراجع الاستهلاك وبصورة واضحة وتتمثل في تقليص حركة السيارات الخاصة، وهو ما يكتسب أهميته في هذا التوقيت بالذات كون فصل الصيف موسم قيادة السيارات.
وبرز في الآونة الأخيرة دور المستثمرين بصورة معاكسة، إذ أصبحوا جهة البيع الأساسية في السوق وذلك لأول مرة منذ شباط (فبراير) من العام الماضي، كما ذكرت دراسة لـ "باركليز كابيتال".
لكن رغم ذلك يظل سعر الوقود من بنزين وجازولين غاليا ومكلفا بسبب الطلب القوي من الأسواق الناشئة خاصة الصين والهند، فخلال فترة السنوات الخمس بين 2000 و2007 كان الطلب الصيني يمثل العامل الرئيس وراء نمو الطلب العالمي بما أضاف نحو 12 في المائة إلى حجم الاستهلاك العالمي، لكن هناك مؤشرات أن الاقتصادات النامية بدأت في التباطؤ أيضا، خاصة أن بعضها يعتمد على قوة الاقتصاد الأمريكي الذي يمثل السوق الرئيسية للسلع الصينية، ولهذا تظل العين على صحة الاقتصاد الأمريكي والاقتصادات العالمية الأخرى، وإلى أي مدى سيتسارع تباطؤها أو تتمكن من تجاوز هذه المرحلة والعودة إلى دائرة النمو المتصل مرة أخرى.
لكن رغم وضع حد للتصاعد السعري المستمر وعدم تخطي عتبة 147 دولارا للبرميل، يبقى التقلب هو ديدن تحركات الأسعار في الآونة الأخيرة، إذ أصبح تقدمها وتراجعها خمسة دولارات في اليوم أمرا عاديا.
لكن فيما يبدو لا يمكن الاطمئنان إلى استمرار هذا الوضع وبالتالي توقع عودة سعر البرميل إلى 100 دولار أو أقل، إذ يظل هناك دائما عنصر التوترات السياسية والأمنية في الدول المنتجة، فأي تطور في اتجاه المواجهة مع إيران أو تصاعد في العمليات العسكرية التي تستهدف الصناعة النفطية النيجيرية يمكن أن تعكس التوجه السعري إلى أعلى مرة أخرى. ليس هذا فحسب، بل إن فترة الأشهر الأربعة المقبلة لا تزال تعتبر موسما للأعاصير، وأي منها يضرب خليج المكسيك قد يؤدي إلى تبعات مثلما شهدته ذات المنطقة قبل سنوات ثلاث وألقى بظلاله على مجمل الصناعة النفطية.
يُذكر أن أسعار العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي انخفضت الجمعة الماضي بأكثر من دولار للبرميل مواصلة الاتجاه النزولي، بعد أن أشارت بيانات اقتصادية أمريكية إلى مزيد من التراجع في الطلب على النفط في الولايات المتحدة أكبر مستهلك للوقود في العالم.
وهبطت المخاوف بشأن الطلب سعر النفط عن ذروته القياسية فوق 147 دولارا للبرميل التي سجلها في 11 تموز (يوليو) بعد موجة صعود على مدى ست سنوات حركتها طفرة اقتصادية آسيوية. وكان هبوط النفط 11.4 في المائة خلال تموز (يوليو) أكبر هبوط شهري بالنسبة المئوية منذ كانون الأول (ديسمبر) 2004.