متاعب الصناعة النفطية تدعم اتجاه العودة إلى الطاقة النووية

متاعب الصناعة النفطية تدعم اتجاه العودة إلى الطاقة النووية

يحتاج العالم إلى استثمار مبلغ 45 تريليون دولار خلال العقود المقبلة وذلك لتقليل اعتماده على الوقود الأحفوري مثل النفط، ومن ثم الانبعاثات الغازية التي تؤثر في البيئة، وهو ما يتطلب الإنفاق على مختلف مجالات الطاقة المتجددة بهدف خفض حجم هذه الانبعاثات بمقدار النصف بحلول العام 2050، لكن مع المحافظة على النمو الاقتصادي في الوقت ذاته. ويمثل المبلغ نحو 1.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي السنوي. وقد يتطلب الأمر استثمار 100 مليار إلى 200 مليار دولار في كل عام من الأعوام العشرة المقبلة.

في مايلي مزيدا من التفاصيل:

يحتاج العالم إلى استثمار مبلغ 45 تريليون دولار خلال العقود المقبلة وذلك لتقليل اعتماده على الوقود الأحفوري مثل النفط، ومن ثم الانبعاثات الغازية التي تؤثر في البيئة، وهو ما يتطلب الإنفاق على مختلف مجالات الطاقة المتجددة بهدف خفض حجم هذه الانبعاثات بمقدار النصف بحلول العام 2050، لكن مع المحافظة على النمو الاقتصادي في الوقت ذاته. ويمثل المبلغ نحو 1.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي السنوي. وقد يتطلب الأمر استثمار 100 مليار إلى 200 مليار دولار في كل عام من الأعوام العشرة المقبلة.
ووضع وزراء الطاقة في الدول الثماني الرئيسة الخطوط العريضة لهذا البرنامج الطموح خلال اجتماعهم في اليابان أخيرا، وهو يقوم على فكرة أن الطاقة النووية توفر أفضل الوسائل لمكافحة التغيير المناخي مع التأكيد على أمن الطاقة. وأوضحوا أن السياسات الحالية لا يمكن الحفاظ والإبقاء عليها خاصة مع النمو المتوقع في حجم هذه الغازات بنسبة 30 في المائة، كما يتوقع للطلب على النفط أن يرتفع بنسبة 70 في المائة في منتصف القرن.
وحذر نوبو تاناكا رئيس الوكالة الدولية للطاقة، من أن الطلب يمكن أن يصل إلى خمسة أضعاف الإنتاج الحالي للسعودية الذي يتجاوز تسعة ملايين برميل يوميا، الأمر الذي يتطلب ضرورة التحرك والبحث عن بدائل. وأوضحت اليابان التي استضافت الاجتماع أنها ستطلق مبادرة دولية تتعلق بسلامة وأمن وتأمين الطاقة النووية للمستهلكين، وذلك حتى يمكن أن تسهم هذه الطاقة المتجددة في تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري ومن ثم تقليل الانبعاثات الغازية، التي أصبحت قضية مطروحة باستمرار مع تصاعد الاهتمام بالتغيير المناخي.
ومن باب اهتمامها بترقية الاهتمام العالمي بالطاقة النظيفة، قامت المجموعة بتخصيص مبلغ عشرة مليارات دولار يمكن للاقتصادات النامية، خاصة في الصين والهند الاستفادة منها، وأسهمت كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان بمبلغ خمسة مليارات في هذا الصندوق على أن يستكمل من بقية الدول.
الفكرة تتمثل في توفير حوافز للشركات الهندية مثلا وتسهيل حصولها على التمويل بالنسبة لمشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة التي تعمل فيها، خاصة والهند معروفة بلجوئها إلى الفحم لتوفير الطاقة للكثير من الأنشطة. إحلال الطاقة النووية والنظيفة محل الفحم المعروف أنه من أكبر ملوثات البيئة سيكون خطوة كبيرة على طريق مواجهة قضايا التغير المناخي التي صارت مطروحة بإلحاح.
وتتضمن الخطة بناء 32 مفاعلا نوويا كل عام والعمل على إعادة تأهيل الكثير من المعامل التي تعمل بالفحم والغاز وتزويدها بمعدات تمكنها من السيطرة على الكربون ديوكسايد المنبعث وزيادة التوربينات التي تعمل بطاقة الرياح بإضافة 1700 كل عام. كما تتضمن الاستراتيجية التوسع في الطاقة الشمسية وفي الجيل الثاني من الوقود الحيوي الذي لا ينافس المواد الغذائية.
لكن هذه الخطوة تحتاج إلى خطط لمواجهة المعارضة الشديدة للجانب المتعلق بزيادة الاعتماد على الطاقة النووية وكيفية التخلص من نفاياتها، فللطاقة النووية سجل من المعارضة القوية، لكن التحدي الرئيس يتمثل في كيفية تحقيق هدف تقليص الانبعاثات الغازية خاصة في وسائل المواصلات في الوقت الذي يزيد فيه استخدام هذه الوسائل.
الإحصائيات المتوافرة تشير إلى وجود 440 مفاعلا نوويا لتوليد الكهرباء في الوقت الحالي في العالم، وهناك 30 مفاعلا أخرى يجري بناؤها مع نمو الطلب على الطاقة وبسبب الأسعار المرتفعة، كما أن الطاقة النووية من ناحية لها إمكانية تهدئة المخاوف الناجمة عن الخوف من التلوث بسبب الوقود الأحفوري من نفط وفحم. وتتصدر هذا الاتجاه كل من روسيا والصين إلى جانب دول شرق أوروبا، وبعضها يتحرك في المنحى لتحقيق قدر من الاستقلالية من اعتمادها المتزايد والموروث منذ أيام الاتحاد السوفياتي على الإمدادات الروسية من النفط والغاز.
دول أوروبا الغربية من ناحيتها تسعى إلى الاستفادة من مرور وقت طويل على حادثة تشرنوبيل التي أدت إلى تجميد معظم الخطط الخاصة بتوليد الطاقة النووية. وبعودة رئيس الوزراء الإيطالي الجديد سلفيو بيرلسكوني إلى كرسي الحكم مرة أخرى، فإن برنامج تنشيط العمل في الطاقة النووية يتوقع له أن يلقى دعما وذلك بعد مرور 21 عاما على الاستفتاء الذي أجري وقتها وتم بموجبه وقف العمل في المفاعلات النووية. لكن بغض النظر عن الوضع السياسي، فإن ثلث الطاقة الكهربائية المولدة من المفاعلات النووية تحتاج إلى إحلال في 2030.
الولايات المتحدة التي كانت لديها بضعة مفاعلات حتى عقد السبعينيات تلقت طلبات خلال السنوات الثلاث الماضية لبناء 30 معملا جديدا. ويتم حاليا توفير نحو 20 في المائة من الإمداد الكهربائي من الطاقة النووية. من جانبها فإن كلا من روسيا والصين تتجهان إلى بناء المزيد من المفاعلات النووية مع تصاعد نموهما الاقتصادي. وتتوقع كورية الجنوبية أن يزيد الطلب على الكهرباء بنحو 40 في المائة بحلول العقد الثالث من هذا القرن، وعليه فهي تحتاج إلى بناء 13 مفاعلا نوويا جديدا خلال هذه الفترة إضافة إلى العشرين الموجودة الآن، وهو ما سيرفع نسبة الطاقة الكهربائية المولدة من المفاعلات النووية إلى 60 في المائة من 36 في المائة حاليا.
ويرى بعض المحللين أنه بسبب المتغيرات في السوق النفطية فإن مؤيدي الطاقة النووية الذين كان ينظر إليهم كمنبوذين في العقود الأخيرة، أصبحوا يتقدمون، فالوضع في أوروبا يشير إلى أنها لن تستطيع تأمين احتياجاتها من الطاقة في غياب تلك المولدة من المفاعلات النووية.
ويظهر التغيير في حالة بلغاريا التي أغلقت مفاعلين من المفاعلات الستة الموجودة فيها قبيل انضمامها للاتحاد الأوروبي وذلك استجابة لضغوط الاتحاد، لكنها حاليا تقوم ببناء مفاعلين سينتهي العمل فيهما بحلول العام 2014. لكن تظل ألمانيا متفردة تحت تأثير حزب الخضر الذي كان طرفا في الحكومة وألزمها عام 2000 بإغلاق كل المفاعلات النووية في البلاد.
إلى جانب هذا، فهناك وضع أسعار الوقود المرتفعة خاصة بسبب الطلب المتنامي في السوق الآسيوية وتحديدا الصين والهند، وهما أوضحتا بجلاء أنهما لا يمكنهما دفع مواطنيهما إلى دفع التكلفة الكلية لما يستهلكون، وسيكون هناك دائما بعض الدعم. وفي تقدير للوكالة أن حجم الدعم للمواد البترولية المقدم من الصين والهند ودول منطقة الشرق الأوسط تجاوز العام الماضي فقط خمسة مليارات دولار.

الأكثر قراءة