هل انتهى عصر ارتفاع النفط؟
على عكس ما كان عليه الوضع في بداية الأسبوع الماضي والتساؤل إذا كان سعر البرميل سيصل إلى 150 دولارا بسبب الاتجاه التصاعدي للسوق، فإن مرور أربعة أيام على التوالي من التراجع السعري طرح تساؤلا مختلفا عما إذا كان حفلة ارتفاع الأسعار المستمرة منذ عدة أعوام في طريقها إلى الانتهاء.
فالأسبوع الماضي انتهى وقد فقد سعر البرميل 16.20 دولار بالتحديد. ولعبت ثلاثة أسباب دورا رئيسيا في هذا. فقد تجمعت عوامل أساسيات السوق من العرض والطلب، وضع المخزون والبعد الجيوسياسي لتحدث هذا التطور. فالمخزونات سجلت ارتفاعا ملحوظا على الرغم من بروز مؤشرات على حدوث تأثير للأسعار المرتفعة على الطلب، والإمدادات الإضافية التي وعدت بها السعودية بدأت تصل إلى الأسواق، كما أن الإعلان الأمريكي عن أن أحد كبار موظفي وزارة الخارجية سيشارك في المباحثات الغربية مع إيران بخصوص الملف النووي، اعتبر بادرة إيجابية، خاصة وهذا هو أول اتصال رسمي بين واشنطن وطهران منذ عام 1979، عقب اندلاع الثورة الإيرانية. وسيتضح هذا الأسبوع تفاعل هذه العوامل مع بعضها ومع الأداء العام للسوق.
ووفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية في تقريرها الأسبوعي فإن المخزون من الخام سجل زيادة بلغت ثلاثة ملايين برميل إلى 296.9 مليون، بينما زادت المخزونات من البنزين بنحو 2.4 مليون برميل إلى 214.2 مليون. أما المقطرات فزادت 3.2 مليون إلى 125.7 مليون برميل. من ناحية أخرى تراجع إنتاج المصافي بنحو 21 ألف برميل إلى 15.5 مليون وصارت صناعة التكرير تعمل بطاقة 89.5 في المائة. والزيادة في مخزون الخام أصابت السوق بحالة من الارتباك، إذ كانت القناعة السائدة وسط المحللين أن مخزون الخام سيشهد تراجعا يتجاوز مليوني برميل. وهذا مؤشر على ضعف المعلومات ومن ثم التوقعات التي تؤثر في كثير من الأحيان على تحركات السعر بسبب حدوث مفاجآت تتجاوز ما كان متوقعا.
على أن هذه الزيادة في حجم المخزون صحبها لأول مرة بروز مؤشرات على تراجع في الطلب، كما أوضح معهد البترول الأمريكي أن النصف الأول من هذا العام شهد تراجعا بنسبة 3 في المائة، مدفوعة بتراجع كبير في الطلب على البنزين وبصورة ملموسة لم تشهدها السوق منذ عام 1991، وهو ما يشير إلى تأثير الأسعار العالية والتباطؤ الاقتصادي الذي بدأ يمسك بخناق أكبر اقتصاد ومستهلك عالمي للنفط وغيره من السلع وانعكاسات ذلك على تحركات أسعار مختلف السلع.
والى جانب هذا تظل المخزونات في وضع يقل عن متوسط خمس سنوات مما يجعله أقل من المعدلات العادية وكون أساسيات السوق لا تزال مشدودة، فإنها تصبح عرضة لفجوة إمدادات خاصة وقوة الطلب لا تزال تلعب دورها. وهذا ما دفع شركة قولدمان ساكس إلى توقع أن ينتهي العام وسعر البرميل 149 دولارا، وأنه مع حدوث تقلبات سعرية إلا أنها ستكون في الجانب الأعلى، وهو ما يتسق مع رأي الكثير من المحللين أن التراجع الكبير الذي شهده سعر البرميل خلال الأسبوع الماضي لا يمكن اعتباره على انتهاء الموجة الحالية من الصعود السعري، وكما أوضح أحد المحللين، فإنه لا يمكن اعتبار ما شهده أسبوع واحد كافيا للحكم على الأداء المستقبلي للسوق، مع ملاحظة أنه حتى مع هذا التراجع، فإن سعر البرميل يظل أعلى مما كان عليه في بداية العام بنحو الثلث، وذلك عندما عبر السعر حاجز 100 دولار لأول مرة.