"كارتل" عالمي عملاق يقود رفع أسعار المواد الغذائية
أكد لـ "الاقتصادية" رجال أعمال وتجار أن "كارتل" مكونا من الشركات العالمية العملاقة ربما يقود ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية بعدما اشترى مخزونا لعدة سنوات، متوقعين وجوده رغم أنه غير ظاهر للعيان "وتعارضه مع بنود منظمة التجارة العالمية التي تحظر مثل هذه الممارسات الاحتكارية". واقترحوا استغلال جزء من الفوائض النفطية الخليجية لإنشاء مشاريع استثمارية زراعية "شرق أوسطية" في: مصر، السودان، إيران، تركيا، سورية، والعراق"، من خلال تأسيس شركات متخصصة تشتري الحقول والمزارع والبواخر وتبني مخازن التوزيع الخاصة ببعض المواد الاستراتيجية مثل: القمح، الأرز، السكر، والدهون، مؤكدين أن الاستيراد المجمع سيضمن لدول الخليج تلبية احتياجاتها الغذائية "في ظل ما تعانيه الزراعة في الخليج من ندرة المياه وملوحة التربة".
بيد أن بعضهم لفت إلى أن الاستثمارات الخارجية "لن تسهم في خفض الأسعار إلا إذا تأثرت قوى العرض والطلب بالسوق العالمية"، متوقعا أن تبيع مؤسسات القطاع الخاص التي ستدخل في استثمارات زراعية خارجية، منتجاتها وفقا لمستويات الأسعار في الأسواق الدولية، حيث ستنظر في المقام الأول لمدى قدرتها على تحقيق عائد ربحي.
في مايلي مزيدا من التفاصيل:
قال لـ "الاقتصادية" رجال أعمال وتجار إن "كارتيلا" مكونا من الشركات العالمية العملاقة ربما يقود ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية بعدما اشترى مخزونا لعدة سنوات، متوقعين وجوده رغم أنه غير ظاهر للعيان "وتعارضه مع بنود منظمة التجارة العالمية التي تحظر مثل هذه الممارسات الاحتكارية". واقترحوا استغلال جزءا من الفوائض النفطية الخليجية لإنشاء مشاريع استثمارية زراعية "شرق أوسطية" في مصر، السودان، إيران، تركيا، سورية، والعراق"، من خلال تأسيس شركات متخصصة تشتري الحقول والمزارع والبواخر وتبني مخازن التوزيع الخاصة ببعض المواد الاستراتيجية مثل القمح، الأرز، السكر، والدهون، مؤكدين أن الاستيراد المجمع سيضمن لدول الخليج تلبية احتياجاتها الغذائية "في ظل ما تعانيه الزراعة في الخليج من ندرة المياه وملوحة التربة".
بيد أن بعضهم لفت إلى أن الاستثمارات الخارجية "لن تساهم في خفض الأسعار إلا إذا تأثرت قوى العرض والطلب في السوق العالمي"، متوقعا أن تبيع مؤسسات القطاع الخاص التي ستدخل في استثمارات زراعية خارجية، منتجاتها وفقا لمستويات الأسعار في الأسواق الدولية، حيث ستنظر في المقام الأول لمدى قدرتها على تحقيق عائد ربحي.
ولم يستبعد عبد الحكيم الشمري عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين، أن يكون وجود "كارتيل" من الشركات العالمية العملاقة يقود ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية بعدما اشترى مخزونا لعدة سنوات، معتبرا أن قوى السوق وارتفاع الأسعار تشجع بقية المستثمرين على الدخول في أسواق أكثر ربحية ما يعني تعادل العرض والطلب في وقت لاحق، فكيف يستمر مسلسل ارتفاع الأسعار.
وقال إن احتمال وجود مثل هذا "الكارتيل" وارد جدا رغم أن الأمر غير ظاهر للعيان، ولكن مع وجود اتفاقيات تحت مظلة منظمة التجارة العالمية قد يصبح استمرار "الكارتيلات" صعبا، لأن مثل هذه الاتفاقيات تمنع ظهورها بأي صورة من الصور التي تعبر عن الاحتكار أو التحكم في الأسعار، مشيرا إلى أن القضاء الأمريكي قال كلمته بإدانته هذه التكتلات، "لكننا ـ مع ذلك - لا نستبعد قيامها بالممارسة الاحتكارية في المدى المتوسط".
وأوضح الشمري أن أحد أسباب ارتفاع تلك الأسعار انخفاض الفوائد على الودائع المقومة بالدولار الأمريكي والعملات المرتبطة به، ما حرّك رؤوس الأموال من البنوك إلى استثمارات ذات مردود أفضل، لافتا إلى أن مثل هذا التحرك خلق فرصا استثمارية عقارية وصناعية وفي البنى التحتية، ما أدى لزيادة الطلب على السلع والخدمات بشكل يفوق حجم المعروض منها في الأسواق العالمية.
وأكد أن السلع الاستراتيجية لعبت دورا كبيرا في التأثير في بقية أسعار السلع، مستشهدا في هذا الصدد بمواد البناء "وأهمها الأسمنت والحديد"، والنفط الخام، معتبرا أن الانتعاش الاقتصادي الذي شهدته بعض الدول وأهمها الصين دفع لمزيد من الاستهلاك الداخلي وارتفاع الأسعار.
وأشاد بتحرك شركات سعودية للاستثمار في دول أخرى مثل السودان لتلبية احتياجات الأمن الغذائي السعودي، في الوقت الذي عرضت فيه اليمن فرصا استثمارية في المجال الزراعي، ملاحظا أن البحرين كذلك وقعت اتفاقا مع شركات في شرق آسيا لشراء محاصيل الأرز بأسعار ثابتة في المديين الطويل والمتوسط "لتأمين هذه السلعة الرئيسية بسعر ثابت للمواطنين".
ورأى المحلل الاقتصادي الدكتور جاسم العجمي، أن الشراء الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي لكميات كبيرة من المواد الغذائية للحصول على "خصومات" سعرية، قد يكون له انعكاس إيجابي، "لكن تأثيره سيكون محدودا، مرجعا ذلك إلى الاختلال الذي يحدث في المعروض العالمي من تلك المواد "، الذي يرفع الأسعار"، ما يعني أن موجة الغلاء الفاحشة "عالمية".
وتابع "إن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في منطقة الخليج ليس نتيجة لضعف القدرة التفاوضية، وإنما هو نتيجة طبيعية لزيادة الطلب العالمي عليها، وقيود التصدير التي وضعتها بعض دول جنوب شرقي آسيا مثل الهند وباكستان على تصدير الأرز.
ولاحظ العجمي أن الزراعة في الخليج تعاني مشكلة ندرة المياه وملوحة التربة، وهو ما يقف عائقا أمام "استزراع بعض السلع"، لافتا إلى أن السعودية أنشأت في السابق برنامجا غذائيا ضم شركات تتلقى دعما حكوميا، بيد أن التكلفة كانت عالية جدا في "منطقة تعاني شح المياه والطقس غير المناسب حتى لو تم اتباع طرق حديثة في الزراعة"، ما يعني أن الاستمرار في "الاستزراع " سيكون أعلى تكلفة من "الاستيراد"، وبالتالي يجعل الخيار الأول غير مجد من الناحية الاقتصادية.
وطرح بديلا آخر عن الاستيراد، وهو الاستثمار في مشاريع زراعية خارجية، كما هو الحال بالنسبة لتوجه السعودية نحو السودان، بيد أنه أوضح أن الاستثمارات الخارجية "لن تساهم في خفض الأسعار إلا إذا تأثرت قوى العرض والطلب في السوق العالمي".
وأضاف "يجب ألا نكون مثاليين، لأن مؤسسات القطاع الخاص التي ستدخل في استثمارات زراعية خارجية ستبيع منتجاتها وفقا لمستويات الأسعار في الأسواق الدولية، وستنظر في المقام الأول لمدى قدرتها على تحقيق عائد ربحي"، مشيرا إلى أن "البديل" والاستثمار الحكومي سيأخذ بعين الاعتبار البيع بأسعار مدعومة استنادا لمبدأ المسؤولية الاجتماعية، هو الحال بالنسبة لأسعار المحروقات والطاقة "وهو ما لا تفكر فيه الشركات الخاصة".
واعتبر رجل الأعمال البارز محمد سالم المناعي أن ارتفاع أسعار النفط سبب رئيس في الزيادة السعرية التي تشهدها المواد الغذائية، حيث أدى ذلك أيضا لصعود أسعار النقل والري والحصاد، غير أنه قال إن زيادة الطلب العالمي والجفاف الذي شهدته بعض الدول "تعد أسبابا أخرى في هذا الصدد، ولكن هناك سبب آخر لا يزال خفيا ستبديه الأيام للجميع"، ملاحظا أن التغيرات التي حدثت بالنسبة لجميع أنواع السلع "جاءت في وقت متزامن" وشكلت ظاهرة لا يزال العالم يعانيها، حيث امتدت لمواد البناء.
واقترح استغلال جزء من الفوائض النفطية "خاصة أن السيولة عالية حاليا في منطقة الخليج"، لإنشاء مشاريع استثمارية زراعية "شرق أوسطية" في مصر، السودان، إيران، تركيا، سورية، والعراق، منوها إلى أن تلك البلدان تتمتع بإمكانات زراعية من حيث المياه والأراضي الخصبة، ولن تشكل نسبة 1 في المائة من الأراضي مشكلة للسودان التي تتمتع بإمكانات هائلة ومساحات شاسعة من الأراضي، وكذلك الحال بالنسبة لمصر.
واستطرد "إن توجيه جزء من أموال البترول للزراعة خارج المنطقة، خير من الاستثمار العقاري والمضاربات في الأسهم التي تتسم بها أسواق المال الخليجية حاليا، متسائلا "فأي مصانع أو مخازن مركزية جديدة يمكن أن تحقق ربحا في ظل ارتفاع أسعار الأراضي ؟".
وقال المناعي الذي رأس عدة مجالس إدارات لشركات مساهمة عامة ومصرفية، إن دول مجلس التعاون الخليجي قادرة حاليا على تقديم الدعم السلعي في ظل الارتفاع الذي تشهده أسعار النفط "المورد الاقتصادي الأساسي بالنسبة لها ولصادراتها"، متوقعا ألا تقدر على ذلك في حال انحدرت تلك الأسعار، وبالتالي لا بد من "استصلاح أراض للأمن الغذائي في دول الشرق الأوسط".
ولفت إلى أن الاستيراد المجمع سيضمن لدول الخليج تلبية احتياجاتها الغذائية، من خلال تأسيس شركات متخصصة تشتري الحقول والمزارع والبواخر وتبني مخازن التوزيع الخاصة ببعض المواد الاستراتيجية مثل القمح، الأرز، السكر، والدهون داعيا في هذا الصدد للحذو حذو الشركة السعودية التي تملكت أراضي زراعية لإنتاج الموز وتملكت بواخر لشحنه وأسست محال لتعبئته وتوزيعه.
وتساءل "ما الذي يمنع تأسيس شركات استيراد خليجية لشراء مزارع للأرز وبناء مخازن للتعبئة والتوزيع، وبالتالي حصول المستهلكين في منطقة الخليج على أسعار مناسبة لفترة طويلة"؟ ملاحظا أن مثل هذا الاستثمار "في شراء المزارع، البواخر، ومخازن التوزيع" لن يعادل أكثر من 20 في المائة من حجم السيولة النقدية في المنطقة.
غير أن خالد الأمين، وهو أحد أبرز تجار المواد الغذائية في البحرين، تحفظ على شراء مزارع في الخارج، معتبرا أن مثل هذا التوجه يتناقض مع سياسة التخصيص وتحمل مخاطر المناخ والكوارث الطبيعية والعمالة الأجنبية، متسائلا "كيف نؤسس شركات في الهند أو باكستان وغيرها ونحن نجهل البيئة الاستثمارية هناك"، وأيّد الشراء الموحد للقطاع الخاص سواء بالنسبة للأرز أو القمح أو غيرها من السلع، وكذلك شراء محصول 4 - 5 سنوات "للابتعاد عن تلك المخاطر وتثبيت الأسعار".
ودعا دول مجلس التعاون الخليجي لتقديم مزيد من الدعم عبر خفض الرسوم الجمركية ورسوم المناولة بحيث يؤدي ذلك في النهاية لانخفاض الأسعار بنسب تراوح بين 30 و40 في المائة، مشيدا بالخطوة السعودية في دعم الأرز بين 2 و3 ريالات، ومتمنيا أن تحذو دول مجلس التعاون الخليجي حذوها.
وقال إن الإنتاج الزراعي الخليجي يحتاج لبيوت محمية سترفع التكلفة بنسبة تصل إلى 30 في المائة، غير أنه أوضح أن بعض مناطق السعودية تتميز بجو مختلف ومناسب للزراعة، "وبالتالي يمكن الاعتماد على السعودية في زراعة بعض السلع الغذائية".
وعرض الأمين السلع التي سجلت ارتفاعا بين شباط (فبراير) 2008 وشباط (فبراير) 2007، حيث شهد الأرز البسمتي ارتفاعا بنسبة 51 في المائة في الإمارات العربية المتحدة "من 15 درهما ـ عبوة 5 كيلو ـ إلى 22.5 درهم"، والسكر بنسبة 31 في المائة "من 3.7 إلى 4.4 درهم"، والدجاج "من 10.3 إلى 17.7 درهم"، بيد إنه أوضح أن الذي سجل ارتفاعا ولم يلحظه المستهلكون هو لحم الغنم الهندي "من 16 إلى 28 درهما"، في حين ارتفعت زيوت الطبخ النباتية بنسبة 80 في المائة "من 10.8 إلى 19.6 درهم".
وتوقع أن يسجل الأرز البسمتي ارتفاعا بين 50 و70 في المائة مع نهاية العام الجاري، مرجعا ذلك إلى النقص في المعروض منه خاصة في باكستان "التي بدأ المزودون فيها يطلبون أسعارا أعلى".