من أين يأتي ربح البنك في الرهنيات الإسلامية الأعلى تكلفة؟

من أين يأتي ربح البنك في الرهنيات الإسلامية الأعلى تكلفة؟

حضر عميل إلى بنك ديفون الصغير الذي يقع في الجانب الشمالي من مدينة شيكاغو يطلب قرضاً لكي يفتح محلاً في أحد الأحياء. وتخلل تلك اللحظة قول المقترض المحتمل للبنك عبارة "إنني لا أستطيع دفع فائدة لكم، فهل تستطيعون المساعدة"؟
كان الجواب قبل سبع سنوات: "لا أمل"، كما يتذكر ديفيد لاوندي نائب رئيس بنك ديفون ومستشاره القانوني.
كان ذلك حينئذ، ولكن منذ تلقى بنك ديفون ذلك الطلب الأول، حول نفسه إلى بنك متخصص في ذلك النوع من التمويل الإسلامي دون فائدة الذي كان العميل يسعى للحصول عليه. ويشكل التمويل الإسلامي الآن أكثر من 75 في المائة من حقيبة الرهن الخاصة بالبنك الذي جعل الرهنيات متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في 36 ولاية أمريكية، كما يقول لاوندي.
لقد عثر بنك ديفون عبر استجابة واسعة للعملاء المحليين الموجودين في حي مليء بالمهاجرين الباكستانيين والشرق أوسطيين: فنظام التمويل الإسلامي يحقق ازدهاراً في سائر أنحاء العالم مدفوعاً في ذلك بالكسب المفاجئ الذي تحقق من الارتفاع الكبير في أسعار النفط. وبعد أن قام بنك ديفون بإدخال قروض الرهن والقروض الأخرى المتفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية "، بدأت أعداد الناس التي ترغب في الحصول على هذه القروض في التزايد بشكل كبير"، كما يقول لاوندي.
ففي تقرير صدر عن قسم خدمة المستثمرين في وكالة موديز للتصنيف الائتماني، ذكرت الوكالة أن سوق التمويل الإسلامي نمت بنحو 15 في المائة في كل من السنوات الثلاث الماضية، وتساوي قيمتها الآن نحو 700 مليار دولار في سائر أنحاء العالم. وقد لمست ذلك مؤسسات التمويل العالمي ذات الوزن الثقيل : إذ أصبح لدى بنكي سيتي جروب، وإتش إس بي سي، أفرع مخصصة لتقديم خدمات التمويل الإسلامي.
وبدأت شركة فريدي ماك عملاقة الاستثمار في الرهن بشراء الرهنيات المتفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في عام 2001. وتواصل هذه الشركة اليوم الشراء من أربعة بنوك تقوم بإنشاء الرهنيات معاً في سائر أنحاء البلد. فإضافة إلى شرائها من بنك ديفون تقوم شركة فريدي ماك بشراء الرهنيات من بنك جايدانس ريزيدينشال في مدينة ريستون في ولاية فرجينيا، ومن يونيفيرستي بانك في مدينة آن آربور في ولاية ميتشيجان، ومن أميركان فاينانس لاربا في باسادينا في ولاية كاليفورنيا.
ويقول براد جيرمان المتحدث باسم "فريدي ماك"، إن الشركة اشترت رهنيات تزيد قيمتها على 250 مليون دولار في عام 2007، ولكن حجم مشترياتها بدأ في الانخفاض بسبب هبوط سوق الائتمان. ويقول جيرمان إن الرهنيات سوق متخصصة ثابتة، ولو أنها متواضعة".

نوع من الخلاف

هناك بعض الخلاف حول ما يقوله القرآن الكريم بشأن التمويل والفائدة.

فقد أعلن علماء الأزهر في القاهرة الذين لهم تأثير كبير في أوساط المسلمين السنة في عام 2002 أن القرآن لا يحرم كافة دفعات الفائدة وأتعابها، إنما يحرم الفائدة العالية التي تتجاوز الخط إلى الربا.
بيد أن تفسيراً أكثر تشدداً ـ إذ يحرم جميع أنواع الفائدة ـ بدأ بكسب أرضية في العقد الماضي، وأخذ بالتالي يدفع نمو نظام التمويل الإسلامي الذي لا يقوم على الفائدة.
وتتجنب البنوك الإسلامية تحريم الفائدة بمعاملة القروض كعقود إيجار أو ترتيبات تقوم على مبدأ تقاسم الربح.
فالرهن الإسلامي على سبيل المثال، يشبه نظام التأجير الذي ينتهي بالتمليك. إذ إن البنك هو الذي يقوم بشراء البيت وليس المقترض. ويقوم المقترض بالسداد للبنك على أقساط لمدة محددة من السنوات يحصل في نهايتها على صك ملكية البيت.
ومن الناحية الفنية، يأتي ربح البنك من تأجير البيت وليس من إقراض الأموال. ويلاحظ لاوندي أن الرهنيات الإسلامية أعلى كلفة من الرهنيات التقليدية لما تنطوي عليه من معاملات خاصة بابتياع البيت مرتين: الأولى من قبل البنك، والثانية من قبل المقترض بعد الانتهاء من سداد الأقساط.
وفيما يتعلق بالقروض التي تقدمها البنوك للشركات، كانت البنوك تتقاسم الأرباح مع المقترض، الأمر الذي يجعل التمويل الإسلامي أشبه باستثمار في الأسهم منه بالقرض. وحتى يفترض في الذين يودعون أموالهم لدى البنوك الإسلامية أن يتقاسموا الأرباح والخسائر مع البنك، بدلاً من أخذ فائدة على أموالهم - وهذا ترتيب أحجمت الجهات المسؤولة عن تنظم أعمال البنوك في الولايات المتحدة عن اعتماده والموافقة عليه حتى الآن. ويقول لاوندي من بنك ديفون: "إن الهيئة الفيدرالية المسؤولة عن التأمين على الودائع غير متلهفة لرؤية أي بنك يوافق مقدماً على تقاسم الخسائر".
ويقول ديفون عن نظام التمويل الإسلامي: "إنه موجود هنا ليبقى. إنك تتحدث عن خمس سكان العالم".

الأكثر قراءة