4 قضايا جوهرية لتحديد مسار حركة التأمين التعاوني في السعودية

4 قضايا جوهرية لتحديد مسار حركة التأمين التعاوني في السعودية

حددت الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، أربعة محاور رئيسية لبحثها خلال ملتقاها الدولي حول التأمين التعاوني الذي تعكف الهيئة على الإعداد له حاليا تمهيدا لانعقاده في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وتضمنت محاور الملتقى التي تم الإفصاح عنها خلال حلقة نقاش تحضيرية نظمتها الهيئة أخيرا في فندق ماريوت الرياض، المفهوم العملي للتأمين التعاوني وتحليل عناصره من ناحية تطبيقية والتكييف الفقهي له، وكذلك تقييم التجارب ودراسة الصيغ التطبيقية والضوابط الشرعية واستعراض تجارب بعض الدول في هذا المجال، إضافة إلى بحث الحلول العلمية والصيغ الجديدة فيما يتعلق بالتأمين التعاوني، إلى جانب بحث المشكلات التي يعانيها قطاع التأمين.

حكم التأمين التعاوني

وتطرقت حلقة النقاش التي حملت عنوان: "التأمين التعاوني حقيقته وضوابطه الشرعية" بحضور عدد من الأكاديميين والاقتصاديين ومديري بعض شركات التأمين، إلى مناقشة المسائل المؤثرة في حكم التأمين التعاوني، وتحديد المسائل التي تحتاج إلى بحث في موضوع التأمين التعاوني.
وقدمت حلقة النقاش تعريفا واضحا لكل من التأمين التعاوني والتأمين التقليدي، إذ إن التأمين التعاوني هو اتفاق أشخاص يتعرضون لأخطار معينة على تلافي الأضرار الناشئة عن هذه الأخطار وذلك بدفع اشتراكات على أساس الالتزام بالتبرع، ويتكون من ذلك صندوق تأمين له حكم الشخصية الاعتبارية، وله ذمة مالية مستقلة، (صندوق) يتم منه التعويض عن الأضرار التي تلحق أحد المشتركين جراء وقوع الأخطار المؤمن منها، وذلك طبقاً للوائح والوثائق. ويتولى إدارة هذا الصندوق هيئة مختارة من حملة الوثائق، أو تديره شركة مساهمة بأجر تقوم بإدارة أعمال التأمين واستثمار موجودات الصندوق.

محرم شرعا

وأما التأمين التقليدي فهو عقد معاوضة مالية يستهدف الربح من التأمين نفسه، وتطبق عليه أحكام المعاوضات المالية التي يؤثر فيها الغرر، وحكم التأمين التقليدي أنه محرم شرعا.

التكييف الفقهي للتأمين التعاوني

وفيما يتعلق بالتكييف الفقهي للتأمين التعاوني، فإنه يقوم على أساس الالتزام بالتبرع من المشتركين لمصلحتهم، وحماية مجموعهم بدفع اشتراكات يتكون منها صندوق التأمين الذي تديره هيئة مختارة من حملة الوثائق، أو تديره الشركة المساهمة المرخص لها بممارسة خدمات التأمين، على أساس الوكالة بأجر، وتقوم الهيئة المختارة من حملة الوثائق أو الشركة باستثمار موجودات التأمين على أساس المضاربة أو الوكالة بالاستثمار.
وتختص الشركة المساهمة المديرة للتأمين برأسمالها وعوائده، والأجر الذي تأخذه عن الوكالة، ونسبتها المحققة من الربح المحقق عن استثمار موجودات التأمين على أساس المضاربة، أو الأجر المحدد على أساس الوكالة بالاستثمار، وتتحمل الشركة جميع مصروفاتها الخاصة بأعمالها، ومن تلك المصروفات مصروفات استثمار موجودات التأمين، في حين يختص صندوق حملة الوثائق بالاشتراكات وعوائدها وما يتم تكوينه من مخصصات واحتياطيات متعلقة بالتأمين وبالفائض التأميني، ويتحملون جميع المصروفات المباشرة المتعلقة بإدارة عمليات التأمين.

المبادئ الشرعية للتأمين التعاوني

وأشارت حلقة النقاش إلى أن هناك عددا من المبادئ والأسس الشرعية للتأمين التعاوني التي يجب أن ينص عليها في النظام الأساسي للشركة أو في اللوائح، أو في الوثائق.
وذكرت أن أول هذه المبادئ هو الالتزام بالتبرع: حيث ينص على أن المشترك يتبرع بالاشتراك وعوائده لحساب التأمين لدفع التعويضات، وقد يلتزم بتحمل ما قد يقع من عجز حسب اللوائح المعتمدة.
ومن المبادئ الأساسية للتأمين التعاوني قيام الشركة المنظمة للتأمين بإنشاء حسابين منفصلين أحدهما خاص بالشركة نفسها: حقوقها والتزاماتها، والآخر خاص بصندوق (حملة الوثائق) حقوقهم والتزاماتهم، أن تكون الشركة وكيلة في إدارة حساب التأمين بموجودات التأمين ومضاربة أو وكيلة في استثمار موجودات التأمين، وأن يختص حساب التأمين بموجودات التأمين وعوائد استثماراتها، كما أنه يتحمل التزاماتها، كما يجوز أن تشتمل اللوائح المعتمدة على التصرف في الفائض بما فيه المصلحة حسب اللوائح المعتمدة مثل تكوين الاحتياطيات، أو تخفيض الاشتراكات، أو التبرع به لجهات خيرية، أو توزيعه أو جزء منه على المشتركين على ألا تستحق الشركة المديرة شيئاً من ذلك الفائض.

حق حملة الوثائق في الرقابة

ومن المبادئ الأساسية للتأمين التعاوني أيضا صرف جميع المخصصات المتعلقة بالتأمين والفوائض المتراكمة في وجوه الخير عند تصفية الشركة، وأن تكون أفضلية مشاركة حملة الوثائق في إدارة عمليات التأمين من خلال إيجاد صيغة قانونية مناسبة لممارسة حقهم في الرقابة، وحماية مصالحهم، مثل تمثيلهم في مجلس الإدارة، إضافة إلى التزام الشركة بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية في كل أنشطتها واستثماراتها، وبخاصة عدم التأمين على المحرمات، أو على أغراض محرمة شرعاً.

استقلالية المحفظة أو الوعاء

وأفادت حلقة النقاش أن من أهم المسائل والمشكلات التي تواجه التأمين التعاوني، هو استقلالية المحفظة أو الوعاء، التعويضات تتعلق بذات وعاء التأمين لا بإدارة شركة التأمين، مسؤولية الوعاء في حدود موجوداته، ملكية الوعاء، هل هي لمجموع المؤمنين، أو أنها تخرج من ملكيتهم لملكية الوعاء، والأجر على إدارة التأمين، حيث إن الكثير من الجهات الرقابية تذكر أنه إذا لم يربط الأجر بأداء شركات إدارة التأمين فإن هذا سيؤدي إلى عدم الكفاءة في الإدارة، وقد يصل إلى حدود سوء الاستخدام، ومن أهم المؤشرات للكفاءة في إدارة التأمين أن يكون أجرها بجزء من الفائض، فهل يمكن أن يؤخذ بهذا القول من باب الجعالة وأن يضبط بضوابط لا تجعله يؤول في النهاية إلى التحايل على المعاوضة على الفائض.

توزيع الفائض

وتحدثت حلقة النقاش عن فائض التأمين، وهو ما يمثل الفرق بن مجموع الاشتراكات ومجموع التعويضات، وقد تطرق المشاركون إلى كيفية توزيع الفائض في شركات التأمين الذي يتم عبر أربعة طرق، الأولى أن يتم توزيع الفائض على جميع المشتركين في الصندوق (المستأمن) كل حسب نسبة ما دفعه من الاشتراكات (الأقساط) سنوياً، أي يوزع عليهم بحسب نسبة اشتراكهم، لا فرق بين مشترك أصابه حادث، وصرف له، أم لم يصرف، لأن كل مشترك متبرع للآخرين، بما يحتاج إليه المشترك في دفع التعويضات، فما بقي من اشتراكه ينبغي أن يرد إليهم جميعاً.

الحرص والحذر

أما الطريقة الثانية فتتمثل في حرمان كل من عُوِّض، أي أصابه حادث وعوِّض في حادثه، مهما كانت نسبة التعويض، وهذا مبني على أن الموضوع قائم على التبرع الذي فيه السعة، فما دام المشتركون موافقين على ذلك فلا حرج، إضافة إلى جانب تربوي، وهو دفع المشتركين لمزيد من الحرص والحذر حتى لا يقعوا في الحوادث، فيحرمون من الفائض.

نسبة وتناسب

فيما تتمثل الطريقة الثالثة في ملاحظة نسبة التعويض إلى نسبة الفائض، بحيث إذا استقر في التعويض كل المبلغ المدفوع من المشترك فلا يستحق شيئاً من الفائض، وإذا كان مبلغ التعويض يعادل نصف ما دفعه المشترك، فإنه يستحق نصف فائضه، وهكذا حسب النسبة والتناسب، أي المقاصة بين المبلغ المسترد والتعويض المدفوع للمستأمن مع مراعاة أسس توزيع الفائض. في حين تقضي الطريقة الرابعة بتوزيع غالب الفائض للمساهمين، وهذا معناه أن التأمين بهذه الطريقة تأمين تجاري لا تعاونيا.

الأكثر قراءة