جائزة للتميز المؤسسي الحكومي
كثير من الكيانات العامة من وزارات وهيئات ومؤسسات وشركات حكومية، تعكف على تنفيذ إصلاحات مؤسسية تشمل مستويات مختلفة من أعمالها وبجهود داخلية لتطوير خدماتها، إلا أنه ليس من الواضح أن جهود بعضها يسير وفق منهجية أو إطار عمل ينسجم مع التميز المؤسسي الشامل، بالتأكيد هناك تجارب ندرك أنها يمكن أن تؤدي إلى النجاح، لذا يتعين أن نوحد جهود تلك الكيانات. مقال اليوم يتحدث عن أهمية إطلاق جائزة رفيعة للتميز المؤسسي الحكومي.
حين تأملت تباين أداء الكيانات العامة ومستويات تميز الأعمال وتحدياتها الأكثر إلحاحا، يتضح حاجتها إلى سياسات توجيهية في التميز المؤسسيOrganizational Excellence ، لذا أدركت أننا في حاجة إلى مفهوم يحفز جميع قيادات الكيانات الحكومية على اتباع منهجيات تؤدي إلى إيجاد بيئة تنافسية تتمحور حول استباق تطلعات وتفضيلات عملاء الخدمات الحكومية من مواطنين ومقيمين ومستثمرين عبر محركات نجاح يتم مراقبتها عن كثب، بهدف رفع استدامة الأداء على نهج متصاعد.
من الناحية الواقعية، هناك مبررات لإطلاق جائزة للتميز المؤسسي الحكومي وفق منظور اقتصادي وإطار مؤسسي شامل يعالج التحديات المشتركة بين الكيانات العامة ونقلها من منظور القيادية الفردية إلى المؤسسية التي تعتمد على إطار يغطي جميع أجزاء المنظمة العامة.
إذا تعمقنا في مبررات إطلاق الجائزة أعتقد أنها ستعزز من أي اتجاه استراتيجي للتشابك مع "رؤية 2030" أو استشراف المستقبل، وستساعد على تحسين نتائج الاقتصاد؛ لأن نمو اقتصادنا مرتبط إلى حد كبير بنتائج وزارات أو هيئات مشرفة على قطاعات اقتصادية، إضافة إلى أن موارد الدولة المالية من نقد أجنبي لدى مؤسسات حكومية؛ لهذا يعد تميز الأعمال مطلبا ملحا في كفاءة الكيانات الحكومية.
هناك كيانات عامة تعمل بكفاءة وبصيرة، يعزى ذلك إلى نضجها مؤسسيا وكفاءة مواردها البشرية وسلامة إطار العمل الداخلي لديها، في مقابل ذلك هناك جهات تتطلب جهدا استثنائيا من مسؤولها الأول لتسيير أعمالها دون أن يكون قادرا على القيام بأي تحسينات جوهرية.
لذا، أرى أن هناك أهمية في ردم فجوة تباين الأداء والنضج المؤسسي عن طريق تأسيس مركز وطني متخصص في تميز الأعمال الحكومية يرتبط بمجلس جائزة للتميز الحكومي يدير معايير الجائزة وأساليب تشجيع الكيانات الحكومية على المشاركة في تطبيقها، ويدعم فنيا من المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة في مسائل المؤشرات.
ربط الجائزة بمكافأة مالية للمستوى التنفيذي الأول والثاني سيؤدي إلى تحفيز واسع ويشيع مبادئ تمكين القيادات التنفيذية المميزة في جميع الكيانات العامة، وسيؤدي إلى حركة واسعة في استقطاب التنفيذيين الحاصلين على تلك الجائزة من جهات أخرى تتطلع إلى الفوز أو تحقيق درجات عالية على ميزان التميز المؤسسي الحكومي.
الأثر لا يقتصر على تطبيق معايير جامدة، إنما سيؤدي إلى تمكين المواهب ورشاقة الكيانات العامة، وهي بمنزلة خطوة مهمة في سرعة الاستجابة للفرص والتحديات.