من قلب الصحراء.. حقل خريص يفند نظرية "وصول العالم أوج الإنتاج النفطي"

من قلب الصحراء.. حقل خريص يفند نظرية "وصول العالم  أوج الإنتاج النفطي"

تحت الشمس الحارقة وفي حرارة تلامس 45 درجة مئوية، يعمل 28 ألف رجل على إنشاء المجمع النفطي الضخم في حقل خريص السعودي، الذي يفترض أن يزود الأسواق النفطية النهمة اعتبارا من العام المقبل بـ 1,2 مليون برميل إضافية يوميا.
ومن مطار الدمام في شرق المملكة، انطلقت حافلة الصحافيين إلى الموقع عبر طريق مستقيمة تمخر كثبان الصحراء في مشهد يكاد لا يتغير ولا تزينه إلا ناقة هنا أو هناك.
وقد نظمت هذه الرحلة للصحافيين الذي شاركوا في اجتماع جدة للطاقة الأسبوع الماضي، بهدف التأكيد على جدية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، في توفير مزيد من الإمدادات للأسواق المتخوفة من شح الذهب الأسود، وفجأة تظهر في المشهد المتكرر لوحة كتب عليها بالعربية وبالأحرف اللاتينية "حقل خريص".
وفي هذا الموقع البعيد 250 كيلومترا عن أقرب مدينة، يعمل 28 ألف عامل ليلاً نهاراً لإنشاء المجمع النفطي الهائل الذي يمتد على مساحة 542 كيلومترا مربعا ويحظى بمراقبة أمنية مشددة للغاية، واعتبارا من حزيران (يونيو) 2009، سيتم استخراج نحو 1,2 مليون برميل يوميا من 150 بئرا في الحقل، فهذا الحقل وحده سينتج أكثر من إندونيسيا وقطر أو الأكوادور، وهي دول أعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك".
واكتشف الحقل في 1933 وهو يحوي 27 مليار برميل من الاحتياطيات النفطية. وللمحافظة على الضغط في الحقل، سيتم ضخ مياه تنقل من الخليج فيه، ولا يزال الخام يرقد تحت رمال الموقع، إلا أن خط أنابيب يمتد على أكثر من أربعة آلاف كيلومتر إضافة إلى ثلاثة خزانات عملاقة باتت جاهزة في الموقع الذي تحيط به رمال حمراء وهي تنتظر أن تملأ بالذهب الأسود، وقد استثمرت المملكة عشرة مليارات دولار في هذا المشروع الذي هو أكبر مشروع نفطي في العالم يبنى دفعة واحدة.
وخلال مرور الصحافيين في الموقع، كان يلوح رجال بأيديهم وهم يغطون الجزء الأكبر من وجوههم بمناديل للحماية من الشمس والغبار، ويعمل في المشروع عمال من الهند، إندونيسيا، الصين، بنجلادش، وتركيا، إضافة إلى مهندسين من كوريا الجنوبية، إيطاليا، وبريطانيا.
وقال مهندس من الشركة السعودية الوطنية للنفط "أرامكو" إن "99 في المائة من عناصر المنشآت باتت موجودة في المكان"، وأعتبر أحد الخبراء المشاركين في الجولة "أن السعوديين يريدون تهدئة الأسواق عبر التأكيد على التمسك بالجدول الزمني لإنشاء مشروع خريص".
وكانت السعودية قد استضافت الأحد الماضي في جدة اجتماعاً غير مسبوق لكبار المنتجين والمستهلكين للنفط في العالم، سعيا لمواجهة موجة ارتفاع أسعار النفط، وأعلنت المملكة بالمناسبة أن قدرتها الإنتاجية سترتفع إلى 12,5 مليون برميل يوميا قبل نهاية 2009، وأن هذه القدرة يمكن حتى أن ترتفع في غضون سنوات قليلة إلى 15 مليون برميل يوميا إذا كانت هناك حاجة، ومشروع خريص من أبرز المشاريع التي ستؤمن هذه القدرة الإنتاجية الإضافية.
وقال أمين ناصر نائب رئيس قسم التنقيب والإنتاج في "أرامكو" إن استراتيجية الشركة "هي الاحتفاظ دائما بقدرة إنتاجية احتياطية حجمها بين 1,5 مليون ومليوني برميل يوميا، مع القدرة على إنتاجها في إي لحظة، أي في حال نشوب حرب في الخليج أو في حال تفاقم الاضطرابات في نيجيريا...".
و"أرامكو" التي يرأسها علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية السعودي هي أكبر شركة نفطية في العالم، وأنتجت الشركة 8,5 مليون برميل يوميا في 2007 وهي تؤكد امتلاك 261 مليار برميل من الاحتياطيات النفطية.
وللرد على أصحاب نظرية وصول العالم حاليا إلى أوج الإنتاج النفطي، أي أن الإنتاج بلغ ذروته وسيتراجع، ويقول ناصر إن "أرامكو" قادرة على إنتاج 15 مليون برميل يوميا وعلى مدى 30 سنة من دون أي مشكلة.

الأكثر قراءة