تقرير: يد العالم المالية الخفية ترفع أسعار النفط
أكد اقتصاديون ومحللون ماليون أن الاستثمارات الكبيرة في مجال المضاربة بالنفط سيكون لها تأثير كبير في أسعار هذه السلعة الحيوية, فكلما ارتفعت أسعار النفط بات من غير الممكن أن تلعب معادلة العرض والطلب غير المتكافئة دورا في هذه الزيادات المثيرة في أسعار النفط.
وحذر تقرير أصدرته أمس نشرة "أكسفورد بيزنس جروب" من أن الارتفاع الكبير في الأسعار ودخولها هذه الدوامة من المضاربات سيعمل على تقويض الطلب بشكل كبير ليمهد بذلك الشرارة لعودة حادة في الأسعار إلى معدلات أكثر طبيعية.
وعد التقرير أن يد العالم المالية الخفية قد وجدت سبيلا لاستعادة بعض خسائرها وليس أمام المستخدمين سوى الرزوح تحت أسعار النفط العالية ريثما تعود الأمور إلى سيرتها الأولى. وذكر التقرير أن معظم المحللين يقدرون أن أكثر من 200 مليار دولار يجري استثمارها في مؤشرات السلع بعد أن كانت 13 مليار دولار قبل خمسة أعوام .
ولفت إلى أن كل 200 مليون دولار من الاستثمارات الجديدة التي دخلت السوق بين عامي 2006 وحتى نيسان (أبريل) 2008 أسهمت في زيادة بواقع 1.6 في المائة في أسعار النفط وفقا لمؤشر بورصة "ويسترن تكساسس" التي تعد مؤشرا لأسعار النفط الأميركية .
ونوه التقرير بأن أسعار النفط الحالية تبلغ سبعة أضعاف ما كانت عليه خلال السنوات الخمسة عشرة الأخيرة من القرن الماضي عندما كان معدل سعر برميل النفط 20 دولارا فضلا عن أنها شهدت زيادة بواقع 30 في المائة هذا العام.
ويؤكد التقرير أن أسعار السلع تشهد زيادة هي الأخرى كونها باتت مصدرا استثماريا لأصحاب الرساميل خاصة في ظل غموض المشهد الاستثماري الخاص بالسندات والأسهم والصكوك وغيرها من الأصول.
وقال إن المؤسسات وصناديق التحوط وصناديق الثروة المستقلة تبحث عن تحقيق الأرباح جراء ارتفاع أسعار النفط من خلال ضخ الأموال في عقود النفط الآجلة ومؤشرات السلع التي يسيطر عليها النفط.
وأوضحت النشرة أنه كلما مارست صناديق التحوط والبنوك والمؤسسات المالية إضافة إلى المستثمرين الآخرين دورا مفتوحا في أسعار النفط سيكون لهم تأثير عميق في تعزيز الضغوطات على الارتفاعات وعلى معادلة العرض والطلب.
ولفت التقرير إلى أن المحللين يسهمون في زيادة التوقعات، الأمر الذي يستقطب مزيدا من الاستثمارات التي تنجم بدورها عن ارتفاعات لا معقولة في أحد الأصول التي توشك فقاعتها أن تنفجر. وشهدت الأشهر القليلة الماضية ارتفاعا حادا في أسعار النفط. كما شهدت جدلا محتدما بين الدول المنتجة والمستهلكة للنفط حول سبب ارتفاع أسعار النفط، وتطور هذا الجدل إلى درجة تبادل الاتهامات بينها حيث اتهمت الولايات المتحدة، أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم، منظمة "أوبك" برفض زيادة الإنتاج، مما أدى إلى نقص معروض النفط في السوق العالمية, بينما أكدت دول "أوبك" أن تراجع قيمة الدولار وضعف مراقبة الدول الغربية، الولايات المتحدة على سبيل المثال، للمعاملات الآجلة في أسواق النفط الدولية كانا سببين وراء تفشي المضاربة في الأسواق ما أدى إلى الارتفاع المفرط لأسعار النفط وتقلباتها الحادة دون الأخذ في الاعتبار التوازن بين العرض والطلب. إضافة إلى الأسباب الجيو- سياسية مثل أعمال العنف في نيجريا والتوتر المزمن بين الغرب وإيران والتهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربة جوية للمنشآت النووية الإيرانية أيضا من الأسباب التي تقف خلف ارتفاع أسعار النفط.
ويجمع الخبراء على أنه ما دام ارتفاع أسعار النفط ليس له سبب واحد، فلا يمكن إيجاد حل لتسوية هذه المشكلة من جانب الدول المنتجة أو المستهلكة للنفط بشكل منفصل.