بورصات الأسهم العالمية تهوي.. النفط أداة تحوط ضد الدولار الضعيف والتضخم المنفلت
دفعت أسعار النفط القياسية البورصات في أنحاء العالم إلى التراجع أمس مع تراجع مؤشرات الأسواق الآسيوية بنسبة كبيرة بلغت 5 في المائة. في الوقت الذي قال خبراء إن النفط "أصبح يستخدم حاليا كأداة تحوط ضد الدولار الضعيف والتضخم المنفلت من عقاله".
وبعد أن ارتفع الخام الأمريكي الخفيف لأعلى مستوى له على الإطلاق خلال جلسة الأمس، ارتفع سعر البرميل لتعاقدات آب (أغسطس) إلى 141.71 دولار بزيادة قدرها 1.7 دولار عن سعر إغلاق الجلسة السابقة.
وارتفع مزيج خام برنت إلى 141.98 دولار في مستوى قياسي هو الآخر.
وكان للارتفاع الصاروخي لأسعار النفط آثار مدمرة في البورصات.
وعقب خسائر سوق وول ستريت ، تراجع مؤشر نيكي القياسي للبورصة اليابانية والمؤلف من 225 سهما إلى أدنى مستوى له خلال شهرين أمس بعد أن خسر 277.96 نقطة أو ما يوازي 2.1 في المائة ليغلق على 13544.36 نقطة.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
أصيبت الأسهم العالمية بموجة من البيع هذا الأسبوع في الوقت الذي أشعلت فيه أسعار النفط القياسية المخاوف حول تزايد معدلات التضخم، وكان هناك حديث حول الحاجة إلى المزيد من عمليات تخفيض قيمة الموجودات في الميزانيات العمومية للبنوك.
وقال أندرو جارثويت، رئيس قسم استراتيجية الأسهم العالمية لدى بنك كريدي سويس Credit Suisse: "بصورة عامة فإن هناك تخبطاً لم يسبق له مثيل، في الوقت الذي يسعى فيه المستثمرون إلى تقدير الانكماش الاقتصادي المدفوع بالانقباض الائتماني في مقابل التضخم المدفوع بارتفاع أسعار السلع".
ومن أكثر الأسهم تضرراً في التداولات كانت أسهم الشركات المالية وشركات صناعة السيارات. وهبطت أسهم البنوك بفعل مخاوف وقوع المزيد من عمليات تخفيض قيمة الموجودات والمزيد من إصدارات الأسهم الجديدة، في حين أن شركات صناعة السيارات تعاني بسبب التردي الكبير الذي أصاب آفاق الإنفاق الاستهلاكي.
أما البيانات الاقتصادية فكانت سيئة للغاية. وسجل مؤشر ثقة المستهلكين (الذي يصدره مجلس المؤتمر Conference Board في الولايات المتحدة) أدنى مستوى له منذ 16 سنة، في حين أن أرقام الإنفاق الشخصي التي صدرت بالأمس كانت مضخمة إلى حد ما بفعل الشيكات الحكومية (التي جاءت على شكل رديات ضريبية) تنفيذاً لقانون صفقة التحفيز الاقتصادي. كذلك أظهرت البيانات أن المستهلكين لا يزالون مصرين على مواقفهم، وتوفير قدر أكبر من نسبة الـ 5 في المائة المعتادة من دخولهم.
وفي بريطانيا، تم تعديل نسبة النمو الاقتصادي للربع الأول من العام إلى الأدنى، لتصبح فقط 0.3 في المائة خلال فترة الربع نفسه من سنة لسنة، في حين أن القروض السكنية التي وافقت عليها البنوك هبطت إلى أدنى مستوى لها في أيار (مايو).
خسائر قطاع البنوك في أسواق الأسهم تصدرتها أسهم بنك سيتي جروب Citigroup وبنك ميريل لينتش Merrill Lynch، التي هبطت بحدود 10 في المائة تقريباً خلال الأسبوع، بعد استمرار الحديث عن أن البنكين هما على وشك إعلان المزيد من عمليات تخفيض قيمة الموجودات في ميزانيتهما العمومية.
يوم الأربعاء أعلن بنك باركليز Barclays البريطاني عن إصدار أسهم جديدة (مع أولوية الشراء للمساهمين الأصليين) بقيمة 4.5 مليار جنيه استرليني، في حين أن مجموعة الخدمات المالية البلجيكية الهولندية فورتيس Fortis توجهت كذلك إلى المساهمين في سبيل الحصول على الأموال.
وتضررت أسهم شركات صناعة السيارات بفعل المزيد من التباطؤ في الإنفاق، في حين أن الشائعات التي تقول إن شركة كرايزلر على وشك التقدم إلى المحكمة طلباً لحمايتها من دائنيها، هذه الشائعات أنهكت القطاع كذلك. وقالت كرايزلر إن الشائعات غير صحيحة.
وبحلول منتصف يوم أمس هبط مؤشر داو جونز للشركات الصناعية بمقدار 3.9 في المائة خلال الأسبوع، ما دفع بهذا المؤشر القياسي إلى أدنى مستوى له منذ 21 شهراً.
وهبط مؤشر فاينانشيال تايمز 100 في لندن بمقدار 1.6 في المائة خلال الأسبوع ليصل إلى 5529.9 نقطة، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا هبط بمقدار 2.5 في المائة. وفي آسيا هبط مؤشر نيكاي 225 في طوكيو بمقدار 2.9 في المائة، ليصل إلى 13544.36 نقطة.
وتصاعدت الضغوط التضخمية في الوقت الذي قفزت فيه أسعار النفط إلى أرقام قياسية جديدة في أسواق السلع. سجل خام غرب تكساس المتوسط في بورصة نايمكس في نيويورك رقماً قياسياً جديداً هو 142.26 دولار للبرميل، وكان ذلك مدفوعا إلى حد ما بفعل تراجع مستثمري الأسهم، وساعد الدولار الهابط على ذلك أيضاً.
من جانب آخر، كان من شأن التعليقات الصادرة عن "أوبك" بأن سعر النفط يمكن أن يصل إلى 170 دولاراً للبرميل خلال فترة الصيف، أعطى إشارة واضحة إلى السوق للقيام بالشراء، وبحلول منتصف الجمعة في نيويورك سجل خام غرب تكساس المتوسط رقم 141.30 دولار للبرميل، أي بارتفاع مقدارها 5 في المائة خلال الأسبوع.
وقال سيرجي لورو، من بنك ساكسو بانك Saxo Bank: "يستخدم النفط الآن بصورة تامة كأداة تحوط ضد الدولار الضعيف والتضخم المنفلت من عقاله". وارتفع الذهب بمقدار 2.7 في المائة خلال الأسبوع.
وكان الموضوع الرئيس في أسواق العملات هو تراجع الدولار من جديد، والذي جاء في أعقاب اجتماع لجنة السوق المفتوحة التابعة للبنك المركزي الأمريكي يوم الأربعاء، حيث أبقى البنك على أسعار الفائدة الرئيسة على حالها عند 2 في المائة.
ورغم أن قليلين توقعوا زيادة أسعار الفائدة هذا الشهر، إلا أن التداول في العقود الآجلة لأسعار الفائدة من البنك المركزي الأمريكي (قبيل إعلان يوم الأربعاء) احتسب احتمالاً مقداره 67 في المائة في أن البنك سيرفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في آب (أغسطس).
ولكن البنك المركزي أخفق في تحقيق وتأكيد هذه التوقعات، ولكنه بدلاً من ذلك كرر ما جاء في بيان مماثل حول قوة الدولار كان قد أعلنه في مطلع هذا الشهر. وبالأمس احتسب العقود الآجلة لأسعار الفائدة الأمريكية احتمالاً مقداره 26 في المائة في أن يرفع البنك أسعار الفائدة في آب (أغسطس). هبط الدولار بمقدار 0.9 في المائة خلال الأسبوع في مقابل اليورو، وهبط بنسبة 0.6 في المائة في مقابل الاسترليني، و0.7 في المائة في مقابل الين.
وقال مارك تشاندلر من براون براذرز هاريمان Brown Brothers Harriman: "البيانات الضعيفة على ما أعتقد لن تكفي للحؤول دون قيام البنك المركزي الأمريكي ببدء عملية تطبيع أسعار الفائدة في أيلول (سبتمبر)".
ولكنه أضاف: "من المحتمل أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يحرف المسار المتوقع للبنك في رفع أسعار الفائدة هو عودة نوع معين من الخطر المنهجي الشامل على الاقتصاد من جديد إلى النظام المالي".
وكان هذا هو الموضوع الرئيسي الذي ركزت عليه أسواق الائتمان، في الوقت الذي توسعت فيه مؤشرات المشتقات لتعكس المخاوف من أن أسوأ الأمور لا تزال في الطريق. ارتفع مؤشر آي تراكس أوروبا iTraxx Europe، الذي يقيس مخاطر الإعسار وعدم القدرة على سداد السندات الممتازة التي تصدرها 125 جهة استثمارية، ارتفع بمقدار 12 نقطة أساس خلال الأسبوع ليصل إلى 106 نقاط أساس، وهو أعلى مستوى له منذ منتصف نيسان (أبريل). وارتفع مؤشر سي دي إكس نورث أمريكا CDX للعقود المتقابلة للتأمين على حالات الإعسار في السندات بمقدار 16 نقطة أساس ليصل إلى 141 نقطة أساس.
وقال بول آشويرث، من كابيتال إيكونومِكس Capital Economics: "لا تزال هناك مسافة بعيدة أمام الانقباض الائتماني ليقطعها. على وجه الخصوص فإن وقعه على الاقتصاد بصورة عامة ربما لا يزال في مراحله المبكرة، ومن المبكر تماماً الآن أن نطلق إشارة انتهاء الخطر بالنسبة إلى الاقتصاد في الوقت الذي توجد فيه إمكانية حقيقية بحدوث كساد اقتصادي في النصف الثاني من العام".
وارتفعت السندات الحكومية، ما دفع بالعوائد بصورة حادة إلى الأدنى، في الوقت الذي كان المستثمرون يسعون فيه للاختباء في ملاذ آمن يقيهم أضرار أسواق الأسهم.
وهبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية القياسية لأجل عشر سنوات بمقدار 16.5 نقطة أساس خلال الأسبوع ليصل إلى 4 في المائة. وفي أوروبا هبط العائد على سندات الحكومة الألمانية لأجل عشر سنوات بمقدار تسع نقاط أساس ليصل إلى 4.54 في المائة، وهبط العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات بمقدار 12 نقطة أساس ليصل إلى 5.03 في المائة.