توقعات باستمرار الطلب القوي مدعوما بالأسواق الناشئة
كان سعر خام غرب تكساس في تصاعد مستمر خلال الشهر الماضي، حيث ارتفع سعر البرميل من 113 دولاراً إلى 133 دولاراً خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر أيار(مايو)، ثم تراجع إلى 122 دولاراً بتاريخ 4 حزيران (يونيو) قبل أن يرتفع بحدة ليصل إلى 138 دولاراً بتاريخ 6 حزيران (يونيو). واستمرت عوامل عدم اليقين في جانب العرض في مناطق متعددة مصدرة للنفط، إضافة إلى الطلب القوي في الأسواق الناشئة، وأثرهما في الضغط على أسواق النفط.
ومن المتوقع أن يستمر الطلب القوي، والعرض الشحيح. ومن المنتظر أن يبلغ معدل سعر "غرب تكساس" 122 دولاراً للبرميل خلال العام الحالي، مقابل 72 دولاراً خلال عام 2007، بينما ينتظر أن يصل معدل سعره خلال عام 2009 إلى 126 دولاراً للبرميل الواحد.
أما بالنسبة لسعر جالون البنزين العادي، فمن المتوقع أن يكون معدله 3.78 دولار خلال العام الحالي، أي أكثر بـ 97 سنتاً من معدل العام الماضي. ويزيد سعر جالون البنزين العادي في الولايات المتحدة الآن على أربعة دولارات، ومن المتوقع أن يبلغ ذروته في آب (أغسطس) المقبل حيث ينتظر أن يصل إلى 4.15 دولار.
أما عن سعر جالون الديزل، فمن المتوقع أن يبلغ معدله 4.32 دولار خلال عام 2008، بزيادة 1.44 دولار على معدل عام 2007.
ومن المنتظر أن يزداد الاستهلاك العالمي بمعدل مليون برميل من النفط يومياً خلال العام الحالي، بينما يتوقع أن يتراجع الاستهلاك الأمريكي من مشتقات الوقود السائلة، ومشتقات البترول الأخرى بنحو 290 ألف برميل يومياً خلال عام 2008 بسبب ارتفاع أسعار النفط، وتباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي.
وباحتساب زيادة استعمال الإيثانول، فإن من المتوقع أن يتراجع استهلاك الولايات المتحدة من النفط بنحو 440 ألف برميل يومياً خلال عام 2008.
وأما عن سعر الغاز، فكان معدل السعر الفوري لكل ألف قدم مكعب منه في مركز هنري، 7.17 دولار خلال عام 2007. ومن المتوقع أن يبلغ هذا المعدل نحو 11 دولاراً خلال عامي 2008 و2009.
واستناداً إلى توقعات الإنتاج خلال فترة الأعاصير، فإن إدارة معلومات الطاقة تتوقع أن يتعطل إنتاج 11 مليون برميل من النفط، و78 مليار قدم مكعب من الغاز خلال الفترة من حزيران (يونيو) إلى تشرين الثاني (نوفمبر) حسبما ورد في نشرة توقعات تأثر الإنتاج بموسم الأعاصير.
وقد تختلف الكميات المعطل إنتاجها بالفعل عن مثل هذه التقديرات حسب عوامل تتعلق بعدد الأعاصير، واتجاهاتها، وشدتها خلال الفصل.
النفط العالمي
يظهر مزيج من العوامل المتعلقة بارتفاع الاستهلاك، والتقديرات المتراجعة لجانب الإمدادات من قبل دول منتجة خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وتدني طاقة إنتاج النفط الفائضة، مع استمرار زيادة الطلب، أن هنالك اتجاهاً نحو استمرار ارتفاع أسعار النفط. وتستمر زيادة الاستهلاك في الدول خارج نطاق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بصورة متسارعة، مما يعوض عن الاستهلاك الأضعف في دول هذه المنظمة، ولا سيما الولايات المتحدة. كما أن تراجع إنتاج عدد من الدول المصدرة للبترول خارج منظمة (أوبك)، مثل المكسيك، والمملكة المتحدة، والنرويج، يعمل على معادلة زيادة إنتاج دول أخرى. ويتزامن تباطؤ العرض من جانب دول خارج منظمة (أوبك) مع تقطعات للإنتاج من جانب دول أعضاء في (أوبك)، مثل نيجيريا. وعملت الظروف السياسية في عدد من الدول المنتجة للنفط، بما في ذلك فنزويلا، وإيران، على استمرار تذبذب أسعاره.
وتبقى الأسواق خائفة من أن حاجز الحماية المتمثل في طاقة الإنتاج الفائضة بما يقل عن مليوني برميل يومياً معظمها في المملكة العربية السعودية، إضافة إلى ما يتوافر من مخزون، لن يكون كافياً كسد للحماية مقابل تغيرات محتملة في الإمدادات، أو الاستهلاك، وبالذات لدى دخولنا في موسم الأعاصير. ويضاف إلى ذلك أن عدم التزام المملكة العربية السعودية بإضافة طاقة إنتاجية تتجاوز هدفها الحالي المتمثل في إنتاج 12.5 مليون برميل من النفط يومياً، يزيد من عدم اليقين حول كفاية نمو طاقة الإمدادات.
الاستهلاك
تشير البيانات الأولية إلى أن استهلاك النفط العالمي ارتفع بمعدل 630 ألف برميل يومياً خلال الربع الأول من عام 2008، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، أي أقل بكثير من رقم المليون برميل يومياً الذي ورد في التوقع السابق. وحصل معظم التراجع في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ويبلغ معدل تراجع استهلاك هذه الدول، حسب هذه المراجعة، 460 ألف برميل يومياً، مقارنة بالعام الماضي، حيث تركز التراجع بصفة خاصة في الولايات المتحدة. وكان الاستهلاك في بقية دول هذه المنظمة على حاله تقريباً خلال الربع الأول من العام الحالي. وازداد الاستهلاك الأوروبي نسبياً على الفترة ذاتها من عام 2007 وذلك بسبب حالة الدفء التي أدت إلى تراجع الاستهلاك خلال الربع الأول من عام 2007.
ومن المتوقع أن يتراجع استهلاك دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنحو 240 ألف برميل يومياً خلال عام 2008، ليعود إلى ارتفاع طفيف خلال عام 2009. ونجد على النقيض من ذلك أن الاستهلاك خارج نطاق دول هذه المنظمة يتوقع له أن يرتفع بمعدل 1.2 مليون برميل يومياً خلال عام 2008، وذلك بقيادة كل من الصين، والهند، ودول الشرق الأوسط حسب بيانات نشرة استهلاك النفط عالمياً. وتعمل عوامل مثل استمرار النمو الاقتصادي، ودعم أسعار المشتقات النفطية، وزيادة استهلاك النفط في محطات توليد الكهرباء، على زيادة الاستهلاك في الدول خارج إطار منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ومن المنتظر أن تؤدي جهود تخفيض الدعم المقدم لأسعار المشتقات النفطية في دول آسيوية خارج نطاق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مثل الهند،
وإندونيسيا، إلى زيادة أسعار هذه المشتقات في هذه الدول، وانخفاض معدل زيادة استهلاك النفط في الدول خارج نطاق هذه المنظمة. غير أن الصين لا تزال تمثل أكبر زيادة منفردة في استهلاك النفط حسب توقعاتنا، حيث إن الصين لم تبدأ بعد في التخلص من دعم أسعار مشتقات النفط.
الإمدادات خارج نطاق أوبك
تظل زيادة إنتاج النفط خارج نطاق منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) ضعيفة، على الرغم من ست سنوات من ارتفاع الأسعار. ويتوقع أن يزيد إنتاج النفط خارج نطاق (أوبك) بمعدل 310 آلاف برميل من النفط يومياً خلال عام 2008، أي أقل بكثير من التقديرات الواردة في نشرة توقعات الشهر الماضي. ويعود سبب تقليل هذه التقديرات إلى الأرقام الحقيقية الواردة حول الإنتاج الروسي، والنرويجي، والمكسيكي، إضافة إلى استمرار توقعات انخفاض الإنتاج البرازيلي. وتراجعت إمدادات نفط الدول خارج (أوبك) بمعدل 240 ألف برميل يومياً خلال الربع الأول من عام 2008 مقارنة بالربع الأول من عام 2007، كما يتوقع أن يتراجع إنتاج تلك الدول خلال الربع الثاني من هذا العام بمعدل 200 ألف برميل يومياً، مقارنة بالربع الثاني من عام 2007. ونتيجة لذلك، فإن معظم زيادة الإنتاج خارج نطاق (أوبك)، سوف يتركز في النصف الثاني من عام 2008، حيث يتوقع أن يزيد بمعدل 820 ألف برميل يومياً على معدل العام الماضي، مدعوماً بتوقعات زيادة الإنتاج في كل من البرازيل، وأذريبجان. وتمت إعادة تقديرات زيادة الإنتاج لهذه الدول فيما يخص عام 2009، بحيث تكون الزيادة 1.1 مليون برميل يومياً، أي أقل بقليل من تقديرات نمو الاستهلاك للعام ذاته. وتعتقد إدارة معلومات الطاقة، بالعودة إلى بيانات التاريخ الحديث، أن توقعات زيادة الإمدادات من جانب الدول خارج (أوبك) سوف تظل عرضة لاحتمالات التأخر في تنفيذ عدد من المشاريع الرئيسية، وتسارع تدهور الإنتاج في بعض حقول النفط القديمة. وعلى ذلك، فإن من المتوقع أن تكون زيادة الإنتاج أدنى من التوقعات الحالية، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من ارتفاع أسعار النفط.
إمدادات أوبك:
من المتوقع أن يبلغ معدل الإنتاج اليومي للدول الأعضاء في منظمة (أوبك) 36.9 مليون برميل من النفط خلال الربع الثاني من العام الحالي، أي بزيادة تبلغ 140 ألف برميل يومياً على مستويات إنتاج الربع الأول من العام. وعملت زيادة إنتاج في كل من المملكة العربية السعودية، والعراق، على تعويض النقص الذي تعرض له إنتاج النفط في نيجيريا خلال الربع الأول من العام الحالي، بسبب عوامل سياسية. وذكرت تقارير أن المملكة العربية السعودية زادت إنتاجها اليومي من النفط بـ 300 ألف برميل في منتصف شهر أيار(مايو)، حيث يتوقع أن يصل الإنتاج إلى 9.4 مليون برميل يوميا خلال شهر حزيران (يونيو)، كما سوف تصل زيادة الطاقة العالمية الفائضة إلى 1.4 مليون برميل يومياً، معظمها موجود لدى المملكة العربية السعودية. ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج دول منظمة (أوبك) من النفط خلال الربع الثالث من عام 2008، على الرغم من أن ذلك يعتمد على تطورات الأوضاع الأمنية في كل من العراق، ونيجيريا. ويخطط العراق إلى زيادة صادراته من حقوله الشمالية خلال شهر حزيران (يونيو) بمعدل 100 ألف برميل يومياً إذا سمحت الأوضاع الأمنية بذلك.