السندات تتقدم ولكن التعافي لا يزال هشاً في أسواق المال
الانهيار الأخير في أسعار السندات الحكومية توقف هذا الأسبوع في الوقت الذي سعى فيه مسؤولو البنوك المركزية لكبح جماح التوقعات بزيادة عالمية في أسعار الفائدة، وتعمق المخاوف حول آفاق القطاع المالي.
إلا أن محللين قالوا إن اندفاع أسواق السندات يبدو هشاً، على اعتبار أن المخاوف من التضخم ازدادت اشتعالاً بفعل أسعار النفط القياسية المرتفعة والأسعار القوية على نحو مقلق لبيانات الأسعار في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو وبريطانيا.
قال بيتر شافريك، وهو محلل استراتيجي للدخل الثابت لدى بنك دريزدنر كلاينفورت Dresdner Kleinwort: "لا يزال التضخم هو الموضوع الرئيس الذي يقض مضجع أسواق السندات، ولم تفعل جميع الأرقام الصادرة هذا الأسبوع شيئاً يذكر لطمأنة المشاركين في السوق وتهدئة مخاوفهم".
ولكن العائدات على السندات هبطت في الوقت الذي أذاع فيه بعض مسؤولي البنك المركزي الأمريكي أنهم يشعرون بأن الأسواق تمر بحالة من الاندفاع والانجراف وراء توقعاتها حول رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. وتحركت العقود الآجلة لأسعار الفائدة لاحتساب فرصة مقدارها 10 في المائة في حدوث ارتفاع في أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية في البنك المركزي الأمريكي في الأسبوع المقبل، في مقابل احتمال 22 في المائة الذي تم احتسابه في الأسبوع الماضي.
وفي اتجاه مماثل، أكد مسؤولو البنك المركزي الأوروبي أن الزيادة المتوقعة على نطاق واسع في أسعار الفائدة في منطقة اليورو في الشهر المقبل لن تكون نذيراً بسلسلة من الزيادات.
قال ريكاردو باربيري، وهو محلل استراتيجي لدى بانك أوف أمريكا Bank of America: "البيانات الأخيرة من البنوك المركزية تشير إلى أنها في الوقت الحاضر ترغب في إرسال رمية بالسهم لمرة واحدة وأنها لا تلزم نفسها مسبقاً بحملة كبيرة لرفع أسعار الفائدة".
هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل سنتين بمقدار تسع نقاط أساس ليصل إلى 2.85 في المائة، في حين أنه في أوروبا هبط العائد على سندات الخزانة الألمانية بمقدار ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 4.6 في المائة.
في بريطانيا، هبط العائد على سندات الخزانة البريطانية بمقدار ست نقاط أساس ليصل إلى 5.39 في المائة، في الوقت الذي راوحت فيه التوقعات حول أسعار الفائدة بين الشد والجذب. ورغم أن معدل التضخم الإجمالي في بريطانيا وصل إلى 3.3 في المائة في الشهر الماضي، إلا أن محافظ البنك المركزي استنتج أن مسار أسعار الفائدة اللازم لتحقيق الرقم المستهدف للتضخم لم يكن مؤكداً، مما دفع بالعوائد إلى أن تهبط بصورة حادة.
ولكن هذا الاتجاه العام انقلب إلى العكس في الوقت الذي تسببت فيه بيانات مبيعات التجزئة في بريطانيا في إحداث واحدة من أعنف صدمات هذا الأسبوع. فالرقم المذهل للزيادة في المبيعات بنسبة 3.5 في المائة في أيار (مايو) كان يتحدى الأدلة المستقاة من الاستبيان ومن القصص التي ترويها شركات التجزئة، وأثار استجابة حذرة من المحللين.
قال هوارد آرتشر، وهو اقتصادي لدى جلوبال إنسايت Global Insight: "من المرجح أن يعامل البنك المركزي البريطاني بيانات مبيعات التجزئة بقدر كبير من الحذر".
كذلك فإن الزيادة في أسعار السندات كانت مدفوعة بالهروب نحو الاستثمارات الجيدة في الوقت الذي استمرت فيه المخاوف حول القطاع المالي من التأثير سلباً في أسواق الأسهم والائتمان.
تصدر عناوين الأخبار التقرير الذي أظهر انخفاضاً في أرباح بنك مورجان ستانلي Morgan Stanley وسط موجة من التوقعات الوخيمة حول آفاق البنوك الإقليمية، حيث إن التوقعات تشير إلى أن الخسائر يمكن أن تتصاعد في مجموعتي القروض السكنية، وهما فاني ماي وفريدي ماك، وقيام وكالات التقييم الائتماني بتخفيض مرتبة الجدارة الائتمانية أكثر من ذي قبل لشركتي التأمين على السندات إم بي آي إيه MBIA وشركة أمباك Ambac.
كان من شأن القدوم المتواصل للأنباء المقلقة أن توسعت الفروق في العوائد على السندات الحكومية وسندات الشركات في كل من الولايات المتحدة وأوروبا. ارتفع مؤشر أي تراكس، وهو مؤشر يراقبه المحللون من كثب لأنه يقيس مستوى الائتمان، ارتفع لفترة وجيزة فوق مستوى 500 نقطة أساس، بعد أن أقفل في الأسبوع الماضي عند 470 نقطة أساس.
بحلول منتصف اليوم في نيويورك، هبط مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بمقدار 2.4 في المائة خلال الأسبوع، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا هبط بمقدار 3.5 في المائة. ولكن الأسهم اليابانية استمدت بعض الدعم من النغمة الهادئة للين أثناء معظم الأسبوع، وهبط مؤشر نيكاي 225 بمقدار 0.2 في المائة فقط.
شهدت الأسهم الصينية أسبوعاً متقلباً، حيث تُوِّج باندفاع قوي في أعقاب الأنباء التي تحدثت عن أن بكين سمحت بزيادة أسعار الوقود.
أثار هذا الإعلان مخاوف من أن التضخم في الصين يمكن أن يمتد ويتصاعد إلى الأعلى، ولكنه دفع بأسعار النفط إلى الهبوط بصورة حادة. وجاء هذا القرار بعد أيام فقط من ظهور تقارير تفيد بأن السعودية يمكن أن تعلن زيادة في إنتاجها النفطي في عطلة هذا الأسبوع.
أشار آرن لومان رازموسين، وهو محلل أول لدى دانسكه بانك Danske Bank، إلى أن زيادة الأسعار في الصين تم التنسيق بشأنها على نحو ما مع السعوديين.
وقال: "إن الصينيين يقلصون من نمو الطلب لديهم، والسعوديون يثبتون أن في إمكانهم بالفعل وضع المزيد من النفط في الأسواق".
"بالتالي فإننا نرى أن هناك فرصة كبيرة في أن أسعار النفط ستهبط أكثر من ذي قبل على المدى القصير".
إلا أن اقتصاديين لدى مؤسسة آي إن جي فاينانشيال ING Financial كان لهم رأي مختلف. وقالوا: "استفادت السلطات الصينية من بيانات الأسبوع الماضي التي أظهرت تباطؤ معدل التضخم في أسعار المواد الغذائية في سبيل رفع أسعار الوقود".
"نتوقع من هذا القرار أن يبقي معدل التضخم الإجمالي عند مستوى مرتفع، ولكننا لا نتوقع أي أثر في النمو، وهو ما يجعلنا نتشكك في أن هذا القرار سيكون له أثر كبير في أسعار النفط العالمية".
تحركات أسعار النفط سيطرت على أسواق السلع في الوقت الذي سجلت فيه العقود الآجلة لخام غرب تكساس المتوسط تسليم تموز (يوليو) رقماً قياسياً هو 139.89 للبرميل يوم الإثنين، ثم أمضى بقية الأسبوع وهو يتأرجح بعنف.
في أسواق العملات، عانى الجنيه الاسترليني وقتا متقلبا في الوقت الذي أعاد فيه المستثمرون تقييم نظرتهم لآفاق أسعار الفائدة في بريطانيا. استقر الاسترليني عند مستوى أعلى بمقدار 1.4 في المائة في مقابل الدولار.
قفز اليورو إلى ما فوق مستوى 1.56 دولار، كما حقق بعض التقدم في مقابل الفرنك السويسري، في الوقت الذي ارتبكت فيه التوقعات بزيادة أسعار الفائدة في منطقة اليورو بفعل إخفاق البنك المركزي السويسري في رفع تكاليف الاقتراض في اجتماع السياسة النقدية الذي عقده البنك يوم الخميس الماضي.