استقرار نسبي في أسعار النفط .. وتحركات سعودية تعيد المعنوية تدريجيا
استقرت أمس أسعار النفط دون 134 دولارا للبرميل بعد تراجعها على مدى ثلاثة أيام بينما تترقب السوق بيانات يتوقع أن تظهر انخفاض مخزون النفط الخام الأمريكي قبل اجتماع استثنائي يعقده المنتجون والمستهلكون في السعودية بهدف احتواء الأسعار.
ويتزامن ذلك مع بداية العد التنازلي للقاء المرتقب في جدة الأحد المقبل الذي يركز على بحث أسباب الأسعار المرتفعة، وأدت توقعات بارتفاع إنتاج السعودية أكبر دول العالم تصديرا للنفط إلى تراجع الأسعار عن مستوياتها القياسية قرب 140 دولارا للبرميل.
وهبط الخام الأمريكي الخفيف في عقود تموز) يوليو) 20 سنتا إلى 133.81 دولار للبرميل لتصل خسائره في أربعة أيام إلى نحو ثلاثة دولارات، وكان عقد تموز (يوليو) قد سجل لفترة قصيرة مستوى قياسيا قرب 140 دولارا للبرميل يوم الإثنين. وانخفض سعر مزيج برنت 19 سنتا إلى 133.53 دولار للبرميل.
وكان رد الفعل المبدئي لتجار النفط فاترا تجاه عرض السعودية زيادة الإنتاج ولكن المحللين قالوا إن أدلة متزايدة على دخول مزيد من النفط السوق بدأت تغير المعنويات تدريجيا.
وقال روبرت نونان مدير قسم إدارة المخاطر في "ميتسوبيشي كورب" في طوكيو " أنا مندهش من أن الأسعار لم تنخفض أكثر... إذا خفض السعوديون سعر نفطهم بشكل ملموس فإنني أعتقد أن المصافي الأمريكية ستبدأ فعليا في الشراء وتكوين مخزونات.
وأوضح لــ" الاقتصادية" أنس الحجي الخبير في شؤون النفط والطاقة أن الحكومة السعودية قلقة بشأن حصة النفط في أسواق الطاقة العالمية و حصتها في أسواق النفط العالمية، مشيرا إلى أن السعودية أكبر متضرر في العالم من ارتفاع أسعار النفط بهذا الشكل.
وقال" ارتفاع أسعار النفط بالشكل الحالي سيقلل الطلب على النفط وسيزيد إنتاج مصادر الطاقة البديلة وسيشجع دولا خارج "أوبك" على زيادة الإنتاج"
وبين الحجي أنه وعلى الرغم من الأسباب العديدة لارتفاع أسعار النفط سيحاول كل طرف التركيز على الأسباب التي تخدم مصالحه السياسية والاقتصادية. وهذا الاجتماع لن يكون جلسة تحقيق.
وأضاف الحجي أن النتيجة الحتمية لذلك هي انخفاض الأسعار، على سياق الأسعار التي انخفضت في منتصف الثمانينيات وفي عامي 1998 و1999. لهذا فإن الاجتماع سيخدم في النهاية المصالح السعودية الخاصة، بغض النظر عن المجاملات و العبارات الدبلوماسية التي سنسمعها خلال الاجتماع.
يبرز ملف التقاء المصالح بين الجهات الثلاث المسؤولة عن ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية, كأحد أهم العوامل التي يمكن أن تسهم في استقرار الأسواق حال التركيز عليها في لقاء النفط يوم الأحد المقبل في جدة، كما يقول الخبراء.
وهنا يؤكد الدكتور راشد أبانمي الخبير في شؤون الطاقة أن عامل التقاء المصالح بين المنتجين والمستهلكين يعتبر أهم عامل يجب طرحه في اللقاء بشكل صريح وواضح ومن ذلك أن تتفهم الدول المستهلكة أن عليها إعادة تنظيم الرقابة وأن تحد من انتقال السياسيين إلى مواقع اقتصادية، مع أهمية إعادة النظر في الأنشطة لأنها جزء من حريات الاقتصاد العالمي,كما يجب على الدول ذاتها النظر في الصراعات التي تتسبب فيها عند منابع النفط.
وأشار أبا نمي إلى أنه يجب أيضا فرض ضرائب على الشركات النفطية التي تربح أرباحا خيالية، وذلك في إطار زيادة كفاءة الاستهلاك, والعمل على الحد من النمو الاقتصادي في الصين والهند وإلغاء أو إضافة الثروة النسبية لأن المخزون النفطي يستنفد.
وأضاف أبانمي أن من بين عوامل التقاء المصالح رفع الدعم على الطاقة للحد من الاستهلاك العشوائي لها إذ إن انخفاض أسعارها يساعد على التخلي عن وسائل النقل البديلة مثل القطارات وشبكات النقل الداخلي في الدول, مشيرا إلى أن منطقة الشرق الأوسط تعاني كثرة استهلاك الطاقة.
وبين الخبير النفطي السعودي أن من بين التقاء المصالح بين الدول في سلعة النفط أن تحافظ الدول المنتجة على آبار النفط وأن توليها عناية كبيرة بحيث لا تستخرج منها طاقتها الكاملة لتسهم في إطالة عمر الآبار والمحافظة عليها للأجيال المقبلة.
وتابع" أن مبدأ المصالح المشتركة إذا تم تفعيله في لقاء جدة سيتم تحقيق الصالح العام لمستقبل العالم ومن ذلك العمل سويا على تحديد أسعار النفط وفق مؤشر يحقق مصالح جميع الأطراف".
من جانبه أوضح عصام خليفة عضو جمعية الاقتصاد السعودي والمهتم بملف النفط أن لقاء جدة يجب أن يركز على الشفافية والتقاء المصالح بين الجهات الثلاث: الدول المنتجة، المصنعة، وشركات المضاربة إذا إن التحرك في هذا الإطار يساعد بشكل سليم على تخفيف حدة التصاعد في أسعار النفط التي تشهده الأسواق, ومن ذلك الإفصاح عن الحقائق المتعلقة بملف النفط بكل مصداقية وشفافية والخروج من التصادمات.
وأشار عصام إلى أن خطوة السعودية في رفع الإنتاج ستسهم في خفض الأسعار إلا أن ذلك يجب أن يكون مدعوما بجهد مشترك من قبل شركات المضاربة, مشيرا إلى أن التقلبات التي تعيشها سوق النفط العالمية جاءت في إطار مخاوف من النمو السريع والطلب المتزايد على الطاقة على الرغم من أن الكميات المعروضة تتعادل نسبيا مع حجم الطلب إلا أن المضاربة والوضع السياسي يظلان من أهم العوامل التي تدفع بالأسعار إلى الصعود.
وكانت السعودية قد أعلنت رسمياً أنها دعت وزراء الطاقة في الدول المنتجة والمستهلكة للنفط إلى المؤتمر الذي سيعقد في الـ 22 من حزيران (يونيو) الجاري في جدة، لدرس أسباب ارتفاع أسعار النفط.