شيء من حاضر التأمين السعودي

شيء من حاضر التأمين السعودي

تطور التأمين في السعودية خلال السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ من الناحية التنظيمية من حيث تأسيس ومراقبة شركات التأمين، إلا إنه لا يزال يحتاج إلى الكثير للارتقاء إلى الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لذلك القطاع الذي سيصل حجمه إلى 15 مليار ريال خلال السنوات القليلة المقبلة حسب ما توقعته الدراسات.
وقد أصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي ترخيصاً لعدة شركات تأمين لمزاولة النشاط وصرفت بعض تلك الشركات أموالاً طائلة في تأسيسها وهو ما قد تجاوز ربع رأس المال في بعضها. وفي تصوري أن تلك الشركات ستحاول تعويض هذه الخسارة بأسرع وقت ممكن، كما ستحاول الشركات القائمة المحافظة على حصتها من السوق، لذلك يلجأ البعض من تلك الشركات إلى خفض أسعار التأمين لجذب العملاء من العامة عن طريق عدة بدائل منها على سبيل المثال خفض حدود ومنافع التغطية التأمينية أو رفع نسبة مشاركة العميل في الخسارة عن طريق رفع نسبة التحمل (التحمل أو الاقتطاع هو مبلغ محدد في الوثيقة فإذا تجاوز مبلغ الخسارة ذلك المبلغ فإن شركة التأمين تدفع الفرق أي لا تدفع إلا المبلغ الزائد على مبلغ التحمل).
إن رفع نسبة التحمل بدرجة عالية على الأفراد قد تخالف الأهداف الأساسية لمفهوم التحمل وهى جعل العميل أكثر حرصا ولتقليل المصروفات الإدارية باستبعاد المطالبات ذات المبلغ المنخفضة، فبعض الشركات قد تجعل المؤمن له يدفع جزءاً كبيراً من الخسارة أو يتحمل أغلب الخسائر لذا على المؤمن له أن يقرأ عقد التأمين جيداً قبل شراء الوثيقة ولا ينتظر لحين حدوث الضرر.
فكل ما يجذب المستهلك حاليا ويشد انتباهه عند إصدار الوثيقة هي الأسعار وكم يدفع كي يحصل على وثيقة تشترك في الاسم مع الشركة الأخرى وتختلف في السعر بغض النظر عن التغطيات والشروط والأحكام، لذلك على المؤمن له أن يستفسر عن أي شرط غامض وله الحق في الحصول على رد مكتوب من الشركة، كما أن عليه أن يعرف الأخطار المؤمنة مثل الحريق والمذكورة صراحة في الوثيقة والأخطار المستثناة مثل الحروب والشغب والأخطار غير المؤمنة وغير المستثناة مثل أضرار الدخان الناتج عن الحرائق.
في المقابل على شركات التأمين أن تحافظ على العملاء أصحاب الأخطار ذات معدلات الخسائر المنخفضة وعليها زيادة حصتها بانتقاء الأخطار من ذلك السوق الوعد في ظل نمو الاقتصاد السعودي كما يتوجب عليها البحث عن أفضل قنوات الاستثمارات لأقساط التأمين للحصول أعلى عائد تستطيع من خلاله تسديد التعويضات وتقديم أسعار منافسة، حيث إن أرباح الشركات التأمينية = الأقساط المحصلة + الدخل من الاستثمار – المطالبات المدفوعة – تكاليف الاكتتاب واستخدام التقنية الحديثة للتقليل من المصاريف الإدارية ولتسهيل الإجراءات على العملاء.
ولكون عقود التأمين عالية المهنية والتخصص وأن المؤمن لهم تنقصهم الخبرة لفهم تلك العقود فإن الدول تحرص دائماً على وضع النظم والتشريعات التي تضمن حقوق عملاء التأمين، وحيث إن التامين حديث في بلادنا فإن مؤسسة النقد العربي السعودي تحاول السيطرة على السوق بنسبة100في المائة بعدما كانت صفر في المائة، بحيث لا تسمح لأية شركة بطرح منتج دون موافقة المؤسسة وهذه إحدى الخطوات الإيجابية، إلا أن بطء الإجراءات التي تستغرق عدة أشهر قد يؤدي إلى نتائج سلبية خاصة بالنسبة لشركات التأمين الحديثة التي تحتاج إلى الدخول في السوق وطرح منتجاتها لمزاولة النشاط والحصول على حصة من السوق حتى تستطيع إطفاء تكاليف التأسيس والتشغيل والاستمرار في السوق.
من ناحية أخرى فإنه من الضروري أيضا على "ساما" متابعة تطوير الاصوال الحقيقية لشركات التأمين وهى الكوادر السعودية داخل تلك الشركات نظرا لكثرة شركات التامين وندرة الكفاءات السعودية المتخصصة في هذا المجال والذي أدى في نهاية الأمر إلى سيطرة المتعاقدين من غير السعوديين على الإدارات العليا في بعض الشركات وإدخال فئة من الشباب السعودي ذوي المهارات المحدودة "ككتبة" في تلك الشركات، وذلك فقط لتحقيق نسبة السعوده المطلوبة وهى 30 في المائة في نهاية السنة الأولى، مما سيؤثر سلبا في استقرار ذلك القطاع الحيوي.
كما أنه على "ساما" أن تتابع الحملات الإعلانية والدعائية التي تنفذها بعض الشركات، بحيث لا تكون غامضة ومضللة للمستهلك في حين على شركات التأمين أن تركز على رضا العملاء من خلال تقديم منتجات تفي بالوعد وتلبي احتياجات المستهلك لما لسلعة التأمين غير الملموسة من مكانة جوهرية وأساسية في العملية التسويقية، وعلى الشركات البعد عن الإعلانات الغامضة لمنتج تأميني رديء لا يكتشفه المستهلك إلا عند حدوث الخطر.

متخصص في شؤون التأمين
[email protected]

الأكثر قراءة