الصناديق الإسلامية والرأسمالية

الصناديق الإسلامية والرأسمالية

في نيسان (أبريل)، فاز صندوق أمانة، الذي يتولى إدارة نحو 400 مليون دولار، بجائزة ليبر فاند الأمريكية في فئة دخل الأسهم للعام الثاني على التوالي. تمكن مدير الصندوق كايزر منعم من تحقيق النصر للمرة الثانية على نحو 200 صندوق من الصناديق المماثلة. ليس هذا فحسب، بل إنه حقق ذلك بحيث كانت الأسهم التي اختار الاستثمار فيها لا تخالف الأحكام الشرعية الإسلامية. لكن يمكن أن يقال إن الأحكام الشرعية هي التي أعانت كايزر في الفوز بهذه الجائزة من بين الصناديق التقليدية. فخلال الأعوام الخمسة الأخيرة حقق صندوق أمانة عوائد بنسبة 20 في المائة سنوياً.
ربما تبدو المبادئ الشرعية وكأنها تأتي من عالم بعيد ومختلفة عن غيرها إلى حد كبير، ولكن الواقع أن الإسلام يدفع بمدير الأموال إلى أساسيات الاستثمار في الأسهم. بمعنى أن على المدير أن يشتري أسهم الشركات المستقرة وذات الرسملة الجيدة في صناعات لا تستدعي ردة فعل أخلاقية أو قانونية، ومن ثم حيازة الأسهم المذكورة لفترة طويلة، وعدم بيعها إلا عند الضرورة، وألا يكون البيع على أساس استباق حركة السوق، وهو نوع من التعاملات, يقول الفقهاء المستشارون لكايزر إنه قريب من فكرة المقامرة إلى حد غير مريح.

تشبه استراتيجية أمانة أحد أنجح وأقدم الصناديق المشتركة في الولايات المتحدة. تأسس صندوق واشنطن ميوتشوال (الذي تديره مؤسسة أمريكان فاندز) في واشنطن العاصمة عام 1958. في ذلك الحين كان القانون يلزم الصناديق التي كانت تريد استثمار الأموال العامة باتباع "قاعدة المستثمر الحصيف"، والتي كانت تمنع التداول في أسهم شركات التبغ والكحول، وكانت توجه المديرين نحو إبقاء الميزانيات العمومية في وضع قوي والاستثمار في الأسهم التي توزَّع عليها أرباح سنوياً. والنتيجة هي صندوق تبلغ قيمته الآن 75 مليار دولار ظل على قيد الحياة 50 عاماً في صناعة لا تستطيع فيها معظم الصناديق البقاء على قيد الحياة حتى لخمسة أعوام.
بدأ كايز صناديقه بعد أن وظفه عملاء من إنديانابوليس لإدارة حسابات خاصة لعدد من المستثمرين المسلمين. وكان أداء الصناديق طيباً ولكنها ظلت صغيرة الحجم خلال التسعينيات. ظلت الأمور على هذه الحال إلى عام 1998 حين أصدر يوسف طلال ديلورنزو، وهو مستشار مخضرم للمستثمرين الإسلاميين ومن الفقهاء الشرعيين، ما أصبح يعرف بتعبير "فتوى داو جونز". بموجب هذه الفتوى يستطيع المستثمر الاستثمار فيما أطلق عليه ابنه (الذي يعمل موظفاً لدى الشركة التي تدير صناديق أمانة) تعبير "قدر من الشوائب المسموح بها".
تقريباً لا تستطيع أية شركة الالتزام التام بالأحكام الشرعية. من الأسهم التي يفضلها كايزر منذ زمن طويل هي أسهم شركة أبل للكمبيوتر، التي تصنع أجهزة يستخدمها بعض الناس أحياناً لمشاهدة المواد الإباحية والمقامرة. هنا يأتي دور الشوائب المسموح بها.
بعد صدور فتوى داو جونز، بدأ ممثلون من صناديق أمانة بزيارة المساجد في جميع أنحاء الولايات المتحدة. ورغم أن "أمانة" موجودة منذ فترة طويلة، إلا أن الصناديق لم تكن معروفة على نطاق واسع، ولم يكن المهاجرون المسلمون الجدد على علم بتقليد الاستثمار في الصناديق المشتركة، على اعتبار أن هذه الصناديق لم تكن خياراً استثمارياً بالنسبة إليهم. أما الآن فإنه يوجد ما يزيد على مليار دولار في الصندوقين الإسلاميين اللذين تديرهما "أمانة". يذكر أنه في عام 1998 كانت الأموال الموجودة في الصندوقين أقل من 30 مليون دولار.

الأكثر قراءة