العولمة وعلاقتها بالثقافة والتعليم في الألفية الجديدة

تحدد العولمة ملامح العصر المقبل. وبينما يثار حول هذه الظاهرة جدل واسع في مجالات الاقتصاد والسياسة وغيرها من المجالات، إلا أن العديد من خصائصها لا تزال غامضة. تعد قضية التعليم واحدة من أهم القضايا ذات التأثير الكبير والتي لم تتضح ملامحها بعد.
يستعرض الكتاب تأثير العولمة وما يصاحبها من ظاهرة الهجرة واسعة النطاق في الأطفال والشباب الملتحقين بالمدارس والمتسربين من التعليم، ويركز على التغيرات التاريخية والثقافية والتكنولوجية والسكانية في عصر العولمة.
اعتمادا على مواد ودراسات مقارنة في مجالات مختلفة، يشرح الكتاب تداعيات العولمة النفسية والاجتماعية، الثقافية والتاريخية المعقدة على الأطفال والشباب في العصر الحالي. يؤكد الكتاب أننا في حاجة إلى شرح وتعليم الرؤى العالمية الجديدة واسعة النطاق للأطفال والشباب لنضمن وجود مواطنين على درجة من العلم ووضوح الرؤية فيما يتعلق بالعولمة كأمر واقع.
تعتمد كل النظم الاجتماعية على الحاجة إلى نقل القيم والأخلاقيات والمهارات والقدرات من جيل إلى الجيل التالي له. يختلف عالم اليوم كثيرا عن الأمس، فبينما استمرت حياة الناس في التأثر أساسا بالواقع المحلي، فإن هذا الواقع قد صار أكثر تأثرا واندماجا في العلاقات العالمية، أي أن قوى العولمة تؤثر في الشباب والعائلات وأنظمة التعليم في العالمي أجمع.
تتلخص الفكرة المحورية لهذا الكتاب في أن حياة وتجارب شباب اليوم ستكون مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحقائق الاقتصادية والعمليات الاجتماعية والابتكارات الإعلامية والتكنولوجية والتدفقات الثقافية العابرة للحدود القومية.
يطرح الكتاب فكرة أن التحولات العالمية تتطلب من الشباب تطوير قدرات واكتساب مهارات وعادات تفكير مختلفة بعيدة كل البعد عما يمكن أن تقدمه الأنظمة التعليمية التقليدية.
وبالتالي فإن نظام التعليم سيحتاج إلى إعادة هيكلة ليستطيع إعداد الأطفال للعالم الذي تطرح فيه العولمة الكثير من التحديات والفرص، كما تستلزم الكثير من التكاليف. سيكون التحدي الأساسي الذي يواجه نظام التعليم هو تشكيل المهارات المعرفية ومهارات التواصل والأساليب الثقافية للأطفال ليتمكنوا من إدراك معطيات البيئة المحلية لهم وعلاقاتها بالبيئة العالمية.
تعد موجة العولمة الحالية جزءا من نتاج الإعلام والمعلومات وتكنولوجيا الاتصالات العالمية التي تربط الأفراد والمؤسسات والأنظمة عبر المسافات الشاسعة.
من القضايا التي تطرحها العولمة موضوع تأثير التكنولوجيات الجديدة في الثقافات المحلية حول العالم، فهذه التكنولوجيات تنتج صورا قد تكون وهمية إلا أنها قوية ومغرية للحياة الجميلة والأشياء الرائعة التي تحتويها هذه الحياة وتنشر هذه الصور الوهمية حول العالم، مما قد يوحد رغبات الشباب حول العالم ويركزها في نمط حياة معين ينظرون إليه على أنه الأفضل.