رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


شمعة وسط الأزمة المالية العالمية

[email protected]

يتأثر الاقتصاد السعودي من الأزمة العالمية الحالية من خلال قناتين مهمتين: الأولى، أسعار النفط والبتروكيماويات، والثانية الاستثمارات الخارجية. فمن الملاحظ أن أسعار النفط والبتروكيماويات تتراجع بقوة، لكنها ستسقر عند السعر العادل لها. فالسعر العادل للنفط، هو 60 دولاراً للبرميل، وهو كاف لمحافظة المملكة على ديمومة النمو الاقتصادي. كما أن انخفاض أسعار البتروكيماويات من قمتها بنسبة تصل إلى 50 في المائة لن يؤثر كثيراً في الصناعة نفسها لامتلاك المملكة الميزة التنافسية في صناعة البتروكيماويات التي تتميز برخص التكلفة، مما يجعل المملكة قادرة على المنافسة بقوة في هذه الصناعة. إن وصول أسعار النفط إلى نحو 147 دولاراً للبرميل لم يكن منطقياً، كما هو الحال عند وصول أسهم بعض الشركات المتعثرة إلى آلاف الريالات في 2006. كما أن أسعار البتروكيماويات ارتفعت بشكل جنوني حتى بات توقف الاستثمار في الصناعات التي تعتمد على البتروكيماويات أمر متوقع، حتى لو لم تحدث انهيارات المؤسسات المالية الغربية.
وبالنسبة للاستثمارات الأجنبية فإنها قد تتباطأ كثيراً لكنها ستعاود التدفق متى عاد الاستقرار إلى الأسواق المالية العالمية الذي أعتقد أنه لن يطول . ناهيك عن أن القطاع المصرفي والصناديق الحكومية تتميز بملاءة مالية عالية قادرة على تلبية احتياجات التمويل لسنوات قادمة. خصوصاً أن التوقعات تشير إلى مواصلة ميزانية الحكومة على توازنها مع وجود فوائض مالية قادرة على إبقاء زخم الإنفاق الحكومي توسعياً، ما يجعلنا نطمئن على استمرار تدفق السيولة التي ستسهم في محافظة الاقتصاد المحلي في نموه المطرد. إلا أن المشكلة الرئيسية تكمن في قدرة إعادة عجلة الإقراض إلى مسارها عن طريق إعادة الثقة بالنظام المالي المحلي. ولن يتأتى ذلك إلا بعودة الثقة للنظام المالي العالمي، وهو ما تعمل البنوك المركزية لكل الدول على تحقيقه. فإضافة إلى ضخ مليارات من الدولارات في النظام البنكي، فإن أسعار الفائدة بدأت تتهاوى، لتقديم سيولة رخيصة كما هو الحال في السنوات الأولى في الألفية الثالثة. ولأن الحديث مازال عن الاستثمارات الأجنبية، فإننا لا نشك في أن استثمارات البنك المركزي والبنوك السعودية قد تأثرت بانخفاض قيمتها. لكنها لا تشكل نسبة كبيرة من أصول بنوكنا المحلية. فهي لا تتجاوز 6 في المائة في بعض بنوكنا، وتصل في أعلاها إلى 15 في المائة في بنكين فقط تقريباً. ما يجعل بنوكنا في مأمن ومنأى عن أية تأثيرات مباشرة في وضعها المالي.
نحن لا نتوقع أن تستمر تداعيات الأزمة لفترة طويلة، فسنة 2009 ستكون اختباراً حقيقياً للاقتصادين العالمي والمحلي لمعرفة اتجاه النمو في السنوات التالية . إذ من السابق لأوانه الحديث عن أي تعاف حتى نلمس تأثيرات الحلول الحالية في معالجة الأزمة. لقد كتبت في بداية أيلول (سبتمبر) عن القراءة الصعبة لتوجه سوقنا المحلية، وفي العشرين من أيلول (سبتمبر) تحدثت عن أزمة السيولة المحلية، وهل تؤدي إلى أزمة ائتمانية بوقت كاف قبل الانهيار المالي في أمريكا، وأثناء الأزمة تحدثت عن ضرورة الاحتفاظ بالكاش (يمكن النظر في المقالات على موقع الاقتصادية في الإنترنت).
وأتمنى أن تتحقق نظرتي في هذه المقالة. فهي تبدو تفاؤلية في خضم موجة التشاؤم الكبيرة التي تكتسح الاقتصادين العالمي والمحلي على كل الأصعدة. إن إشعال شعلة في هذا الظلام الدامس خير من لعن الظلام. إنها أزمة وستزول، وسنعود بإذن الله إلى مستقبل مشرق، ليس فقط لاقتصادنا المحلي، بل والاقتصاد العالمي. إن الخسائر التي تحققت والتي ستتحقق يجب أن تبقى خسائر ورقية، إذ لا أنصح بالتفريط في العقار أو الأسهم ما لم يكن هناك ضرورة للحصول على الكاش. لذا أعود وأقول مرة أخرى إن الاحتفاظ بالكاش هو أفضل الخيارات الآن، حتى تأتي اللحظة المناسبة للانطلاق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي