تقرير: الأموال تخرج من سوق السلع إلى الأسهم مع إشارة تثبيت الفائدة الأمريكية
بعد أداء متميز استمر على مدار الفترة الأخيرة بدأت الأموال تتدفق فجأة خارج سوق السلع مع إعادة تخصيص المستثمرين لأموالهم وإعادتها للاستثمار في سوق الأسهم على خلفية تلميح مجلس الاحتياط الفيدرالي إلى التوقف مؤقتا عن المزيد من التخفيض في أسعار الفائدة. وفي يوم الخميس، كسر مؤشر الأسهم الأمريكية عند الإقفال سقفا استمر على مدى شهرين ونصف ليحقق ارتفاعا إلى ما فوق حاجز 1405 نقطة مع تزايد الثقة من جديد على خلفية التفاؤل بانقضاء الفترة الأشد سوءا وانخفاض أسعار السلع.
ووفقا لتقرير بنك ساسكو Saxo Bank ستتجه جميع الأنظار هذا الأسبوع صوب إصدار إحصائيات أجور العاملين في القطاع غير الحكومي من أجل تحديد اتجاه أسوق الأسهم. وإذا تساوت الأرقام مع توقعات السوق البالغة 35000 أو قاربتها، فإن نشاط الأسهم من بعد ركودها سيستمر.
غير أنه في خضم هذا التفاؤل المفرط يواصل مستوى البطالة في الولايات المتحدة الصعود، حيث كشفت أرقام صدرت بالأمس عن أسوأ تعويضات بطالة (بمقدار ثلاثة ملايين) منذ عام 2004، في حين تظهر المستويات الأوروبية بوادر مقلقة عن السير في الاتجاه ذاته.
ولا ريب أن حدوث حالات قصيرة الأجل من النشاط بعد حالة من الركود في الأسواق الانخفاضية أمر شائع، ونحن لا نختلف مع معظم الناس في هذه المسألة، بيد أن التحول الحقيقي لا يزال بعيدا. ولنكن على يقين من أن البنوك ستبدأ خلال الشهور المقبلة في أن تشهد زيادة في حالات التخلف عن دفع القروض التي تتضمنها محافظها المقدمة للشركات والأفراد، وسنجد البنوك من جديد تبحث عن مزيد من رأس المال لدعم دفاتر حساباتها. ودون دفع القاطرة المصرفية الرئيسة للاقتصاد ومع تضرر المستهلكين بشدة بسبب ويلات التضخم والرهون، فإنه من الصعب أن نرى علاجا مؤقتا سريعا للوضع.
ويضيف التقرير: مرة أخرى نجد أن السوق جزافي؛ إذ لا يأخذ في اعتباره تحاليل المعلومات الاقتصادية الأساسية. أما الوظيفة التحوطية للدولار فهي آخذة في التناقص، والصناديق تحقق بعض الربح في الفترة الحالية قبل أن تعاود الدخول في مستويات منخفضة في وقت لاحق من العام.
ويشدد محلل التقرير: ظللنا لفترة طويلة نؤيد بقوة انخفاض أسعار النفط بناء على المعلومات الاقتصادية الأساسية، ولاسيما الإحصائيات الانخفاضية. ورغم ذلك فإن سعر النفط يستجيب دائما لأحداث الجغرافيا السياسية، مثل حالات الإضراب في نيجيريا، ويعيد إلى أذهان المتعاملين بالسوق حقيقة محدودية الطاقة الإنتاجية الفائضة مع اتجاه هذه السوق نحو فترة الذروة في الموسم لقيادة المركبات.
ويضيف، نذكر أن أعلى سعر وصل إليه النفط على مدى الأشهر الستة الماضية قد حفزه إلى حد كبير إقبال المستثمرين على شراء السلع باعتبارها "وعاء تحوط ضد الدولار المائل إلى الضعف"، بيد أن هذا الوضع بدأ يتغير في ظل تعليقات مجلس الاحتياط الفيدرالي الأخيرة التي أثارت تفاؤل السوق بشأن استعادة الدولار الأمريكي لشيء من قوته. كما أنه بالرغم من التناقص الشديد في الطلب، إلا أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أوردت في تقريرها أن الطلب الأمريكي على النفط ارتفع بنسبة 0.5 في المائة خلال شهر نيسان (أبريل) الماضي مقارنة بنفس الشهر من عام 2007. وتأتي هذه الإحصائية مغايرة لرأي السوق بشكل عام الذي لا يركز في الأساس إلا على الانخفاضات في الإنتاج كالتي رأيناها في كل من المكسيك وروسيا.
وتوقع التقرير حدوث تصحيح أعمق في الأيام أو الأسابيع المقبلة ونضع هدفا عند 107.50 دولار لبرميل النفط خام، وسيط غرب تكساس تسليم حزيران (يونيو) حتى لو كان الانخفاض الأخير سريعا جدا لدرجة أنه لا يمكن وصف الأمر بأنه نشاط قصير الأجل.
وانخفضت أسعار المعادن الثمينة بشدة، حيث أظهر الذهب، على وجه الخصوص، ارتباطا شديدا باليورو مقابل الدولار، وهو ما ازداد قوة على خلفية توقعات السوق بأن مجلس الاحتياط الفيدرالي سيبطئ من إجراء المزيد من التسهيلات النقدية.
أما العوامل الموسمية في الأسابيع المقبلة فستكون أقل دعما للذهب. وفي الوقت نفسه، فإن صناديق الاستثمار المتداولة شهدت تدفقا في الأموال إلى الخارج وهو اتجاه غير معتاد إذا أخذنا في اعتبارنا أن هذه الأوعية تستقطب عادة المستثمرين طويلي الأجل. ولا يزال من الممكن أن ينخفض سعر الذهب بمقدار20 دولارا أمريكيا قبل أن يشهد تعافيا جادا رغم أنه يمكن على المدى القصير للدعم البالغ 850 دولارا أمريكيا أن يوفر انفراجة قصيرة الأجل.
وقد تعرضت المعادن الثمينة خلال الأسبوع المنصرم لتصفية حادة بالبيع يوم الخميس، حيث تم تجاهل المعلومات الاقتصادية الرئيسة بشكل عام وانتهز كثير من المستثمرين هذه الفرصة لتحقيق الربح. أما النحاس تسليم تموز (يوليو)، فقد شهد عملية تصحيح شديدة الأثر رغم أنها كانت مقتصرة بشكل رئيس على شهر التسليم الجاري، ما يدل على أن حدوث ارتفاع فوق مستوى 368 دولارا أمريكيا أمر وارد الحدوث.
ويضيف التقرير: من بين الحبوب لا يزال المحصول المفضل هو الذرة عقود بورصة شيكاغو التجارية؛ فرغم قوة الدولار إلا أنها ارتفعت إثر التقارير القائلة إن الطقس الرطب سيؤخر الزراعة، ويقلل الغلات في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد أكبر منتج ومصدّر لهذا المحصول في العالم.
وفي الوقت نفسه، فإن الذرة تعاني أيضا تقلص المزروع منها. فابتداء من 27 أبريل/نيسان من العام الجاري مثلت الذرة 10 في المائة من إجمالي المحاصيل المزروعة في الولايات الثماني عشرة الأعلى إنتاجا، وذلك مقارنة بـ 4 في المائة منذ أسبوع مضى، وبـ 20 في المائة منذ عام مضى، وذلك وفقا لتقارير وزارة الزراعة الأمريكية. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية كان متوسط المساحات المزروعة بحلول هذا التاريخ يصل إلى 35 في المائة، وذكرت وزارة الزراعة في تقريرها الصادر في مارس/آذار الماضي أن زراعة الذرة قد تنخفض بنسبة 8.1 في المائة هذا العام لتصل إلى 8 ملايين فدان، وذلك وفقا لمسح إحصائي أجري بين المزارعين. كما تواصل التكاليف المتزايدة للأسمدة والوقود دفع هذا التحول مع تحول المزارعين إلى زراعة المحاصيل الأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة، مثل فول الصويا والقمح.