سبعة قطاعات حيوية في مدينة الرياض هدف لمستقبل الاقتصاد في العاصمة
في الحلقة السابقة أكدنا أن مشروع مركز الملك عبد الله المالي يجسد الرؤية المستقبلية لمدينة الرياض التي وضعها المخطط الاستراتيجي الشامل للمدينة. والرؤية المستقبلية لمدينة الرياض أن تكون "مركزاً مالياً وتجارياً" نشطاً ومنافساً بشكل يتكامل مع الدور الوظيفي والسياسي على المستوى الوطني والإقليمي الذي تحظى به الرياض.
إذ سيعمل المركز المالي على استقطاب الاستثمارات المختلفة، وتوفير الفرص الوظيفية للقوى العاملة السعودية، كما يمثل المشروع إضافة نوعية للنهضة العمرانية للرياض، خصوصاً في قطاع التنمية الاقتصادية.
استراتيجية التنمية الاقتصادية
تعد الرياض بصفتها العاصمة السعودية القناة التي تنساب فيها عمليا جميع الإيرادات والمصروفات الحكومية من بقية مدن المملكة، إضافة إلى ذلك فإن جميع الهيئات الحكومية ومعظم شركات القطاع الخاص الكبرى والبنوك في المملكة تتخذ مقرها الرئيس في مدينة الرياض، كما أن جميع شركات القطاع الخاص الكبرى تتخذ لها فروعا في مدينة الرياض، أي أن جميع النشاط الاقتصادي في المملكة يتم توجيهه وتنظيمه عمليا من الرياض.
واتجهت "الاستراتيجية الاقتصادية" التي وضعها المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض، نحو هدف تحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية متوازنة في مدينة الرياض باستخدام مكانة المدينة ومزاياها التنافسية لتعزيز دورها كمركز مالي وتجاري وثقافي.
تنمية اقتصادية مستقبلية
لضمان تحقيق مدينة المستقبل للرؤية المستقبلية ولعاصمة مزدهرة مستديمة، كان من الضروري دعم الاستراتيجية باقتصاد قوي وناجح, لذا أوصت الاستراتيجية الاقتصادية أن تستلزم التنمية الاقتصادية المستقبلية للمدينة، اتخاذ عدد من الإجراءات الرئيسة، أهمها:
- تنويع القاعدة الاقتصادية عن طريق اختيار صناعات محددة وأسواق معينة والتي من خلالها يتحقق لمدينة الرياض زيادة الدخل وتنويع مصادر.
- التأكيد على زيادة وتعزيز الميزة التنافسية للمدينة وذلك بتوفير المرافق العامة وتحسين فعالية أدائها والرقي بالكفاءة العملية للعمالة السعودية وتحسين التنظيمات والتشريعات.
- تطوير القوى العاملة السعودية ورفع مستوى كفاءتها حيث تكون قادرة على التنافس عالميا.
- حماية الموارد الطبيعية وتعزيز تراث المدينة وتطوير مناطق الجذب السياحي الرئيسة.
عناصر الاستراتيجية
تم تحديد عناصر استراتيجية التنمية الاقتصادية للمدينة حيث تتوافق مع سياسات التنمية الوطنية في تحقيق أهداف تنويع القاعدة الاقتصادية، وتقليل الاعتماد على الإنفاق الحكومي، وتوظيف القوى العاملة السعودية. حيث تؤكد هذه الاستراتيجية على أن تشجيع استقطاب وتوطين الاستثمارات الخارجية وجذب المدخرات الوطنية خارج البلاد أمر ملح لتنويع القاعدة الاقتصادية. كما تقر استراتيجية التنمية الاقتصادية، أن هذا لا يمكن تحقيقه إلا بتحسين مجمل الأوضاع والظروف المكونة للمحيط الذي تتم فيه العملية الاستثمارية وتأثيرها سلبا أو إيجابيا على فرص نجاح المشاريع الاستثمارية.
ملامح التنمية الاقتصادية
اتخذت استراتيجية التنمية الاقتصادية للمدينة التدابير اللازمة لتنويع القاعدة الاقتصادية للمدينة، حيث تم وضع توقعات بخصوص المتطلبات من الأراضي اللازمة للأنشطة المختلفة، وحددت تلك التوقعات مساحة من الأراضي بحسب الاستعمالات الرئيسة لقطاعات المدينة المقترحة، واستندت هذه التوقعات إلى مجموعة من المبادئ في تخصيص استعمالات الأراضي المقررة بحسب كل قطاع في المدينة.
القطاعات الحيوية المستهدفة
خصت استراتيجية التنمية الاقتصادية سبعة قطاعات حيوية في مدينة الرياض، بأهمية استثنائية في بناء القاعدة التنافسية لمدينة الرياض، دون إغفال استجابة المدينة لأي فرص أخرى عندما تظهر، إنما خصت هذه القطاعات على اعتبارها قطاعات مستهدفة تستوجب توجيه الجهود التخطيطية والتسويقية للنهوض بها، مع أخذ القوة التنافسية المحتملة للمدينة في الحسبان، وتشمل القطاعات:
1- تقنية المعلومات والاتصالات
تسعى أي شركة كبرى للاتصالات لبناء مركز عالمي حقيقي، ستحتاج إلى تحقيق موطئ قدم استراتيجي في منطقة الخليج أو الشرق الأوسط. وتعد السعودية مكاناً منطقياً واستراتيجياً لهذه الصناعات، كما أن مدينة الرياض بدورها هي الأنسب والتي ستلعب هذا الدور جلياً.
2- الصناعات العالية التقنية والأبحاث والتنمية
يمكن اجتذاب صناعات عالية التقنية وعالية القيمة المضافة إلى مدينة الرياض وبأعداد كبيرة، حيث إن مدينة الرياض تمتاز بعدة مزايا تنافسية. ومن هذه المزايا التنافسية ما يلي:
أ - القدرة على تطوير صناعي تجاري متكامل.
ب - التركز الكبير للجامعات ومراكز الأبحاث في الرياض.
ج - إمكانية قيام سوق إقليمية كبيرة يسهل الوصول إليها من الرياض.
3- تصدير خدمات التعليم
يعد التعليم أحد الصادرات المهمة إقليمياً بالنسبة لاقتصاد مدينة الرياض، حيث يأتي كثير من الطلاب من خارج المدينة للدراسة في جامعاتها وكلياتها الكثيرة، وهذا يزيد دخل المدينة وخاصة من مصروفات متطلبات السكن والمعيشة والخدمات، حيث تشكل دخلاً مهماً للمدينة، لذلك فإن الرقي بهذه الصناعة له أولوية كبيرة في سياسة التنمية الاقتصادية، كما أن هنالك إمكانية توجيه الصادرات التعليمية إلى بلدان العالم الأخرى مع التركيز على دول الخليج والعالم الإسلامي بوجه عام.
4- الخدمات المالية
إذا أخذ في الحسبان الثروة التراكمية للمملكة والحجم النسبي لاقتصادها، فإنه يجب أن يلعب دوراً أكبر بهذه المنطقة مع كون الرياض تعمل كمركز مالي إقليمي رئيس.
5- السياحة الوطنية
تتيح مدينة الرياض بصفتها المركز الرئيس للعالم العربي توفير فرص السياحة الثقافية التي يمكن أن تتحقق بشكل أكثر اكتمالاً عن طريق إيجاد سلطة سياحية للمدينة. وقد تكون الأسواق داخل المملكة وأسواق دول مجلس التعاون الخليجي الهدف المقصود في المدى القريب، بما في ذلك عقد المؤتمرات والندوات الدولية. وتمثل مبيعات السياحة ضمن نطاق العالم الإسلامي فرصة طويلة الأمد بالنسبة لمدينة الرياض، مع أنه سيكون بالإمكان تطوير بعض الأسواق المناسبة، على سبيل المثال الرحلات البرية والسياحة الثقافية.
6- الصناعات الصحية
تعد المرافق الصحية المختلفة والمتمركزة في مدينة الرياض على مستوى عال يكفي لاجتذاب المصروفات المتعلقة بالصحة والعلاج من الأقطار الأخرى المجاورة. إضافة إلى ذلك يجب أن يكون بالإمكان تخفيض تدفق مصروفات السكان المحليين على الخدمات الصحية إلى الخارج. ومن الأمور الضرورية في هذا المجال هو العمل من أجل الاستغلال الأمثل للتجهيزات الطبية المتوافرة في الوقت الحالي، التوسع في عملية تدريب الكوادر الطبية.
7- النقل
يتوافر في مدينة الرياض أحد المطارات الأفضل تصميماً في العالم. ويتكامل تماما بشكل جيد مع موانئ البحر الأحمر والخليج العربي، وباتخاذ التدابير والسياسات الأزمة لتطوير واستغلال مطار الملك خالد الدولي بشكل فعال فإنه يمكن للرياض أن تقوم بدور رئيس كمركز للتوزيع في المنطقة.
(الحلقة المقبلة: العاصمة تتجه نحو صناعة المعرفة)