الخليجيون يتسابقون على زرع المصرفية الإسلامية في القارة السمراء
بعد أن نشر أجدادهم الدين الإسلامي في معظم أنحاء القارة الإفريقية في القرن التاسع عشر، يتسابق المصرفيون الخليجيون على زرع الصرافة الإسلامية في شبه الصحراء الإفريقية عبر البوابة الكينية.
منحت كينيا ترخيصا لأول بنك إسلامي لديها يعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية بشكل كامل، ويشكل هذا علامة بارزة في منطقة شرق إفريقيا التي تعمل فيها البنوك التقليدية ببطء نحو الأخذ بفكرة الصيرفة الإسلامية.
وينوي بنك ذا فيرست كيمونيتي, وهو عبارة عن مشروع مشترك بين كينيين وكويتيين برأسمال مال قدره مليار شلنغ كيني، فتح فروع جديدة له في تنزانيا وأوغندا, الأمر الذي ربما يشعل فتيل المنافسة بين اللاعبين الآخرين في صناعة الصيرفة في دول شبه الصحراء الإفريقية, الذين سبق لهم إدخال منتجات مختارة من منتجات الصيرفة الإسلامية في القطاع المالي العالمي.
وينضم إلى البنك الكيني, البنك "الإفريقي الخليجي" الذي افتتحت أبوابه العام الماضي، ويتكون حملة أسهم هذا البنك الرئيسيون من ائتلاف من المستثمرين يضم وحدة بنك مسقط, وبنك استثمار الذي يعمل بالوكالة عن حكومة دبي, التوسع إلى بلدان إفريقية أخرى لم تتطور فيها الصيرفة الإسلامية إلا على نطاق ضيق.
وإضافة إلى ذلك, فقد تقدم وحدة بنك دبي في إفريقيا أخيراً بطلب للترخيص له بالعمل كبنك إسلامي بالكامل، ورغم أن وزارة المالية والبنك المركزي في كينيا لم تصدر قراراً بشأن هذا الموضوع, إلا أن البنك بدأ في تقديم مجموعة واسعة من المنتجات الإسلامية.
وعلى الصعيد ذاته, تنظر البنوك والمؤسسات المالية الخليجية إلى كينيا كبوابة للدخول إلى شرق ووسط إفريقيا، وقد يكون هذا مجدياً حتى بالنسبة لجنوب السودان المجاور لكينيا. ففي 19 نيسان (أبريل) عام 2007 وقبل شهر فقط من الترخيص لأول بنك إسلامي في كينيا, طالب سامسون كواجي، المتحدث باسم حكومة جنوب السودان التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، البنوك العاملة في جنوب السودان والتي تستخدم نظام الصيرفة الإسلامية أن تتحول إلى الصيرفة التقليدية أو تغادر هذا الجزء من السودان.
ويعني التحول دفع فائدة ربوية على الودائع وتقاضي فائدة ربوية على القروض التي تقدمها البنوك لعملائها.
وقد بنى كواجي موقفه على تفسير جنوب السودان لاتفاقية السلام المبرمة بين الشمال والجنوب التي تم التوقيع عليها في كانون الثاني ( يناير) 2005.
ووفقاً لهذه الاتفاقية, سيكون للجنوب نظامه المصرفي التقليدي الخاص به بالموازاة مع النظام المصرفي الإسلامي المعمول به بشكل رئيس في الشمال المسلم. ورغم الحظر المفروض على أعمال الصيرفة الإسلامية والذي أشعل موجة من الاحتجاج من جانب السكان المسلمين. توجد في الوقت الحاضر ثلاثة بنوك تجارية تقليدية عاملة في الجنوب إلى جانب أربعة بنوك إسلامية على الأقل هي: بنك أم درمان الأهلي, وبنك فيصل الإسلامي, وبنك الخرطوم, والبنك الزراعي. وقد أعطيت هذه البنوك الأربعة مهلة لتقرر فيها إما أن تتحول إلى أعمال الصيرفة التقليدية أو تغادر جنوب السودان, وفي الوقت نفسه تواصل تقديم خدمات الصيرفة الإسلامية للمسلمين الذين يعيشون في الجنوب.
ولا تعد كينيا بوابة الدخول الوحيدة إلى قارة إفريقيا, ففي العام الماضي أعلن بنك "أيه بي إس أيه" الإسلامي في جنوب إفريقيا أنه سيستخدم وحدته التقليدية للتوسع في إفريقيا.
معلوم أن بنك "أيه بي إس أيه" قد بدأ بتقديم خدمات الصيرفة الإسلامية في خمسة فروع له قبل عامين. ورغم أنه يسيطر على حصة صغيرة نسبياً من السوق, إلا أنه يأمل في مواصلة كفاحه لانتزاع مزيد من السوق من البنوك المنافسة له. وترى إدارة البنك أنهم إذا لم يستطيعوا منافسة البنوك الأخرى على أرضهم, فإنهم سيجدون سوقا جديدة في أوساط السكان المسلمين الذين يتنامي عددهم باستمرار في منطقة شبه الصحراء الإفريقية.
ويبدو أن نمو الصيرفة الإسلامية في شبه الصحراء الإفريقية يعكس النمو الكبير على صعيد التقبل العالمي لهذا النظام, كما يعكس رغبة مختلف الأنظمة الإفريقية العلمانية في التوصل إلى تفاهم مع مجتمعاتها المسلمة الكبيرة والتصالح معها. ولكن الأهم من ذلك أنه يعكس أيضا التحول المتنامي باستمرار من جانب الأفارقة السود إلى اعتناق الدين الإسلامي, وبالتالي الحاجة إلى نظام مصرفي إسلامي يستجيب لاحتياجاتهم لكون الكثير منهم لا يتعاملون مع البنوك حتى الآن. وزيادة على ذلك فإن تغلغل فكرة الصيرفة الإسلامية إلى قلب إفريقيا يتبع حتى تغلغل الدين الإسلامي في إفريقيا خلال القرنين الـ 19 والـ 20, حيث عملت كينيا كبوابة للدخول إلى شرق ووسط إفريقيا, وعملت جنوب إفريقيا كبوابة للدخول إلى جنوب شرق وجنوب غرب إفريقيا.
من موقع PRISM الإفريقي الإخباري