تذاكر السينما في السعودية .. بيئة خصبة لنظريات الاقتصاد

تذاكر السينما في السعودية .. بيئة خصبة لنظريات الاقتصاد

أصبحت سوق السينما في السعودية بيئة خصبة لتطبيق مبادئ ونظريات علم الاقتصاد، وذلك حينما وضعت شركة AMC أول شركة تحصل على رخصة دور سينما في المملكة، 75 ريالا سعرا للتذكرة الواحدة، إذ تفسر هذه النظريات أسباب ارتفاع التذكرة الواحدة، مقارنة بدول العالم.
وفي الوقت الذي تبرر فيه النظريات الاقتصادية ارتفاع الأسعار، لم يجد كثيرون ذلك مبررا مقنعا؛ إذ اعتبر مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي هذا السعر مرتفعا مقارنة بتذاكر السينما في البحرين ودبي، وحتى العواصم العربية، لتبرز مطالبات تؤكد ضرورة تدخل الجهات الرقابية لفرض تسعيرات أكثر ملاءمة لفن غاب 35 عاما.

سياسة كشط السوق
يكشف الدكتور عبيد سعد العبدلي، المهتم بثقافة التسويق، أن هناك سياسات تسعيرية للمنتجات التسويقية الجديدة، ومن بينها السينما السعودية، تسمى "كشط السوق"، تبدأ حينما يدخل صاحب السلعة أو الخدمة السوق بأعلى سعر ممكن، للحصول على هامش ربحي كبير قبل تمكن المنافسين من دخول السوق، وبالتالي يصبح المستهلك ملما بأسعار السوق، مدللا على ذلك بتجربة خدمات الهاتف الجوال في السوق السعودية، التي بدأت بأسعار مرتفعة، ثم انخفضت لاحقا.
وبحسب هذه النظرية، فإن التحدي الكبير يكمن في مدى قدرة الشركة على الحفاظ على العملاء بعد دخول المنافسين الجدد، الذين يعتمدون على استراتيجية التغلغل، التي تقوم على مبدأ التسعير بمعدل أقل من الأسعار الحالية، حينها يصبح أمام الشركة الأولى طريقان لا ثالث لهما؛ إما خسارة عملائها أو وضع خطط محافظة على العملاء مثل تحسين مستوى الجودة أو تخفيض الأسعار.
وقياسا على هذه النظرية الاقتصادية، فإن أسعار تذاكر السينما ستنخفض خلال الأشهر القادمة، بعد دخول المنافسين، ووجود خيارات أخرى من دور العرض السينمائي، وما يدعم هذا الانخفاض قرب دخول شركة Vox الإماراتية للسوق السعودية، وفوزها بالرخصة الثانية لدور العرض، إذ تستثمر أكثر من ملياري ريال لافتتاح 600 شاشة عرض سينمائي في الأعوام الخمسة المقبلة.
أما المنافسة، فبحسب المؤشرات الأولية ستكون حامية الوطيس، والجودة في المعدات والكراسي والخدمات المقدمة وحتى نوعية الأفلام هي الفيصل، خصوصا بعد إعلان شركة AMC عن اعتزامها نيل حصة 50 في المائة من السوق، من خلال افتتاح 40 دار عرض في 15 مدينة خلال السنوات الخمس المقبلة، لتصل إلى 100 بحلول عام 2030.

نظرية العرض والطلب
خلال اليومين الماضيين ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بهاشتاق (#تذاكر_السينما_ب_130)، الذي يتداول فيه مغردون تصريحات وأخبار تتحدث عن ارتفاع أسعار التذاكر إلى 130 ريالا، حيث رجّح آدم رون الرئيس التنفيذي لشركة AMC في تجمع "سينماكون"، وهو أكبر وأهم تجمع للملاك والعاملين في قطاع السينما من جميع أنحاء العالم، احتمالية رفع أسعار التذاكر لتناسب الطلب الكبير عليها، لتكون ما بين 30 إلى 35 دولارا شاملة الضرائب (113 - 132 ريالا).
وعلق بقوله إن سعر التذاكر الحالي منخفض جدا في مقابل الطلب المرتفع جدا؛ مشيرا إلى أن السعر في الوقت الحالي ليس حاجزا، وفقا لمجلة "variety" المتخصصة في السينما والترفيه، لكن هذا التصريح وجد انتقادا من قبل الحضور، الذين أكدوا أن هذا السعر لن يكون مقبولا على المدى الطويل.
وبحسب نظرية العرض والطلب الاقتصادية، فإن العرض المنخفض والطلب الكبير يزيد سعر السلعة، خصوصا إن كانت خدمة محتكرة، أو هي الوحيدة في السوق، كالسينما الوحيدة في المملكة.

الأعلى عربيا
وفقاً لتحليل "الاقتصادية"، فإن تذاكر السينما في السعودية حاليا تعد الأعلى عربيا، حيث تخضع التذكرة لضريبة ورسوم خدمة هما: ضريبة القيمة المضافة 5 في المائة، ورسوم خدمة 25 في المائة مفروضة من قبل الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع.
وكان مصدر في هيئة الزكاة والدخل قد نفى لـ "الاقتصادية" وجود ضرائب على الترفيه في المملكة، بعد تداول أخبار عن وجود ضريبة 25 في المائة، فيما أكد مسؤول في هيئة الإعلام المرئي والمسموع أن المقصود ليس ضريبة وإنما رسوم خدمة تبلغ 25 في المائة ، تقوم الهيئة بتحصيلها من سعر تذاكر السينما من مشغلي دور العرض.
الأسعار في الرياض توازي أسعار التذاكر في طوكيو، حيث تبلغ في المملكة 20 دولارا، وتبلغ في اليابان نحو 21 دولارا، فيما يبلغ معدل سعرها في الولايات المتحدة الأمريكية نحو 9 دولارات بحسب الأرقام الرسمية للجمعية الوطنية الأمريكية لمالكي دور السينما، وتختلف بحسب التقنيات المستخدمة في السينما، وتزداد ما إذا كانت السينما بتقنية 3D أو 4D، كما يرتفع سعرها في الولايات الرئيسية مثل نيويورك ولوس أنجلوس.
أما عربيا، فقد صُنفت أسعار التذاكر في السينما السعودية بأنها الأعلى، تلتها الأردن بتذكرة يبلغ سعرها نحو 14 دولارا، فيما كانت الكويت الأعلى خليجيا بـ 11.50 دولار، وذلك قبل أن تتصدر المملكة القائمة، وتعود إليها السينما بعد غياب طويل.
مطالب بالرقابة
تخضع أسعار السينما في دول العالم لمعايير متنوعة ومتفاوتة، منها نوع السينما، وحجم شاشة العرض، وحتى نوعية الكراسي والخدمات المقدمة، في حين تشرف هيئات رقابية في بعض الدول على الأسعار للتأكد من عدم تجاوزها النطاق المسموح به.
ففي إمارة دبي الإماراتية على سبيل المثال، تلتزم دور العرض بالتسعيرات المفروضة التي تشرف عليها دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، حيث تتأكد الدائرة من التزام دور العرض السينمائي بالأسعار شهريا، فيما وضعت الأسعار لتكون 30 درهما للمقاعد العادية، و 35 درهما للعرض بتقنية 3D.
تأتي مطالب الرقابة، التي ارتفعت حدتها خلال الأيام الماضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن أصبح الذهاب إلى السينما غالي الثمن، إذ ستكلف الرحلة عائلة مكونة من خمسة أشخاص أكثر من 500 ريـال، منها 375 ريالا للتذاكر، عدا "الفشار" والمقرمشات والمشروبات الغازية.

الأكثر قراءة