رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المسلسلات الرمضانية .. المشاهد يستحق أكثر

د. عبد الله الفايز
هل أفلس الإعلام السعودي في توجيه المحطات التلفازية سواء الأولى أو الثانية أو محطات المهجر لدرجة أننا نتغاضى عما تقدم طوال السنة، على أمل أن يأتي رمضان لنتوجه جميعنا صغارا وكبارا لننتظر أمام الشاشة وقت الإفطار لنشاهد مجمجة وبرامج مقدمتها ومؤخرتها أطول من البرنامج نفسه أو المادة الإعلامية، وفواصل إعلانية طويلة ومملة وتستغرق أوقاتا لا نجدها في أي محطات أخرى؟ كل ما نطلبه هو على الأقل أربع ساعات يوميا بعد الإفطار. ولكن زبدة ما نحصل عليه من مادة إعلامية مفيدة أو ماتعة لا يتعدي ساعة واحدة. تجربتنا هذا العام مع المسلسلات الرمضانية لم تكن على المستوى المطلوب. وضيعنا أموالا ومدخرات بالملايين على برامج أشبه ما تكون ببرامج طرزان في الغابة وإخراج مبتذل وعصابات وسحر وشعوذة وصناعة خمور، وقد تكون السنة المقبلة لصناعة المخدرات أو طريقة صنعها.
أسئلة يطرحها أبناؤنا الصغار! بابا ما هذا الذي يصنعونه؟ ولماذا يضع الثلج؟ ولماذا يشعل الغاز تحت الوعاء؟
النصوص سيئة وبعض أدوار الممثلين ليس لها داع لدرجة أنه لو حذفت تلك الشخصية لما تأثر سياق المسلسل، ومثال ذلك شخصية أو دور الممثل السوداني الممج في مسلسل "كلنا أولاد قرية"، فهو دور ليس له أهمية ولم يأت بجديد. فالشخصية والكلام مكرران منذ سنوات.
المشاهد له حق أن تبذل له مجهودات أكبر، فهو يغض النظر طوال العام لينتظر على أمل أن يبذل له مجهود مخلص في شهر رمضان. ينتظر الملايين من المواطنين صغارا وكبارا أمام شاشة التلفاز بلهفة على أمل الاستمتاع ولكنهم يخرجون بخيبة أمل.
لقد هيئت لتلك البرامج والممثلين والمخرجين فرص كبيرة وأموال طائلة من الشركات ومن الجهات التي تدفع الملايين لبعض الثواني الإعلانية. وسخر لهم الله مواطنين بالملايين لتشجيعهم ولإعطائهم وقتهم الثمين مهما كان العطاء، خاصة إذا اتضح أنهم مخلصون في العمل. فمن منا لا يشاهد قنواتنا الإعلامية؟ وهل يستحق مسلسل "كلنا عيال قرية" ميزانية 12 مليون ريال.
لم أر أي مسلسل في جميع أنحاء العالم يضيع وقت المشاهد في سرد الأسماء للمشاركين في العمل الفني وتضييع الوقت على المشاهد. فبعد مسلسل "طاش ما طاش" ومخرجه الذي لم أر مخرجا لمسلسل يضع صورته قبل البرنامج وبعده إلا في مسلسلاته التي يخرجها. والحمد لله هذا العام لم تخرج لنا تلك الصورة، فالمخرج والممثلون أعلنوا إفلاسهم.
مشاهد وأحداث سبق أن طرحت أكثر من مرة وبعضها مكرر وممجوج وليست موجهة بطريقة إعلامية. وأدوار شخصيات قرقرة ولكلكة ناصر القصبي لا يفهمها الكثيرون ولجلجة وهمهمة غير واضحة، ومللنا تكرارها للسنوات الماضية.
هل سمعت عن تاجر عقار يقول لك موعدنا غدا صباحا الساعة 5و8. بينما المعروف أن تاجر العقار يأخذ العربون ثم يخاطب صاحب أو مالك العقار ويؤكد عليه للحضور ثم يذهب إلى المحكمة ليأخذ موعدا وعساه يبلغك بعد أيام. بينما في مسلسل "أولاد قرية" يضيع العربون لأن مشتري الأرض لم يستيقظ ليحضر في الموعد المحدد، وهي مغالطة للحقيقة، فالعربون لا يضيع بهذه السهولة. وهي ليست أهم مشكلات العقار التي يعانيها المواطنون والتي يجب أن نعرضها، وهل هذه طريقة لعرض مشكلة أو انتقادها؟
حتى البرنامج الذي أعطي أفضل وقت للعرض وهو وقت تناول الإفطار، وهو الوقت الذي يكون فيه معظم المواطنين في منازلهم ويشاهدون التلفاز، وهو برنامج "فينا خير" وهو على الرغم من أنه برنامج جيد وتوعوي إلا أنه يسلبنا وقتا طويلا بمقدمته ونهايته. وكل ما فيه يمكن قوله وشرحه واختصاره في خمس دقائق فلماذا الإسراف والتطويل على المشاهد وإقحامنا في مشاهدة أزياء مقدم البرنامج؟ كما أن المواضيع التي يطرقها سبق أن طرحتها هذه الصحيفة ومنذ أعوام، ومع ذلك لا نرى الأمانة العلمية للرجوع إلى من سبق أن طرحوها في الصحف.
أرى أن برامجنا التلفازية يجب أن يعاد التفكير فيها وفي مخرجيها وممثليها، فهناك ممثلون فرضوا أنفسهم علينا ويطلون علينا بثقل دم وطينة ونحن لم نرشحهم. فلو تم إجراء استفتاء بسيط لآراء المواطنين والمشاهدين عنهم لاتضح أنهم غير مقبولين، وبذلك نرتاح ويرتاحوا.. هؤلاء الممثلون أدوا دورهم في الوقت الذي لم يكن فيه غيرهم، ولكن الآن يجب أن يتركوا القوس لباريها.
بعض المحطات تقوم بدعاية وحملة ضد الشعوذة ولكنها في الوقت نفسه تنشر مسلسلات عن السحر والشعوذة، فلماذا هذا التناقض؟
أدوار نسائية لمتحجبات ولمدة دقائق يقوم بها رجال ليقلدوا النساء وبكل اشمئزاز، فهل لدينا قلة نساء يمثلن خاصة أنها لابسة عباءة ومتغطية.
هذه ملاحظات أحببت أن أطرحها في صفحة الرأي كمواطن يتمنى أن نرتقي بمسلسلاتنا سواء في رمضان أو غيره من الشهور. وهي ملاحظات تدل على أننا تنقصنا رؤية وسياسة واضحة لتطوير العمل الفني. وأننا نفتقر إلى استراتيجيات لطرح مشكلاتنا من خلال مسلسلات وبرامج توعوية.
وهي نصيحة للجيل الجديد من الممثلين ليعوا أن الموهبة وحدها لا تكفي، وأن ممثلينا ومخرجينا يجب أن يعلموا أن هناك معاهد ومدارس للتعليم والتدريب على التمثيل، وأن الموهبة إذا لم تصقل بطريقة علمية وعملية فإنها تموت وتفلس، وأن هناك مهارات وبرامج وأنظمة وصوتيات ومرئيات يجب التدرب عليها لتكتمل شخصية المخرج والممثل وليعطي أكثر للمشاهد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي