نبض الثقافة في قلب العاصمة ومكونات متحفية تشكل بناء المجتمع السعودي
الحلقة الثامنة
يمثل مركز الملك عبد العزيز التاريخي قلبا حضاريا ينبض بالثقافة وسط مدينة الرياض لينعم بفوائده جميع سكان المدينة على اختلاف مستوياتهم الثقافية واختلاف أعمارهم. المركز الذي يعد أحد أهم المعالم الحضارية والثقافية في العاصمة الرياض أنشئ في الخامس من شوال عام 1419هـ بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس السعودية على يد مؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، رحمه الله، وقد احتوى على أكبر قدر ممكن من المرافق التي تغطي احتياجات الزائرين من أفراد وأسر، كما تعددت وتنوعت أوعية المعلومات ووسائل عرضها لتقديم أنماط ثقافية مختلفة وبمستويات متدرجة من الثقافة التي تشكل عاملا أساسيا في بناء المجتمع السعودي المتأصل بجذوره العريقة والمتخلق بمحاسن دين الإسلام الحنيف، فضلا عما يقدمه المركز من واحة ترويحية تخفف من الإيقاع الرتيب لحياة المدينة، وقد جهز المركز بالمنشآت المتحفية والمرافق المتعددة التي تؤهله لاحتضان أنماط مختلفة من الأنشطة الثقافية والاجتماعية المتجددة.
أهمية تراثية وعمرانية للموقع
اختير موقع مركز الملك عبد العزيز التاريخي في حي المربع لقيمته التاريخية التي ما زالت تشغل حيزاً من ذاكرة عامة سكان المدينة، حيث يضم قصر المربع الذي كان مقراً لديوان الملك عبد العزيز، رحمه الله، إضافة إلى أهمية الموقع التراثية والعمرانية لاحتوائه على مجموعة من المباني التراثية المهمة.
ويبرز دور المركز التعليمي والثقافي من خلال محتويات وأنشطة عناصره الرئيسة كقصر المربع التي جرى ترميمه باستخدام مواد البناء الأصلية وطرق البناء القديمة.
ومجموعة من المباني الطينية وعناصر أخرى ذات قيمة تاريخية وثقافية. وقد صممت مباني هذه العناصر وجهزت بأسلوب عصري حديث ييسر للزائرين تحصيل الفوائد العلمية والثقافية بطريقة شائقة وممتعة.
وتضفي حدائق المتنزه بأشجارها ونباتاتها الجميلة ومياهها الجارية جواً لطيفاً تتوافر فيه أسباب الراحة والترفيه، بينما تنتشر في أنحاء المتنزه المختلفة المطاعم والأكشاك التي تسمح للأسر والأفراد بتناول الطعام في بيئة متسمة بالهدوء والسكينة.
وقد أولى تصميم المركز اهتماماً كبيراً بالبيئة، إذ إن مساحاته الخضراء بما فيها من أصناف النباتات والأشجار المتنوعة تسهم في الحد من التلوث، وفي تنقية الهواء، وتلطيف درجات الحرارة, لتستفيد من ذلك المناطق المحيطة بالمركز.
اندماج بالنسيج العمراني المحيط
وضعت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عند إنشاء هذا المركز عدداً من الاعتبارات والأهداف والاستراتيجيات منها، ضرورة اندماج المركز بالنسيج العمراني المحيط به. ولتحقيق هذه الغاية شكل المركز امتداداً طبيعياً للطرق الأساسية وارتبط بالمناطق المحيطة, وظل أحد الطرق الرئيسة يمر عبر المركز لتكون منشآته جزءاً من الذاكرة اليومية لسكان المدينة, ووزعت مواقف السيارات في أنحاء المركز لتسهيل الوصول إلى عناصره المتعددة وضمان قدر متقارب من النشاط الذي يحيط بالمركز من جهاته المختلفة.
خدمات مباشرة لسكان الوسط
روعي في المركز أن يقدم خدمات مباشرة لسكان وسط المدينة الذين يحتاجون إلى الساحات العامة والمتنزهات ووسائل الترفيه العائلي، وبما يوفره المركز من مرافق تخدم هذه الجوانب الاجتماعية, وسيسهم المركز في توطين العائلات في منطقة وسط المدينة, ويحد بشكل فعال من استثراء الأنشطة التجارية البحتة التي غالباً ما تكون على حساب الجوانب الاجتماعية والتفاعلية بين سكان المدينة. كما يمثل المركز نقطة جذب قوية لكل سكان المدينة بما يحويه من منشآت ثقافية ومرافق خدمية، إضافة إلى مساهمته في ازدهار المنطقة المحيطة تجاريا وتطوير أنشطتها في الاتجاه الاجتماعي الخدمي الترفيهي والثقافي.
مستويات من العمارة التراثية
يقدم تصميم المركز ومنشآته نموذجاً واضحاً للهوية العمرانية في المنطقة التي بدأت تستعيد معالمها في السنوات الأخيرة, وكان لمشاريع الهيئة دور في توجيه حركة البناء والعمران في المدينة نحو هذا الاتجاه، ويمتاز المركز بتقديم مستويات مختلفة من العمارة التراثية وسبل إحيائها, وإعادة تأهيلها, فهناك الأطلال المتمثلة في أجزاء من أسوار مجمع المربع وبعض أبراجه وهي تقدم لمحه تاريخية وفائدة جمالية تكوينية في الموقع، ومستوى آخر يتمثل في ترميم عدد من البيوت التراثية وفق متطلبات المنهج العالمي لترميم المنشآت التراثية.
وهناك نمط آخر من العمارة التراثية يظهر في الإضافات الإنشائية على مبنى المسجد، كما تظهر الهوية المحلية والحداثة في مبنى المتحف الوطني, ومبنى قاعة الملك عبد العزيز للمحاضرات, ومبنى فرع مكتبة الملك عبد العزيز العامة, وجميعها مبانٍ, حديثه إلا أنها تنتمي إلى بيئة المدينة المعمارية المتميزة.
تنوع وظيفي لمرافق المركز
تزخر مرافق المركز بتنوع وظيفي تشكل الثقافة والجوانب الاجتماعية قاسماً مشتركا بينها, فهناك الأنشطة التعليمية والثقافية من خلال المكتبة وقاعة المحاضرات والمتحف الوطني, وهناك الأنشطة التراثية والاحتفالات الفلكلورية في الساحات العامة والميادين، وتظهر الجوانب التاريخية في منشآت الدارة والمتحف، كما يستطيع المركز أن يستوعب الفعاليات الثقافية المتنوعة كالمحاضرات والمؤتمرات العلمية والمعارض المتنوعة والمناسبات الاحتفالية, إضافة إلى ما يقدمه من خدمات ترفيهية للزوار.
وأهم العناصر الرئيسة لمركز الملك عبد العزيز التاريخي:
قصر المربع، جامع الملك عبد العزيز، المتحف الوطني، دارة الملك عبد العزيز، فرع مكتبة الملك عبد العزيز العامّة، قاعة الملك عبد العزيز للمحاضرات، وكالة الآثار والمتاحف، أنماط عمرانية متجددة، الحدائق والمتنزه العَّام، برج المياه، قصر الحمراء.
( الحلقة التاسعة: مكونات مركز الملك عبد العزيز التاريخي.. تراث وحضارة في ذاكرة الأجيال).