«اللوفر الإسلامي» .. تاريخ عظيم ينتظر من يعيد إليه رونقه

«اللوفر الإسلامي» .. تاريخ عظيم ينتظر من يعيد إليه رونقه
«اللوفر الإسلامي» .. تاريخ عظيم ينتظر من يعيد إليه رونقه
«اللوفر الإسلامي» .. تاريخ عظيم ينتظر من يعيد إليه رونقه

"هل يعقل أن دولة الحرمين الشريفين لا يوجد فيها متحف إسلامي؟" .. ربما تلخص كلمات مهندس "رؤية 2030" ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كل ما يمكن أن يقال عن إنشاء "لوفر إسلامي"، يروي تاريخ 1500 سنة حضارة، أثرت في العالم كله.

محطة رئيسية لضيوفنا
لا شك أن المملكة تستحق مزيدا من المتاحف التي تكشف عن حضارات عاشت على أرضها، أهمها الحضارة الإسلامية، التي انطلقت من مكة المكرمة، لتكون هذه المتاحف أمينة على التاريخ، تنقل ما حدث بكل تفاصيله على مر العصور للأجيال القادمة.
في منتصف عام 2016، استبشر العالم الإسلامي خيرا بإعلان إنشاء أكبر متحف إسلامي في العالم ضمن "رؤية 2030"، حيث جاء في محاورها الثقافية: "كنا وما زلنا نعتز بإرثنا التاريخي، ولا سيما أن خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم بعث من مكة المكرمة ومنها انطلقت رسالته إلى العالم أجمع، وتأسس أول مجتمع إسلامي عرفه التاريخ في المدينة المنورة. ومن هذا المنطلق، سنؤسس متحفا إسلاميا يبنى وفق أرقى المعايير العالمية، ويعتمد أحدث الوسائل في الجمع والحفظ والعرض والتوثيق، وسيكون محطة رئيسية لمواطنينا وضيوفنا للوقوف على التاريخ الإسلامي العريق والاستمتاع بتجارب تفاعلية مع المواد التعريفية والأنشطة الثقافية المختلفة. وسيأخذ المتحف زواره في رحلة متكاملة عبر عهود الحضارة الإسلامية المختلفة التي انتشرت في بقاع العالم، بشكل عصري وتفاعلي وباستخدام التقنيات المتقدمة، وسيضم أقساما للعلوم والعلماء المسلمين، والفكر والثقافة الإسلامية، ومكتبة ومركز أبحاث على مستوى عالمي".
ومنذ لحظة الإعلان وحتى اليوم، ينشر مثقفون بين الفينة والأخرى آراءهم ورؤيتهم للمتحف الإسلامي، حيث يتفق عدد كبير منها على أهمية وجود متحف كهذا في العاصمة، ليوفر رحلة مشوقة للزوار من الأديان كافة للاطلاع على التاريخ العريق للحضارة الإسلامية.

أكثر من مجرد قطع أثرية

يؤخذ على المتحف سيره ببطء نحو هدفه، خصوصا أنها خطوة طال انتظارها، وتتوزع مسؤولياتها بين جهات عدة، مثل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ووزارة الثقافة والإعلام، وزارة التعليم، والهيئة العامة للثقافة، وأصحاب المتاحف الخاصة، فقطاع المتاحف عانى في فترات ماضية تعدد الجهات المصدرة للتراخيص، ما يعني توزع الخبرات والمعارف بين هذه الجهات.
إلا أن بناء متحف فريد يتطلب وضع خطط استراتيجية، وموقعا جغرافيا مميزا يسهل الوصول إليه من مدن أخرى، وتصميما معماريا ذا طراز خلاب مستوحى من الزخرفة الإسلامية، وتفاصيل أكثر دقة يضعها مثقفون وأكاديميون لتصميم متحف وفق معايير عالمية، لا يتضمن عرض قطع أثرية فقط، وإنما تفاصيل أكثر عن تاريخها، وكيفية العثور عليها، ولوحات فنية وجغرافية تبين مسيرة الدين الإسلامي وانتشاره حول العالم، ولوحات تفاعلية، ومرشدين سياحيين، ومركز أبحاث تاريخيا.
أما فيما يتعلق بندرة القطع الأثرية، تبرز الحاجة إلى وجود قطع نادرة، تضيف ميزة استثنائية للمتحف الإسلامي، الذي يطلق عليه البعض "اللوفر الإسلامي"، نظرا لأهميته العالمية، ومزاياه الاستثنائية، ويعول مثقفون على هيئة السياحة بتصميم حملة عالمية للآثار الإسلامية المستعادة، استنادا إلى خبراتها في هذا المجال، ونجاحها في استعادة مئات القطع النادرة.

خبرات "اللوفر" في السعودية

في إمارة أبوظبي الإماراتية تجربة ناجحة للتعاون مع متحف اللوفر الفرنسي، أثمرت عن افتتاح "لوفر أبوظبي" على جزيرة السعديات العام الماضي، الذي تصفه الصحافة الفرنسية بالتحفة الفنية والإنسانية.
فالمتحف يضم أكثر من 600 قطعة أثرية، تحت قبة عملاقة قطرها 180 مترا، صممها جان نوفيل لأول متحف عالمي في العالم العربي، وسيقوم 13 متحفا فرنسيا على مدى السنوات العشر المقبلة بإعارة قطع تاريخية وفنية إلى المتحف، ولمدة سنتين كحد أقصى لكل قطعة، حيث استثمرت أبوظبي نحو مليار يورو في تشييد المتحف، بما في ذلك استخدام اسم متحف "اللوفر" أكثر من 30 عاما.
تجربة "اللوفر الإسلامي" ستكون أكثر نضجا إن استفادت من تجربة أبوظبي، الذي يحتضن في أحد أجنحته نسخة من القرآن الكريم كتبت بالذهب على مخطوطات زرقاء وتعود إلى القرن التاسع عشر، في حين يمكن الاستفادة من المتاحف الإسلامية في العالم لاستعارة القطع الأثرية، وبالطبع؛ استخدام اسم "اللوفر" لما له من خبرة وشهرة عالمية.
محتويات إسلامية

اللوفر الفرنسي يعد المتحف الأشهر عالميا، وجولة الأمير محمد بن سلمان برفقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أرجائه رسالة بأن المملكة تتجه لأن تكون مركز إشعاع ثقافي عالمي.
ومما قد لا يعلمه الكثيرون، أن متحف اللوفر يحتضن معروضات وآثارا إسلامية تعود إلى آلاف السنين، حيث يحتفظ المتحف بنحو 14 ألف قطعة، يعرض منها 10 في المائة فقط، فيما تشكل هذه الآثار مجتمعة متحفا مستقلا في حد ذاته، وينظر إلى المتحف الإسلامي كمتخصص في هذه الحضارة بأن يحتفظ بجزء كبير منها.
بحسب ما ترجمته "الاقتصادية" عن موقع متحف اللوفر الرسمي، فإن المتحف أنشأ قسما للفن الإسلامي في عام 1893، التي تكونت من تبرعات جامعي اللوحات والآثار الإسلامية، وفي شهر أيلول (سبتمبر) من عام 2012، تم افتتاح صالة الفنون الإسلامية الجديدة في متحف اللوفر على مساحة ثلاثة آلاف كيلومتر مربع، لتكون من أروع وأضخم المنصات في العالم، احتفاء بعظمة وجمال الثقافة والفنون الإسلامية القديمة.
يعرض اللوفر نماذج من فن الزجاج الإسلامي، ومخطوطات تعود إلى فترة بزوغ الإسلام وعصر الخلفاء الراشدين والدولتين الأموية والعباسية، ومنسوجات وسجادا، وأحجارا كريمة، وقطعا فنية ومنمنمات وعاجا تعود إلى القرون القديمة، وفسيفساء مصنعة من الخشب والعاج، إضافة إلى تشكيلات مميزة من صناعة الأواني الزجاجية، ومقتنيات مذهبة تعود لملوك وشخصيات إسلامية، وفوق ذلك كله مجموعة من آيات القرآن الكريم التي جرى نحتها على الخشب والسيراميك.
الزيارة التي أجرتها "الاقتصادية" أخيرا في متحف اللوفر الباريسي كشفت عن إرث إنساني وإسلامي هائل يحتضنه المتحف، وربما تكون أهم وأثمن المجموعات الإسلامية التي نتمنى أن يسلط الضوء عليها في متحف فريد وخاص، اسمه "اللوفر الإسلامي".

الأكثر قراءة