دليل للفياض والرياض والمراعي

[email protected]

وهب الله هذه البلاد ثروة نادرة من النباتات البرية والزهور وأشجار الغابات الجبلية والطيور الصحراوية وسلالات الحيوانات التي ارتبطت منذ الأزل بنمط الحياة في شبه الجزيرة العربية. والمملكة تتميز بمقومات طبيعية وبشرية مختلفة تخلق نوعا من الاختلاف والتميز البيئي بين المناطق، والبيئة الصحراوية على وجه الخصوص شديدة القسوة على الكائنات الحية إلا أن الكائنات التي أراد الله لها البقاء في مثل هذه البيئة تجد ملاذا آمنا من منافسة الأنواع غير المتكيفة مع هذه البيئة، والعوامل المحددة للأحياء النباتية في صحاري المملكة تتمثل في ندرة المياه وارتفاع شدة الضوء المصحوب بارتفاع في درجات الحرارة صيفا وانخفاضها شتاء والتذبذبات الحرارية اليومية. ولتتمكن النباتات من البقاء في مثل هذه البيئة فإنها اكتسبت بعض التحورات. فمثلا لا تظهر أعداد كبيرة من النباتات الحولية إلا بعد هطل الأمطار وإذا تعرضت لنقص في الرطوبة فإنها تبقى متقزمة وتنتج عددا قليلا من الأزهار وتعقد البذور ثم تموت, أما إذا كانت كميات الأمطار مناسبة فإن هذه الحوليات تزيد في الارتفاع أو في المحيط منتجة كميات كبيرة من البذور. وتكتسي الصحاري بالألوان الزاهية بالعديد من النباتات الصحراوية بعد هطل الأمطار وجريان السيول وترسم لوحات فنية تختلف من نبات إلى آخر،. وهناك جهود متناثرة للتعريف بمكنون هذه الصحاري من الموارد الطبيعية, ولعل آخرها إصدار وزارة الزراعة دليل المراعي الطبيعية في المملكة يوثق بالصور عرضا للمراعي الطبيعية والفياض والرياض في المملكة ويتكون من 78 صفحة، وتطرق الدليل إلى تصنيف المراعي بناء على دراسة الغطاء النباتي باستخدام تقنية الاستشعار عن بُعد ونظم المعلومات الجغرافية التي أجرتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالاشتراك مع جامعة الملك سعود في كل من المناطق الوسطى, الشمالية, والشرقية, وبين أن نبات الرمث أكثر النباتات سيادة فوق مساحات شاسعة وهو غير مستساغ نسبيا للماشية في تلك المناطق, ويليه نبات العرفج, وهو نبات عالي الاستساغة نسبيا خاصة للإبل، ورغم كبر مساحة المراعي الطبيعية في المملكة والتنوع الواضح في غطائها النباتي, إلا أن حالة مراعيها تعد فقيرة بوجه عام تسودها ظاهرة الجفاف في معظم مناطقها، وأوضحت الدراسة أن 70 في المائة من إجمالي المراعي المدروسة متدهورة أو فقيرة في الغطاء النباتي, وقد تزيد النسبة في بعض المناطق لتصل إلى 100 في المائة, ويعود ذلك إلى انعدام الوعي البيئي لوجود كثافة عالية من النفايات والمخلفات, خاصة الأكياس البلاستكية. واستعرض الدليل 12 روضة من الرياض المنتشرة في مناطق المملكة مدعمة ببعض الصور ومن أهمها: السبلة، خريم، التنهات، الخفس، أم القطا، المسعودي، المزيرعة، زبدة، النظيم، نورة، المحلية، وسعد، وكذلك عدد من الفياض. إلا أنه على الرغم من الجهود المبذولة سواء من الجهات الحكومية المختلفة ذات العلاقة أو الأفراد للتعريف بالموارد الطبيعية في مناطق المملكة المختلفة إلا أن الوضع يحتاج إلى المزيد للتعرف على الجوانب المختلفة لهذا النوع من الموارد كأعلاف ودرجة سميتها وتأثيرها في المواشي وكيفية الاستفادة منها كمورد استثماري بالاستفادة منها كمدخلات عطرية وطبية ومتنزهات برية, ودعم كل الجهود الهادفة إلى تنمية وتطوير والمحافظة على الموارد الطبيعية. والله ولي التوفيق.
د. خالد بن محمد الفهيــد

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي