420 مليار دولار حجم الاستثمار المتوقع في مجالي النفط والغاز
يتوقع أن يبلغ حجم الاستثمارات الخاصة في مجال الطاقة نحو 420 مليار دولار، وهو ما يمثل زيادة 22 في المائة من 345 مليارا للفترة من 2007/2011، وذلك وفق دراسة للمؤسسة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب)، التي ترى أن إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حقق تطورات كبيرة في هذه المجالات الاستثمارية. وتقدر "أبيكورب" أن المبلغ يصل إلى 6.3 في المائة من جملة الناتج المحلي الإجمالي، أو 21 في المائة من إجمالي الاستثمارات العربية العامة خلال الفترة نفسها.
ولا غرابة، فمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحتضن نحو 65 في المائة من الاحتياطيات النفطية العالمية، و32 في المائة من احتياطياتها من الغاز الطبيعي، ولهذا فالمنطقة مرشحة لسد الفجوة بين الطلب المتنامي والإمدادات البطيئة. فخلال العقد الماضي مثلا زاد نصيب الإقليم الإنتاجي من 34 إلى 36 في المائة بالنسبة للخام والغاز والمكثفات وبالنسبة للغاز الطبيعي من 11 في المائة إلى 16 في المائة.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف الاستثمارات في ميدان الطاقة يمكن أن تتركز في السعودية، تليها قطر ثم الإمارات. وتأتي السعودية بإجمالي استثمارات تبلغ 105 مليارات دولار، وتليها قطر في المرتبة الثانية رغم التباطؤ، ثم الإمارات التي حلت محل الجزائر، وذلك وفق القائمة التي أعدتها "أبيكورب".
من ناحيتها، أعلنت شركة رويال داتش شل أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحتل مكانة مهمة في استراتيجيتها للسنوات المقبلة، وسيحصل الإقليم على مضاعفة أربع مرات لرأس المال المخصص للعمل في المنطقة، أي من 2.3 في المائة في الفترة 2004 إلى نحو 12 في المائة في الفترة 2013/2015 بسبب مجموعة من المشاريع العملاقة التي سيتم إقامتها في المنطقة، وعلى رأسها مشروع إنتاج الغاز السائل بطاقة 140 ألف برميل يوميا في قطر، ومشروع قطر غاز بطاقة 7.8 مليون طن، علما أن التكلفة تراوح بين 12 و15 مليار دولار منذ بداية العمل، علما أن نحو 35 في المائة من المشروع قد اكتمل فعلا.
وتقول شل إن تكلفة الإنتاج تصاعدت في منطقة الشرق الأوسط ومناطق الجمهوريات المستقلة في الاتحاد السوفياتي سابقا، ووصلت إلى 8.79 مليار دولار. وهو ما وصفته بنهاية زمن الحصول على التمويل السهل، فبسبب تعقيدات السوق في مجالي الصناعة النفطية والأوضاع المالية العالمية أصبحت البنوك مطالبة بتوخي الحذر وقدح الذهن لإيجاد صيغ تمويل مبتكرة للمشاريع، الأمر الذي يشكل تحديا لابد من النهوض به.
ويرى مسؤولو "شل" أن البنوك عموما مستعدة لاستيعاب حالة التغيير التي يمر بها السوق، لكن تبقى المعضلة الرئيسة في كيفية التواؤم مع المتغيرات, والصناعة تدخل في مناطق غريبة وغير معهودة من قبل. فبعض المشاريع مثلا تستند إلى معالجات تقنية حديثة لم تكن منتشرة في أوساط الصناعة من قبل، وستلعب هذه التقنية الجديدة دورا أساسيا في تشكيل مستقبل الصناعة النفطية، خاصة مع تصاعد الهموم البيئية، اللجوء إلى الغاز والبحث عن احتياطيات جديدة في مناطق نائية يصعب العمل فيها سواء في قيعان البحار أو المناطق المتجمدة.
ومن ناحية أخرى تقدر مجلة (ميد) أن عدد وقيمة العقود المبرمة في منطقة الشرق الأوسط، شاملة دول مجلس التعاون الخليجي الست إلى جانب العراق وإيران، في ميدان الهيدروكاربونات خلال الـ 12 شهرا الماضية، سجلت شيئا من التراجع مقارنة بفترة العام الأسبق، وهو ما يمكن إرجاعه بصورة عامة إلى عدم وجود إمكانيات لتسلم أعمال جديدة من قبل المقاولين وتصاعد التكلفة. فالقيمة الكلية للأعمال الهندسية وتلك الخاصة بإجراءات التعاقد بالنسبة للمشاريع في ميداني النفط والغاز تبلغ ما يزيد قليلا على 15 مليار دولار وذلك بنهاية الشهر الماضي، وفق عمليات متابعة قامت بها المجلة من إجمالي مشاريع بقيمة 50 مليار دولار. ويبلغ الرقم لهذا العام نحو ثلث ما كان معتمدا في آذار (مارس) العام الماضي، وبلغ 45 مليارا، وأقل من نصف 35 مليارا تم اعتمادها في آذار (مارس) 2006.
ويأتي هذا التراجع رغم أن سوق المشاريع تعيش حالة من الطفرة، إذ تجاوز حجم المشاريع الكلية التي تمت ترسيتها ولأول مرة مبلغ تريليوني دولار بنهاية الشهر الماضي، ويمثل المبلغ ضعف ما كان عليه قبل أربع سنوات.
ورغم التباطؤ الذي تشهده ساحة المشاريع في مجالي النفط والغاز، إلا أن هذا الوضع يعتبر مؤقتا، فهناك مشاريع بقيمة 296 مليار دولار تم الإعلان عنها، أو يتم التخطيط لذلك، بما في ذلك مشاريع بقيمة 58 مليار دولار قيمة لمشاريع جديدة ستعلن خلال 12 شهرا المقبلة، كما ترى (ميد).
ومبلغ الترليوني دولار هذا يشكل أكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي الست، وقد يصل إلى 2.5 تريليون بنهاية هذا العام. والسؤال إذا كان يمكن المحافظة على هذا الزخم وسط تراجع هامش الربح وتساعد التكلفة وتزايد أعباء المقاولين، الأمر الذي دفع شركة كونوكو فيليبس مثلا إلى التخلي عن مشروع مصفاة في الفجيرة وداو كيميكالز للتخلي عن مشروع سوحار الإماراتي، والكويت خسرت عاما بإعادة طرحها لمشروع مصفاة الزور عندما جاءت العروض بتكلفة تزيد مرتين ونصف عن الموازنة التقديرية الموضوعة. فعلى الرغم من الزيادة في الأسعار التي شهدتها فترة العامين الماضيين، إلا أن تكلفة البحث والتنقيب عن احتياطيات جديدة هي الأغلى وذات أثر باق أكثر من التصاعد في الأسعار الذي شهدته العمليات الهندسية وغيرها.
وإلى جانب المشاريع الجديدة، فهناك العمليات الخاصة بإنفاق مليارات الدولارات لخفض المحتوى الكبريتي في مصافي السعودية تحديدا، وذلك حتى يمكن مقابلة القواعد الإجرائية الجديدة التي أعلنت عنها الولايات المتحدة وستبدأ في تطبيقها من العام 2013 لتقليل المحتوى الكبريتي في المنتجات المكررة من البنزين والجازولين تحديدا.
فشركة أرامكو مثلا قررت البدء في مشروع بتكلفة ملياري دولار لتعديل وضع المحتوى الكبريتي لمصفاة ينبع للتصدير المقامة مناصفة مع "إكسون موبيل" في ينبع بطاقة 400 ألف برميل يوميا. كما التزمت "أرامكو" بتعديل المحتوى الكبريتي في أربع من مصافيها، ما يتطلب إنفاق مليارات الدولارات. وستكون مصفاة الجبيل المقامة مناصفة مع "رويال داتش شل" هي الثانية على اللائحة، ثم يأتي الدور على مصافي الرياض بطاقة 120 ألف برميل يوميا، ثم جدة 100 ألفا وينبع المحلية 225 ألف برميل يوميا وذلك على امتداد السنوات الثلاث المقبلة. وفي العام الماضي حصلت شركة سامسونج الكورية الجنوبية على عقد بقيمة 500 مليون دولار لإنشاء وحدة لمعالجة المحتوى الكبريتي في مصفاة رأس تنورة. أما المصفاتان الجديدتان في الجبيل وينبع فسيتم تصميمها لمقابلة القواعد الجديدة. والشيء نفسه سيتم بالنسبة للكويت والإمارات.