الملكة الفقهية

الملكة الفقهية

الفقيه هو ذو العلم والملكة المستفيدة في إدراك العلم ونشره، وهذا يعني أن الجامع أو القارئ لا يلزم أن يكون فقيها، فرب حامل فقه ليس بفقيه فيه، ومن هنا فإن من أخص ما يجب أن تعنى به المدارس العلمية والجامعات وأهل التعليم القصد إلى بناء الملكة العلمية على نظمها العلمي الذي يجمع جملة من الصفات ذكرها بعض علماء الأصول والنظر في ترتيب المدارك، بحيث يصير النظر في فقه الشريعة – بعموم جملة الفقه هنا - نظرا يتسم بالضبط للأحكام، وحسن الإدراك للتصور الذي نزل عليه الحكم، وإن كان يعلم أن ذوي الاستعداد الطبعي ليسوا الأكثر، وعن هذا كان الحسن البصري وأمثاله يتحدثون عن قلة الفقهاء مع شيوع أئمة الفقه في زمانهم، لكن لا يزال في الأمة خير كثير إذا صار هناك عناية بالعقول الراقية في الإدراك، بحيث توجه إلى استقراء علم الشريعة على طرائق أئمة الفقهاء، فإن المسلمين اليوم أكثر ما يحتاجون إليه أئمة فقهاء في سائر أبواب الديانة أصولا وفروعا، وكليات الشريعة والدراسات الإسلامية نتج عنها بحوث أكاديمية فيها خط كبير من الإفادة البحثية، وما من شك أن هذا الاتجاه حرك البحث العلمي، لكن يبقى أن الاتجاه لبناء الملكة العلمية وصناعة بحوث متقدمة مما يحقق تطبيعا لهذا الاتجاه، وهذا يتصل أثره بصياغة نظريات علمية ترسم من جهة المجامع الفقهية والهيئات الشرعية في منهج النظر في النوازل، وإذا كانت آحاد النوازل تدرس فمن الأفضل البحث في قواعد النظر المستقيم في النوازل حتى لا يكون هناك اختصار في تحصيل أحكامها، وفي الجملة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) والعاقل القاصد إلى طلب علم الشريعة يؤكد في حقه تتبع نفس الفقه حتى يصير إلى حال فاضلة، وترى الجويني لما ذكر المجتهد ذكر في صفته أن يكون فقيه النفس، والله الهادي.

الأكثر قراءة