أسعار السلع في الأسواق العالمية تهبط مع تقليل صناديق التحوط انكشافها
أسعار السلع في حالة هبوط في جميع قطاعات السلع، حيث إن صناديق التحوط قللت من انكشافها أمام واحدة من أشهر فئات الموجودات إلى الآن في هذا العام، مما يشير إلى أن الأسعار القياسية للسلع تضخمت بفعل تدفق المضاربات.
وإن انتشار ظاهرة تخفيف الديون الثقيلة ووصولها إلى صناديق التحوط يمكن أن يكونا بشرى سارة للبنوك المركزية، التي تخاف في العادة من أية عدوى مالية.
وفي أواخر الأسبوع الماضي تراجع سعر النفط الخام بنسبة 10 في المائة، بعد أن وصل إلى أعلى سعر له وهو 111.80 دولار للبرميل يوم الإثنين، وفي الوقت نفسه هبطت أسعار سلع أخرى كذلك هبوطاً حاداً.
وقال ديفد هولمز من "درسدنر بانك" في لندن، إن صناديق التحوط كانت تصفي كثيراً من عقودها. "من الواضح أن الصناديق كانت تراهن على ارتفاع أسعار السلع، وهي الآن تعمل على تقليص انكشافها وعلى أقوى الاحتمالات تثبيت الأرباح".
منذ فترة طويلة وبنك الاحتياطي الفيدرالي يشعر بالحيرة الشديدة من قوة أسعار النفط والسلع الأخرى، خصوصاً الارتفاعات الأخيرة في الأسعار، والتي زادت من مخاطر التضخم وعقَّدت بصورة كبيرة من القرار حول كيفية تيسير السياسة النقدية بصورة نشطة.
لا يرى مسؤولو البنك المركزي الأمريكي تبريراً اقتصادياً جوهرياً لقوة أسعار السلع في الفترة الأخيرة. وهم يقولون إنه ربما يكون الطلب في الصين والهند قوياً، ولكن ليس في هذا جديد بالنسبة للمتداولين. والواقع أن آفاق النمو العالمي تدهورت منذ بداية هذا العام.
يشاطر صندوق النقد الدولي وجهة نظر الاحتياطي الفيدرالي، ويبرز في تقرير نشر يوم الخميس وجود "انقطاع بين أسعار السلع والتباطؤ الذي يجري في الوقت الحاضر".
وقال صندوق النقد إن اقتران هبوط الدولار بهبوط أسعار الفائدة قصيرة الأجل "دفع إلى الأعلى بأسعار الموجودات خلال عدد من القنوات، بما فيها تعزيز جاذبية السعر كنوع بديل من الموجودات".
وقال التقرير: "بصورة عامة إن هذه العوامل المالية يبدو أنها تفسر إلى حد كبير الزيادة في أسعار النفط الخام حتى الآن في عام 2008، وتفسر كذلك الأسعار المرتفعة للسلع الأخرى".
يدرك مسؤولو البنك المركزي الأمريكي أن التخفيضات النشطة لأسعار الفائدة تسهم في قوة أسعار السلع عن طريق إضعاف الدولار، مما يُنتِج أثراً ميكانيكياً على أسعار السلع التي يتم تداولها بالدولار، ويعمل كذلك على تغذية الاستثمار في السلع كوسيلة تحوط ضد التضخم وضد المزيد من الهبوط في الدولار.
والواقع أن من الأسباب التي دفعت الاحتياطي الفيدرالي إلى تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس هذا الأسبوع، وليس تخفيضها بمقدار 100 نقطة أساس كما توقعت السوق، كان لكي يتجنب البنك إشعال حلقة مفرغة من هبوط الدولار وارتفاع أسعار السلع. ويبدو أن هذه الاستراتيجية ناجحة حتى الآن.
ولكن حتى مع أخذ ذلك في الحسبان، فإن صانعي السياسة لم يصدقوا أن ارتفاع أسعار السلع هذا العام كان مبرراً على أسس اقتصادية، مما أدى بهم أن يعزو كثيراً منها إلى التطورات المالية.
لو أن القوى المالية كانت المحرك الرئيس وراء الارتفاعات القوية في الأسعار، فإن عملية التخلص من الديون الثقيلة، وهي عملية مدفوعة بتشدد البنوك في قروضها إلى صناديق التحوط وبالخسائر في الموجودات الأخرى، سيكون من شأنها هبوط الأسعار. وسيعمل هذا على تقليص خطر التضخم ويعطي البنوك المركزية مساحة أكبر في تيسير السياسة النقدية لمكافحة المخاطر التي تواجه النمو.
ولكن صندوق النقد الدولي حذّر من أي توقع بحدوث هبوط كبير في أسعار السلع، ونبّه إلى أن الأسواق تظل متشددة، وأن الطلب قوي في بلدان مثل الصين والهند والبرازيل. وقال التقرير: "ما لم يحدث هبوط اقتصادي عالمي كبير، فإن نطاق هبوط الأسعار سيكون ضئيلاً".
وأضاف التقرير أن الانقطاع بين ارتفاع أسعار السلع وبين التباطؤ الاقتصادي العالمي دلالة على الحقيقة التي تقول إن البلدان النامية، وهي البلدان المسؤولة عن القسم الأعظم من نمو الطلب على السلع في الفترة الأخيرة، لم تتأثر حتى الآن بأزمة الائتمان.