بيانات الوظائف الأمريكية تضرب في البورصات العالمية وتجدد أزمة الائتمان
هبطت الأسهم في جميع الأسواق العالمية هذا الأسبوع بعد أن سجلت مستويات الوظائف في أمريكا انخفاضاً غير متوقع خلال شباط (فبراير) للشهر الثاني على التوالي وتزامن ذلك مع بلوغ معدلات إغلاق الرهن في أمريكا أعلى مستوياتها، مما عزز الدلائل على دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة الركود فعلياً. وقد انخفضت الأسواق الأمريكية انخفاضاً ملحوظاً حيث سجل مؤشر داو جونز أكبر هبوط بلغت نسبته 3.04 في المائة تلاه مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 2.8 في المائة ثم مؤشر ناسداك بنسبة 2.6 في المائة. وتمشياً مع الاقتصاد الأمريكي، هبط مؤشر فايننشيال تايمز 100 بنسبة 3.13 في المائة. وقد استجابت الأسواق الآسيوية بدرجة كبيرة لهبوط الأسواق الأمريكية حيث سجل اسوق الأسهم الهندية أكبر انخفاض بين الأسواق الآسيوية بنسبة بلغت 9.12 في المائة تلاه سوق هونج كونج بنسبة 7.52 في المائة ثم مؤشر نيكاي 225 بنسبة 6.03 في المائة بينما انخفض مؤشر شنغهاي الخاص بالأسواق الصينية انخفاضاً طفيفاً مقارنة ببقية الأسواق الآسيوية بنسبة بلغت 1.1 في المائة.
الولايات المتحدة
انخفضت الأسهم الأمريكية للأسبوع الثاني على التوالي ووصلت إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2006 بعد أن بلغت مستويات إغلاق الرهونات مستويات قياسية وحدث انخفاض غير متوقع في عدد الوظائف ما أدى إلى تفاقم المخاوف من أن الركود قد حل بالاقتصاد فعلياً. وقادت شركتا واشنطن ميتشوال انك وسي آي تي جروب أسهم الشركات المالية إلى أكبر انخفاض لها تم تسجيله في مؤشر ستاندارد آند بورز 500. كذلك تسببت شركتا سيتي جروب وأميريكان إنترناشيونال جروب في تراجع مؤشر داو جونز إلى ما دون مستوى 12000 نقطة لأول مرة منذ شهر كانون الثاني (يناير). وقد انخفض عدد الوظائف بمقدار 63000 وظيفة، وهو أكبر انخفاض في الوظائف منذ شهر آذار (مارس) 2003 بعد أن هبطت بنحو 22000 وظيفة في كانون الثاني (يناير) وكان ذلك أكبر مما كان متوقعاً له. وقد أدت عدة عوامل مجتمعة، ونعني بها انخفاض سوق الوظائف وهبوط أسعار المساكن وارتفاع فاتورة الوقود وإجراءات الإقراض المتشددة، أدت إلى زيادة التوقعات بأن مستويات إنفاق المستهلكين ستستمر في الانخفاض. ويعد انخفاض الوظائف أحد الأسباب التي دعت رئيس مجلس إدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي السيد بن برنانكي إلى التلميح بأن البنوك المركزية أصبحت مهيأة لخفض أسعار الفائدة مرة أخرى.
وقد انخفض مؤشر ستاندارد آند بورز بمقدار 37 نقطة أو بنسبة 2.8 في المائة إلى 1,293.37 نقطة. وأغلق مؤشر داو جونز الأسبوع منخفضاً بمقدار 372 نقطة أو بنسبة 3.04 في المائة ليصل إلى 11,893.69 نقطة. أما مؤشر ناسداك المركب فقد سجل مزيداً من الانخفاض هذا الأسبوع بنسبة 2.6 في المائة أو بمقدار 58 نقطة ليستقر عند مستوى 2,212.49 نقطة.
آسيا
سجلت الأسهم الآسيوية أكبر انخفاض لها هذا الأسبوع منذ شهر آب (أغسطس) على إثر المخاوف من أن ارتفاع تكاليف الائتمان ستؤدي إلى خفض أرباح الشركات وأن تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي سيؤدي إلى تراجع الطلب على إنتاج الشركات من أجهزة التلفاز والكاميرات.
أبقى بنك اليابان المركزي على أسعار الفائدة كما هي خوفاً من تباطؤ النمو الاقتصادي. وسجل مؤشر نيكاي 225 انخفاضاً بمقدار 820 نقطة أو بنسبة 6.03 في المائة, ليغلق عند مستوى 12,782.80 نقطة. وسجلت أسهم بنك متسوبيشي يو إف جي، أكبر بنك مسجل في بورصة الأسهم اليابانية، هبوطاً بنسبة 8.9 في المائة. وهبطت أيضاً أسهم مجموعة سوميتومو ميتسو المالية، ثاني أكبر بنك في اليابان، بنسبة 11 في المائة. ولم تفلت شركة سوني، ثاني أكبر شركة لتصنيع الإلكترونيات، من هبوط أسهمها إذ انخفضت بنسبة 7.6 في المائة. وشمل الهبوط أيضاً شركة كانون، أكبر شركة لتصنيع الكاميرات الرقمية، حيث تراجعت أسهمها بنسبة 6 في المائة لتصل إلى 4530 يناً. الجدير بالذكر أن أكثر من ربع مبيعات كلتا الشركتين تتم للولايات المتحدة الأمريكية.
سجل مؤشر شنغهاي المركب انخفاضاً طفيفاً بنسبة 1.1 في المائة, مقارنة بالأسواق الآسيوية الأخرى وأغلق عند مستوى 4,300.52 نقطة. ويؤثر انخفاض الدولار الأمريكي تأثيرا سلبياً في الاقتصاد الصيني إذ إنه يجعل السلع الرئيسية مثل الذهب والنفط أكثر كلفة كما يؤدي إلى تقليل ثروات الدول التي تحتفظ باحتياطياتها بالدولار والشركات التي تمتلك أصولاً مقيمة بالدولار. علاوة على ذلك، فقد أدى انخفاض الدولار إلى زيادة التضخم الذي تصاعدت معدلاته في شهر شباط (فبراير) من أعلى مستوى له خلال 11 عاماً في شهر كانون الثاني (يناير) بسبب أسوأ موجة من العواصف الثلجية شهدتها البلاد وأدت إلى انقطاع إمدادات الأغذية والطاقة الكهربائية. ومن المحتمل أن يكون الفائض التجاري للصين قد انخفض لأول مرة منذ سنة تقريباً وذلك في شهر شباط (فبراير) الماضي بسبب تباطؤ نمو الصادرات نظراً لانخفاض الطلب من الأمريكية.
كانت الأسهم الهندية الأسوأ انخفاضاً من بين الأسهم الآسيوية ودفعت مؤشر سنستف إلى أكبر انخفاض أسبوعي له خلال 21 شهراً متأثراً بالمخاوف من أن الضغوط التي تمارسها الحكومة على البنوك للتنازل عن القروض وخفض تكاليف الإقراض ربما تؤدي إلى تقليل الأرباح مع تباطؤ نمو الاقتصاد. وإضافة إلى ذلك، فقد صرح محافظ البنك المركزي الهندي بأن معالجة التضخم يعد أولوية مقدمة على تعزيز النمو الاقتصادي حيث أظهر أحد التقارير إن الأسعار تخطت الحد الذي يستهدفه البنك لأول مرة خلال تسعة أشهر. هذا، وقد سجل مؤشر سنسكس هبوطاً بنسبة 9.12 في المائة, وبلغ مستواه عند إغلاق الأسبوع 15,975.52 نقطة.
على نقيض الحال في الأسواق المجاورة لها، فقد سجلت الأسهم في سوق هونج كونج انخفاضاً حاداً بنسبة بلغت 7.52 في المائة, أو بمقدار 1,830 نقطة وأغلقت عند مستوى 22,501.33 نقطة.
أوروبا
سجلت الأسهم الأوروبية انخفاضاً لليوم الرابع خلال هذا الأسبوع إذ توقع المستثمرون أن تزداد خسائر سوق الائتمان حدةً بالنسبة للشركات المالية كما دعم التقرير الصادر عن مستويات الوظائف الدلائل التي تشير إلى اتجاه الاقتصاد الأمريكي نحو الركود. وقد هبطت أسهم شركة أكسا إس إيه، وهي ثاني أكبر شركة تأمين على مستوى القارة الأوروبية، إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2005. من جانب آخر، فقد تعرضت شركة بي إتش بي بيليتون، التي كانت أسهمها الأفضل أداء على مستوى العالم هذا العام، إلى خسائر بل تصدرت الشركات الخاسرة في قطاع منتجي المواد الخام نظراً لهبوط أسعار المعادن. وقد سجلت أسهم شركة فيوليا إنفايرومونت إس إيه أكبر انخفاض لها منذ أكثر من خمس سنوات بعد أن انخفضت أرباح هذه الشركة، التي تعد أكبر شركات المياه في العالم، إلى مادون تقديرات المحللين. وفي السياق نفسه، فقد هبط مؤشر فاينننشيال تايمز بنسبة 3.13 في المائة, ليصل إلى 5,699.90 نقطة.
أسعار العملات
لقد هبطت العملة الأمريكية إلى أدنى مستوى لها مقابل اليورو إذ بلغ سعرها 1.54 دولار لليورو كما وصلت إلى أدنى مستوى لها خلال ثماني سنوات مقابل الين إذ بلغ سعر الدولار102.672 يناً حيث دعم أحد التقارير الصادرة عن البطالة التوقعات إن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيقوم بخفض أسعار الفائدة خلال هذا الشهر للمرة السادسة منذ شهر أيلول (سبتمبر). وقد ارتفع الفرنك السويسري مقابل جميع العملات الرئيسية بينما انخفض الين الياباني مقابل اليورو فقط بنسبة 1.56 في المائة. وقد أدى الانخفاض في أسعار الأسهم إلى عكس اتجاه المتاجرة بالعملات. وقد استمر الدولار الاسترالي والدولار النيوزيلندي في تسجيل خسائر للأسبوع الثاني مقابل الين إذا أدت بعض المؤشرات بأن أزمة المساكن الأمريكية تشهد وضعاً أسوأ الآن إلى تحفيز المستثمرين إلى خفض حيازاتهم من الأصول ذات العائدات العالية التي يتم تمويلها بقروض من اليابان. وقد هبط الدولار الكندي من أعلى مستوى له بلغه لأكثر من أسبوع على إثر توقعات بأن البنك المركزي الكندي سيستمر في خفض أسعار الفائدة نظراً لاستمرار معاناة الولايات المتحدة الأمريكية أكبر شريك تجاري لكندا، من التباطؤ الاقتصادي. على صعيد متصل فقد رفع بنك بي إن بي باريبا إس إيه توقعاته لسعر اليورو مقابل الدولار على إثر توقعات تشير إلى أن البنك المركزي الأوروبي سيحاول تجنب خفض أسعار الفائدة كما أنه لن يتدخل لإيقاف تصاعد أسعار العملة. هذا، وقد سجل الجنيه الإسترليني أكبر ارتفاع له خلال أسبوع مقابل نظيره الدولار الأمريكي منذ شهرين وعاد إلى مستواه السابق من أدنى مستوى بلغه مقابل اليورو.