توصية بإعادة النظر في النظام الضريبي لدعم الاستثمار الأجنبي في السعودية
حملة دراسة صادرة عن الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية، تعقيد الإجراءات المتعلقة بالاستقدام مسؤولية نزوح الاستثمارات للدول المجاورة. وأكدت الدراسة لجوء بعض المستثمرين لتجاوز النظام في تسيير أعمالهم.
ولخصت غرفة الشرقية في دراسة حديثة، أبرز الاختلالات في أنظمة العمالة وإجراءات استقدام العمالة الأجنبية، التي تتمثل في تعدد المستندات المطلوبة من قبل مكتب العمل والعمال وطول الإجراءات، والتعمد في تعقيدها وعدم وضوحها وشفافيتها، صعوبة الحصول على تأشيرات لاستقدام العمالة الفنية المدربة غير المتوافرة في المملكة، السياسة المقيدة لاستقدام العمالة المتمثلة في تحديد حصة معينة ومحدودة من العمالة الأجنبية، قصر فترة تأشيرات الخروج والعودة للعمالة إلى شهرين، عدم سماح الكفيل بالتنازل عن مكفوله الأجنبي، عدم مرونة نظم وإجراءات الكفالة، قصور نظام العمل والعمال فيما يتعلق بالحقوق الإدارية للمستثمر بشأن إدارة الموظفين.
وأضافت الغرفة في دراسة "معوقات الاستثمار في المملكة" بأنه على الرغم من أهمية تطبيق برنامج السعودة إلا أن هذا البرنامج يطبق بصورة لا تتطابق مع الأهداف التي وضع من أجلها، مما ينعكس سلبيا على الاقتصاد السعودي ككل، إضافة إلى قصور نظام العمل والعمال فيما يتعلق بالحقوق الإدارية للمستثمر بشأن إدارة الموظفين، وأوصت الدراسة بمراجعة نظام الهيئة العامة للاستثمار في البلاد "بما يسهم في تقليص نزوح الاستثمار للدول المجاورة"، وحثت الدراسة على تشكيل لجنة ممثلة للغرف التجارية السعودية تحمل اسم اللجنة الوطنية للاستثمار، وأن تركز اللجنة المقترحة على عدة محاور، من بينها: دراسة تأثير تطبيق برنامج السعودة على قرارات رجال الأعمال في الاستثمار وإيجاد الآليات التي تساهم في تطوير البرنامج بما يسهم في تقليص أثره السلبي في قرارات الاستثمار في المملكة، وتحديث نظام العمل والعمال بحيث يتضمن نصوصا صريحة لالتزامات كل من صاحب العمل والعامل، توفير النظم والآليات القانونية الفاعلة للمستثمرين، وذلك من خلال إنشاء محاكم متخصصة تتولى البت السريع في القضايا والمنازعات التجارية، وإصدار نظام للمرافعات المدنية والتجارية، وآليات مناسبة لتنفيذ الأحكام، مراجعة وتقييم الأنظمة واللوائح المتعددة التي تحكم نظام الإفلاس.
وتقترح الدراسة أن يناط باللجنة، كذلك، توفير الحماية الصارمة لحقوق الملكية الفكرية والمعرفة الفنية وأساليب الإنتاج والعلامات والأسماء التجارية، المسارعة بطرح المزيد من الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص، وإعطاء دفعة قوية لبرنامج خصخصة المؤسسات والمشروعات المملوكة للدولة، وإتاحة المزيد من فرص الاستثمار للشركات الأجنبية في المجالات الخدمية التي تساعد على نقل وتوطين معارف تقنية تتعلق بالصناعة وتوسيع قاعدتها وتطوير الكفاءات البشرية، تفعيل دور سفارات المملكة وملحقياتها التجارية في خدمة المستثمرين، وفتح مكاتب متخصصة لهذا الغرض في بعض الدول التي يتوقع منها أن تزيد من معدلات تدفق استثماراتها المتجهة للمملكة. وزيادة مشاركة القطاعين الحكومي والخاص في المعارض والندوات الخارجية والفعاليات الأخرى التي يمكن أن تسهم في استقطاب المزيد من الاستثمارات للمملكة، إيجاد بيئة استثمارية أكثر استقرارا عن طريق العمل على استقرار أسعار تكاليف الخدمات الأساسية مثل الطاقة، وتكلفة الوقود والرسوم الحكومية المختلفة وتطبيق سياسات تسعيرية لهذه الخدمات بحيث تؤدي هذه السياسات إلى زيادة الاستثمارات في المناطق النائية وزيادة المنافسة وتنمية بعض الصناعات التي يمكن الاستفادة من تنميتها.
وأوصت الدراسة، بإعادة النظر في النظام الضريبي المطبق والحوافز المرتبطة به، بحيث يؤخذ بعين الاعتبار التركيز على الفوائد المختلفة التي يجنيها الاقتصاد من الاستثمارات دون قصر الاهتمام على المبالغ الضريبية المباشرة التي تدفعها تلك الاستثمارات، ومنح حوافز ضريبية للشركات التي تستثمر في المناطق النائية وكذلك الشركات التي تستثمر في قطاعات معينة مثل: الصناعات البتروكيماوية والصناعات المرتبطة بها وصناعة الأدوية وصناعة تقنية المعلومات، ومنح حوافز ضريبية للشركات التي توظف نسبة كبيرة من السعوديين، وإلغاء الضريبة المقررة على عقود المساعدات الفنية، وبراءات الاختراع، والترخيص باستخدام التقنية، حتى لا تكون عائقا أمام نقل وتوطين التقنية الحديثة.
وأكدت الدراسة أنه، على الرغم من تغيير قانون الاستثمار والأنظمة المرتبطة به ليعكس الرغبة والجدية من قبل الحكومة في خلق بيئة استثمارية منافسة ويفتح مجالاً واسعاً للقطاع الخاص السعودي ليلعب دوراً أكبر في الاقتصاد الوطني، إلا أنه ما زالت يوجد العديد من المعوقات التي تعترض آفاق تطور البيئة الاستثمارية في المملكة.
وبحسب الدراسة فإن أهم المعوقات في البيئة الاستثمارية في السعودية، وجود بعض الاختلالات في تلك البيئة، بسبب ارتفاع أجور أسعار المرافق والخدمات الضرورية بما في ذلك الوقود والغاز والكهرباء والمياه ورسوم الموانئ والتأشيرات والإقامات والأراضي الاستثمارية التابعة لبعض الدوائر الحكومية، إضافة إلى عدم وجود مجمعات بحثية متكاملة Science Parks كجزء أساسي من البنية التحتية لقطاع الصناعة، عدم فعالية الخدمات البريدية لقيام الحكومة الإلكترونية، عدم توفير البنية الأساسية للمشاريع الاستثمارية، وندرة الأراضي المطورة في المدن المناطق الرئيسية في المملكة.
كما أن هناك ـ وفقا للدراسة ذاتها ـ معوقات تتعلق بالقوانين والأنظمة التجارية الحالية، ومنها: عدم الاسترشاد بمرئيات القطاع الخاص قبل صدور أية قرارات أو أنظمة تجارية، وأن معظم الأنظمة والقوانين التي تُنظم نشاط القطاع الخاص تم إصدارها منذ عقود والكثير منها بحاجة لتحديث، تدني الشفافية في تطبيق الأنظمة وعدم وجود المرونة اللازمة عند تطبيقها، التعارض وعدم التناسق بين الأنظمة.
ونبهت الدراسة إلى وجود بعض المشكلات في النظام القضائي وآليات تنفيذ الإحكام، إذ ترى الغالبية العظمى من المستثمرين صعوبة في التوقع بالإجراءات والأحكام القضائية، واعتبار ذلك من أهم المعوقات للأنشطة الاستثمارية، فما زال النظام القضائي - رغم ما أدخل عليه من تحسينات في السنوات الأخيرة - يعاني من خلل رئيسي يتمثل في طول الإجراءات القضائية وضعف آلية فض المنازعات، بطء تنفيذ الأحكام القضائية، بطء إجراءات كاتب العدل، ضعف فاعلية نظام التحكيم، تضارب مدد الاعتراض في اللائحة التنفيذية لنظام الهيئة العامة للاستثمار مع إجراءات ديوان المظالم، ضعف الالتزام بتطبيق المعاهدات والاتفاقيات الدولية من قبل المحاكم، وجود فواصل زمنية طويلة بين إصدار الأنظمة وتطبيقها، استمرار بعض المحاكم في العمل بالقوانين القديمة، تأخر صدور اللوائح التنفيذية للقوانين.
وتعلل الدراسة صعوبة التعامل مع الجهات الحكومية، بتدني محاسبة المقصرين في النظام الإداري للأجهزة الحكومية، صعوبة تطبيق اللوائح والأنظمة الحكومية، تدني كفاءة موظفي الحكومة في تقديم الخدمات المطلوبة للمستثمرين، لجوء بعض المستثمرين لتجاوز النظام في تسيير أعمالهم.
ومن المعوقات المتعلقة بالسياسات الإدارية والتنظيمية التي تحكم الأنشطة الاستثمارية: الإجراءات المطولة التي تلي مرحلة الترخيص مما يعطل المستثمر عن بدء النشاط المستهدف، تأخر صرف المستحقات لدى الجهات الحكومية، بطء إجراءات التخليص الجمركي، تعدد المستندات المطلوبة لإصدار السجل التجاري وطول إجراءات التسجيل، اشتراط دفع كامل المبلغ المسجل بالترخيص أو رأس المال المستثمر، عدم مواكبة التطورات العالمية لجذب الاستثمارات، ارتفاع الحد الأدنى لحجم الاستثمار المسموح به لغير السعوديين في جميع المجالات الاقتصادية، عدم مواكبة الحوافز التشجيعية التي تمنحها المملكة للمستثمرين مقارنة بما تمنحه الدول الأخرى، ارتفاع معدل الضريبة على الشركات الأجنبية، طول فترة الاستئناف الضريبية.
صعوبة وعدم وضوح إجراءات الضرائب والنظام المحاسبي، ضعف الترويج للفرص الاستثمارية، ضعف الأداء في مركز الخدمة الشاملة، حيث أدى إلى تعقيد إجراءات الاستثمار بدلا من تبسيطها، عدم وجود حوافز للاستثمار في المناطق النائية، ضعف فاعلية برامج دعم الصادرات، عدم وضوح نظام الهيئة ودورها: عدم ملاءمة ميزانية الهيئة مع حجم الأعمال الموكلة لها، عدم وضوح الحد الأدنى لرأس المال المدفوع، عدم ورود الحد الأدنى لحجم المال المستثمر في النظام.
إجبار المستثمرين للجوء للتحكيم في كل المنازعات، ضعف التنسيق بين الهيئة العامة للاستثمار والأجهزة الحكومية الأخرى، عدم توافر المعلومات عن البيئة الاستثمارية في المملكة بالشكل المناسب.