"ذي بانكر" لا تعرف كيف تصنف المؤسسات المالية الإسلامية

من أبرز سمات اللغط في التقرير إيراد بنك لبنان والمهجر وهو الذي لايفصح من قريب أو من بعيد أن لديه أي تعاملات إسلامية!!

"ليس كل ما يلمع ذهباً"... لعل هذا المثل الشهير خير ما يمكن الاستهلال به عند إمعان النظر في الأعمال المعلوماتية التي تقوم بها بعض المؤسسات الأجنبية حول الصناعة المالية الإسلامية. فتلك المؤسسات لها من السمعة والاعتبار ما يجعلها مصدقة في كثير مما تنشره خصوصاً عندما تكون السوق مفتوحة ومتاحة للجميع.
قامت "ذي باكر" منذ نهاية العام الماضي بالترويج لما أسمته "قائمة أول 500 مؤسسة إسلامية"، وظل جميع المهتمين يترقبون تلك القائمة التي وردنا عنها تقرير يحمل شعار "ذي بانكر" تم توزيعه على إحدى المجموعات الإلكترونية للمهتمين في العمل المالي الإسلامي.
وقد ورد في التقرير المؤلف من 18 صفحة أن ما قاموا به من بحث وتحليل إنما يشكل خطوة نحو وضع أسس معيارية لمعلومات الصناعة المالية الإسلامية، لكن ذوي الفراسة لا بد أنهم أدركوا أن تحليل وتصنيف "ذي بانكر" مليء بالأخطاء الجوهرية التي لا يرتكبها المبتدئون في العمل المالي الإسلامي.
فما قامت به "ذي بانكر" بمساعدة Cambridge consultancy Maris Strategies لم يميز الفرق بين بنوك الاستثمار والبنوك الشاملة الإسلامية. حيث أورد العديد من البنوك الإسلامية الشاملة ضمن قائمة أول 25 بنكا استثماريا إسلاميا. وكان على رأس القائمة مصرف الراجحي السعودي الذي اشتملت ميزانيته على ما يقارب 19.5 مليار دولار ودائع جارية وفقاً لإحصائيات المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية في عام 2006.
ويلي مصرف الراجحي – وفقاً لـ "ذي بانكر" مصرف قطر الإسلامي، على الرغم من أنه معروف للقاصي والداني بأنه بنك شامل تجاري.
كما اشتملت قائمة البنوك الاستثمارية التي أعدتها "ذي بانكر" على مصرف قطر الإسلامي الدولي، ومصرف البحرين الشامل، وغيرها من المصارف التي تمارس نشاطات المصارف التجارية الشاملة.
ربما يدرك المختصون أن طبيعة ونشاطات أعمال البنوك التجارية الشاملة تختلف عن طبيعة أعمال بنوك الاستثمار، وبالاستناد إلى القوائم المالية، فإن أهم ما يميز البنوك التجارية هو قبولها للودائع الجارية التي ترتبط بشكل أو بآخر بعدد من النشاطات المصرفية التجارية المعروفة للجميع. فعلى أي أساس صنفت "ذي بانكر" عددا من البنوك التجارية / الشاملة على أنها بنوك استثمار؟
ولو تم الافتراض جدلاً بأن تصنيف "ذي بانكر" يستند إلى أساس علمي أو مهني معين، فلماذا لم تشتمل القائمة على بيت التمويل الكويتي الذي يحتل المرتبة الثانية عالمياً بين البنوك الإسلامية من حيث حجم الأصول – بعد استثناء البنوك الإيرانية المملوكة من الدولة، والذي يمتلك ذراعاً استثمارية يشهد على أدائها العالمي القاصي والداني؟
ومن ناحية أخرى، فإن التصنيف الذي أعلنت عنه "ذي بانكر" في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي أدرج بنك الأمين التابع لمجموعة البركة المصرفية ضمن قائمة البنوك الاستثمارية على الرغم من أن بنك الأمين اندمج مع بنك البركة الإسلامي التابع للمجموعة نفسها في العام الماضي ما يعني أنه لم يعد موجوداً.
ومن أبرز سمات اللغط التي وردت في التقرير أنه أورد بنك لبنان والمهجر Blom Bank على أنه يحتل الترتيب العاشر على العالم بإجمالي أصول متوافقة مع الشريعة فاق 14 مليار دولار.. وكان هذا الأمر لافتا جداً للنظر، وقد حفزنا للذهاب فوراً للموقع الإلكتروني لذلك البنك – طبعاً مع احترامنا له ولإدارته ومساهميه – فلم نجد أن البنك يفصح من بعيد أو قريب أنه لديه أية تعاملات مالية إسلامية، كما أن البنك أفصح على موقعه بأن إجمالي الأصول لديه في الأشهر التسعة الأولى من عام 2007 قارب الـ 16 مليار دولار من كافة نشاطاته كمجموعة تضم عددا من البنوك والشركات خارج لبنان وداخله، فكيف يعقل أن يكون 14 مليار ونيف منها أصول متوافقة مع الشريعة؟ ولعل إدراج بنك لبنان والمهجر ضمن قائمة العشرين الأوائل انعكس حتماً بطريقة خاطئة على قائمة الدول الخمس عشرة الأوائل لتحتل لبنان المركز التاسع باحتضانها ما يفوق 14 مليار دولار أصولاً متوافقة مع الشريعة متقدمة بذلك على قطر وبنجلادش وتركيا ومصر على حد تصنيف التقرير.
ومن هنا فإننا نجدد النداء لكل الأطراف ذات العلاقة بالصناعة المالية الإسلامية من جهات تنظيمية ومؤسسات مالية ومصرفية ومؤسسات بنية تحتية وغيرها أن يتكاتفوا ليضعوا معايير "قبول ورفض" ذاتية على الأقل للمنتجات المعلوماتية والإعلامية التي تطرح في الأسواق بين الحين والآخر من قبل جهات متطفلة على الصناعة، ومن ثم يقبلون كل ما هو جيد ومتوافق مع المعايير ويقاطعون غيره لأننا في عصر العولمة لا نستطيع أن نمنع أحداً من إنتاج منتج ما ولكننا نستطيع أن لا نشتريه أو أن لا نتعامل معه على الأقل من باب "هذه بضاعتكم ردت إليكم".

[email protected]