افهموها... السوق خروج للمستثمر الفرد ودخول للمؤسسات!!
إحدى أهم قواعد الاستثمار بأنواعه كافة، أو بالأصح بديهيات الاستثمار هي زيادة العوائد بنسب تفوق الأموال المستثمرة. ولكني هنا أتساءل وأسأل الإخوة المواطنين المستثمرين في سوق الأسهم السعودية بالذات بعد 25 شباط (فبراير) 2006: كم بلغت العوائد الناتجة عن استثماراتكم في سوق الأسهم السعودية بالذات بعد 25 شباط (فبراير)؟
أعتقد أننا لن نتوقع إجابة واحدة، ولكن هناك شبه إجماع على أن السوق منذ 25 شباط (فبراير) 2006 كانت بالنسبة للمواطنين شبه محرقة للمدخرات وللقلة كنز مكتشف ومكشوف للجميع. ورغم كونها محرقة إلا أن الجميع لا يزال يستثمر ويأمل ويحاول تحقيق عوائد كافية لاستثماراته. هل توقف المستثمر قليلا وحاول إجراء جرد حساب للعائد على الاستثمار؟ وكيف يتم حساب هذه العوائد على الأموال المستثمرة؟ هل تعلمون أن هناك من صنع ثروات ضخمة من السوق بعد 25 شباط (فبراير) رغم أن مؤشرها في تراجع فيما أنتم لا تزالون تصيحون من حال السوق!!!
دعونا في البداية نتحدث عن بعض الحقائق الضرورية الخاصة بكيفية حساب العوائد بالنسبة للأفراد، وبالذات إذا كانت تلك الأموال تمثل توفير سنوات طويلة من الجهد والعمل (تحويشة عمر)، الأمر الذي يجعلها ذات أهمية بالغة بحيث تقل الرغبة (يفترض) في المجازفة فيها. وعليه يجب التأكد من نسب المخاطر المقبولة للمستثمر، حيث لا استثمار دون مخاطر، وبالتالي على الأفراد المحافظة على مدخراتهم بشكل يسمح لهم بالبقاء في نطاق الطبقات الوسطى على أقل تقدير إن لم يكن أفضل.
معرفة الحقائق الرئيسة المحيطة بالاستثمار مثل معرفة حقائق سوق الأسهم السعودية كسمات هذه السوق وسلبياتها التي تعبر بوضوح عن طبيعتها تحديداً. وينطبق ذلك على أي استثمار آخر مثل العقار أو الدخول في استثمار خاص من تأسيس شركات أو أعمال خاصة. كل ذلك تحكمه البيئة الداخلية قبل المؤثرات الخارجية.
تحديد الأهداف الرئيسة من الاستثمار وتحديد نسب العوائد المستهدفة والمدد الزمنية المتاحة للاستثمار. وطبعاً كمية الأموال المراد استثمارها ومصدرها وتكلفتها، وفوق ذلك المعرفة بتركيبة السوق وكيف يتحرك. كلها أمور رئيسة لا بد من الإلمام بها بشكل جيد قبل الدخول في السوق.
طبعاً الجميع بعد هذه المقدمة سيتوقف عن القراءة وقد يتلفظ بألفاظ تجاه كاتبها. لا يهم, المهم أن نفهم الحقيقة وإن كانت قاسية. وصديقك من صَدَقَك لا من صََدَّقك.
أقولها وبكل صراحة حرصاً على مدخرات المواطنين الذين بكل أسف وثقوا بسوق الأسهم على طريقة المواطن السعودي البسيط! أن يخرجوا من سوق الأسهم نهائياً إذا لم يتملكوا أبسط قواعد الاستثمار، كما ذكرت ألف بائها فقط، دون الدخول في المزيد من حقائق الاستثمار في أبسط صورة، لأن ذلك على أقل تقدير يحفظ لهم مدخرات من أن تتكدس في أيدي القلة النافذة والقادرة على التعامل مع طبيعة سوق الأسهم السعودية، والذي دون حسد تتزايد مدخراتهم يوماً بعد يوم، وهي المنتقلة من أيدي ملايين المواطنين إلى أيدي هؤلاء القلة. فكل كاسب في سوق متذبذبة أمامه خاسر. وطبعاً الخاسر هنا هو صاحب الحلقة الأضعف المستثمر الفرد "العادي". والمواطن هو من يسلم نفسه لتلك المخاطر بكل سهولة. إحدى حقائق السوق ورغم أنه تراجع من بداية العام الحالي بنسبة تتجاوز التوقعات، إلا أن هناك من هو مستفيد جدا من السوق ويكسب كل يوم ملايين إن لم تكن مليارات! ولست في صدد الإجابة عن الكيفية، لأننا شرحناها أكثر من مرة منذ عام 2004، وبإمكان الجميع الرجوع لما كتب سواء عبر جريدة "الرياض" أو في جريدة "الاقتصادية".
والخيار الآخر أمام المستثمر "العادي" هو أن يكون تفكيره متحرراً من حركة السوق اليومية (التذبذب) لأهداف مضاربية بحتة، وينظر بعين استثمارية ثاقبة تجاه أسهم معينة، خصوصا تلك الأسهم ذات المستقبل القوي سواء لشركات قديمة أو التي طرحت للاكتتاب في السنوات القليلة الماضية. إذا ما قام الفرد ببناء محفظة من أسهم جيدة مستقبلا ومتوقع لها نمو جيد مبني على أساسيات تلك الشركات، فخلال فترة من سنة إلى ثلاث سنوات أو حتى خمسة أعوام لن يندم المستثمر الفرد على ادخار مثل تلك الأسهم سواء فيما يخص النمو في القيمة السوقية لتلك الشركات أو فيما يخص العوائد المتوقعة من تلك الشركات. ولا أرغب في ذكر اسم شركات معينة ولكنها واضحة لمن يريد الاستثمار البعيد عن التذبذب في حركة الأسهم. ويكفي الإشارة إلى عدد من تلك الشركات حققت نمو سعري يفوق 50 في المائة مقارنة ببداية العام رغم تراجع المؤشر العام لأكثر من 15 في المائة منذ بداية العام. إن مجرد الاحتفاظ بأسهم الاكتتاب وعدم البيع منذ اليوم الأول والإبقاء عليها هي خطة استثمارية ناجحة.
وذكرت في مقال سابق أني متفائل في سوق الأسهم لأول مرة، لأني أعلم أن عملية البناء مستمرة ولكنها ستأخذ وقتاً ليس بالقصير، وما أزال ولكن ليس بالطريقة التي ينتهجها الأفراد في التعاطي مع السوق، وإذا لم يفهمها بعد المستثمرون "العاديون"، فإن ذلك يعني المزيد من المعاناة لهم والمكاسب للقلة القليلة.