الشركات تعزز الريادة الاقتصادية للمملكة

[email protected]

كان مفهوم المسؤولية الاجتماعية من أهم المفاهيم التي يتم تداولها اليوم في أوساط المال والأعمال حول العالم، وتبرز أهمية هذا الطرح على الدور الذي يقوم به القطاع الخاص في التنمية المستدامة للمجتمعات، وعلى حمل مسؤولية مهمة في التطور الاقتصادي بشكل ينعكس مباشرة على المستوى الاجتماعي. واستنادا إلى تعريف البنك الدولي لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات على أنها التزام أصحاب النشاطات التجارية بالإسهام في التنمية المستدامة من خلال العمل مع المجتمع المحلي، بهدف تحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم الاقتصاد ويخدم التنمية في آن واحد.
واليوم تطور ذلك المفهوم ليشمل جميع أصحاب المصالح مع قطاع الأعمال، بما في ذلك المجتمع والموارد البشرية والبيئة والتدريب والبحث والتطوير، ليصبح المفهوم هو التنافسية المسؤولة للشركات بشكل يوسع دائرة الاهتمام للشركات بما يعود عليها أولا بالنفع وعلى المجتمع التي تعيش وتعمل فيه، وهذا هو الامتداد المنطقي والعملي للمسؤولية الاجتماعية.
ومن خلال متابعتي الشخصية لتطورات المسؤولية الاجتماعية للشركات في المملكة خلال السنوات الخمس الماضية، التي شهدت تطورا واهتماما كبيرا على مستويات عدة، فإن دخول مبادرة التنافسية المسؤولة تأتي في أنسب الأوقات. ولعل التفاؤل المستقبلي الذي تحمله مقدمة هذا المقال تأتي من خلال العديد من المشاهدات التي حملتها لنا السنوات الماضية.
إن مبادرة التنافسية المسؤولة تأتي لتضع إطاراً مؤسسياً للعمل الخيري والاجتماعي للشركات في المملكة من خلال ما تحمله من برامج مترابطة ومتكاملة. فالبرامج الثلاثة للتنافسية المسؤولة وارتباطها بأسماء مهمة من حيث القيمة المعنوية والعملية تجعل التفاؤل بمستقبل زاهر لبرامج الشركات في التنافسية المسؤولة. وقبل الدخول في هذه البرامج يجدر القول إن القطاع الخاص في المملكة يتعطش إلى وجود مرجعية علمية تساعده على تطبيق أفضل للمسؤولية الاجتماعية، والأمل بأن تكون هذه المبادرة وبرامجها عاملاً مساعداً على تطبيق مستدام تعود فائدته على الجميع.
فالمبادرة تشمل على عنصر التحفيز من خلال جائزة قيمتها الكبيرة في اسمها، إن جائزة الملك خالد للتنافسية هي تتويج لأي شركة، ووسام فخر تضعه الشركات جنب إلى جنب مع أهم جوائز الجودة العالمية كيف لا وهي تحمل اسم المغفور له - بإذن الله - ملك الخير الملك خالد، وكذلك لأنها تمثل أول وأهم جائزة على مستوى المنطقة في التنافسية المسؤولة.
البرنامج الثاني، وهو ما تتوجه الجائزة، هو مؤشر التنافسية المسؤولة، الذي يضع المملكة في مصاف الدول الرائدة عالميا في تطبيق هذا المؤشر والريادة المعتادة للمنطقة بأسرها. ولعل ما يميز المؤشر أنه ليس مؤشر تصنيف بقدر ما هو مؤشر تقييم، أي أنه ليس لترتيب الشركات من ناحية الأفضلية - حيث إن النشر سيتكون فقط لأفضل ثلاث شركات - بمعنى أن جميع الشركات المشاركة في المؤشر ستتمكن من التعرف على أفضل الطرق والآليات في تنفيذ برامجها في المسؤولية الاجتماعية. والمؤشر هو مزيج رائع بين أفضل المعايير العالمية بشكل يتناسب مع الاحتياجات المحلية في المملكة.
العنصر الثالث في معادلة التنافسية المسؤولة ـ تتمثل في الوصول السهل إلى برامج المعرفة والعلم وأفضل التطبيقات العالمية، من خلال حوار القيادات في التنافسية والمسؤولية الاجتماعية، الذي نجحت المبادرة في اجتذاب جامعة هارفارد لتنظيمه من الناحية العلمية، مع وجود أكبر الشركات العالمية ومشاركتها بأفضل تطبيقاتها.
ختاما: فإن المبادرة بلا شك تعد محصلة جميع المبادرات المحلية، التي كانت ومازالت، تعمل على رفع مستويات التعاطي مع المسؤولية الاجتماعية محليا ونقلها إلى مرحلة تطبيقية على أساس القياس المحكم لممارسات الشركات، وكذلك سيساعد الشركات على تطوير برامجها في التعاطي مع القضايا الاجتماعية ذات العلاقة المباشرة في رفع تنافسية الشركات وبالتالي انعكاساته على الاقتصاد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي