هل يبطئ الطيران مسيرة تنمية جازان
إن قرار تخفيض أعداد الرحلات للخطوط العربية السعودية – داخليا - الذي بدأت بوادر نتائجه تظهر في الآونة الأخيرة أصبح محل تساؤل لأهالي منطقة جازان واستغراب كثير من الناس حول تأثيره المباشر وغير المباشر في مجتمع المنطقة. هذا القرار من المؤكد أنه سيضر بالمرضى الذين يحولون لخارج مناطقهم للعلاج خصوصا أن استكمال المستشفيات التخصصية وتشغيلها بالكامل في هذه المنطقة يحتاج إلى وقت طويل لأسباب عدة بعضها جوهرية وبالتالي قد يصعب توفير خدمات علاجية متقدمة جدا في القريب العاجل. لقد تضررت منطقة جازان بشكل كبير بعد ملاحظة صعوبة إيجاد حجوزات للسفر إلى الرياض أو جدة والعودة قبل مدة أسبوع أو أحيانا لأسابيع، وذلك كما يظهر نتيجة تقليص عدد الرحلات اليومية على الخطوط السعودية أو تعديل حجم الطائرات. لقد زادت معاناة المرضى والمراجعين والطلاب ومن لهم أعمال أخرى سواء للمسافرين منهم إلى جدة أو الرياض وأصبحت قوائم الانتظار تمتد لشهر تقريبا ناهيك عن تحمل تبعات الاختلافات غير المخطط لها لمواعيد الإجازات الرسمية التي جعلت الإجازة مصدر قلق للكثير. أنا لا أعتقد أن وضع الحجوزات والنقل درس بشمولية لأن القطارات لن يبدأ تشغيلها قبل خمس إلى عشر سنوات والنقل البري المحصور في النقل الجماعي يحتاج إلى عشر سنوات أخرى ليكون مناسبا لحجم الطلب بالإضافة إلى عدم صلاحيته ومناسبته لنقل المرضى لنوع السيارات ومدة السفر التي تمتد إلى 24 ساعة بين الرياض وجازان. من ناحية أخرى لا يمكن أن نتوقع أن كل راكب يستطيع تحمل تغيير المسار ليصل الرياض أو جدة سواء في الذهاب أو الإياب، ثم إن ترك المجال لخطوط الطيران الأخرى أن تحل محل الخطوط السعودية تدريجيا يتطلب تنظيم تسيير الرحلات لمدة طويلة وبشكل عادل ومناسب لحجم الطلب. لذلك أعتقد أن انتهاء عقد شركة ناقلة أو بداية عصر جديد من النقل الخارجي أو دخول شركات نقل جوي جديدة للخدمة أو الاعتماد على حل المشكلة ببدائل لا يمكن الاستفادة منها عمليا أو يستحيل تنفيذها أصلا على المدى القصير لا يعفي الخطوط الجوية السعودية من مسؤولياتها حيال خدمة النقل الجوي للمنطقة على الأقل للفترة بين 3 و5 سنوات مقبلة حتى لا تعزل المنطقة أكثر فأكثر وهو ما لم ولا يعكس ما وجه به ولاة الأمر يحفظهم الله.
من المعروف أن وجود المستشفيات التخصصية والمتقدمة جدا في تقديم الخدمات العلاجية مقتصر حاليا على مدينتي الرياض وجدة المتمثلة في مستشفيات الملك فيصل التخصصي، ومستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، ومدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية ومستشفيات الحرس الوطني والقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي ومدينة الملك فهد الطبية في الرياض، ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومستشفى الحرس الوطني في جدة. وحسب إحصائيات الهيئة الطبية في منطقة جازان فإن عدد الحالات المرضية المحولة من جازان لهاتين المدينتين (الرياض، جدة) بلغ 1156 حالة في عام 1422هـ من أصل 1324 حالة تم الكشف عليها، وفي عام 1428هـ حولت 2142 حالة من أصل 2547 حالة تم الكشف عليها. لقد دلت الإحصائيات أن ما يزيد على 160 حالة تقريبا تضاف سنويا لعبء القائمة العلاجية وبمختلف الأمراض في مختلف التخصصات الطبية. هذا يستدعي التدخل العاجل في توفير حلول عاجلة ليس فقط على مستوى النقل الجوي أو البري بل أيضا على المستوى الصحي، حيث إن أكثر الحالات إحالة كانت للمصابين بأمراض القلب والأورام الخبيثة مما يجعل خطة تطوير الطب العلاجي في المنطقة تأخذ في الحسبان نتائج برنامج (قياس عبء المراضة) ونسب الإصابة في المحافظات المختلفة وتأهيل وإعادة تأهيل المرافق الصحية بما يتوافق والاحتياج في تخصصات الطب المختلفة. بالإضافة إلى ذلك الحد من تنامي هذه الأعداد أصلا بتكثيف برامج الطب الوقائي والرعاية الصحية الأولية.
أخشى ما أخشاه أن تقدم الخطوط الأعذار التي أَلِفْناها مثل ارتفاع أسعار الوقود! وارتفاع تكاليف التشغيل، وشح القوى العاملة المتمرسة، واستبدال أنواع الطائرات في بعض الرحلات لظروف خارجة عن الإرادة! وغيرها كثيرا لتبرير تقليص الخدمة والوضع مازال مبكرا جدا لأي إجراءات مثل هذه. لذلك أعتقد أن التوجه الآن ينصب حول تحسين وضع الحجز بأن تتخذ بعض الإجراءات العملية مثل إجبارية إصدار التذاكر خلال 24 ساعة من الحجز أو إعادة العدد نفسه من الرحلات أو حجم الطائرات في أوقات الذروة من العام ومن الأسبوع ومن اليوم بالتنسيق الفعلي بين الخطوط الثلاثة لحل مشكلة تزايد الطلب. ثم من بعد ذلك لابد من أن يكون قطار السكة الحديد جاهزا للعمل في عام 2012م على أبعد تقدير فالدراسات التي بدأت منذ أكثر من عام من قبل المؤسسة العامة لخطوط السكة الحديدية لابد أن تكون قد انتهت بإيجابية النتائج ووضع التصاميم وتخصيص الميزانية اللازمة لبدء المشروع. نعلم أن زيادة الحركة بين المدن الكبيرة وجازان أصبحت واقعا حاضرا لا يمكن أن يُغيّب لأهمية المنطقة سياحيا وزراعيا لذلك فالإجراءات العملية ستتواكب ومعدل التسارع في نمو هذه المنطقة فصحيا لابد من إدخال خدمات الإسعاف الطائر من قبل جمعية الهلال الأحمر، ثم تسريع مشاريع المستشفيات التخصصية واستخدام التقنية المتمثلة في الطب الاتصالي وعمليات الأتمتة للسجلات الطبية ورقمنتها في المرافق الحالية القائمة ومراقبة جودة أداء المرافق الصحية الخاصة لرفع مستوى تقديم الخدمات في المنطقة والحد من تزايد المشكلات الصحية في المنطقة، والله المستعان.