تركيا تبحث دخول طاقة الخليج وتجارته وأسواقه المالية عن طريق منطقة التجارة الحرة

تركيا تبحث دخول طاقة الخليج وتجارته وأسواقه المالية عن طريق منطقة التجارة الحرة

توقع دول مجلس التعاون اتفاقية منطقة التجارة الحرة مع تركيا خلال العام الجاري وتعقد الجولة الثالثة للمفاوضات بين دول مجلس التعاون وتركيا حول بنود الاتفاقية في الدوحة مقر رئاسة المجلس الأعلى لمجلس التعاون في السادس والعشرين والسابع والعشرين من الشهر الجاري.
وأكد الرئيس التركي عبد الله جول رغبة بلاده في تعزيز علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي, وقال في العاصمة القطرية الدوحة التي زارها أخيرا "أننا نرغب في التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون وسأبذل ما بوسعي لتحقيق هذا الهدف".
يرى اقتصاديون أنه لا يمكن لأي علاقات اقتصادية بين دولتين أن تنمو وتزدهر دونما وجود قاعدة الاحتياج المتبادل وامتلاك كل منهما ميزة نسبية في مواجهة الآخر.. تلك المقولة يمكن إطلاقها بكثير من الثقة عند النظر للعلاقات الاقتصادية التركية - الخليجية التي تمتلك فرصا واعدة في المستقبل، في ظل دافعية سياسية وأمنية من الجانبين تفرضها ضرورات التغير في الموازين.
تملك تركيا اقتصادا متنوعا له إمكانات صناعية وزراعية وتجارية ومائية، غير أن أزمتها الأساسية تظل هي الطاقة, حيث تستورد 90 في المائة, من احتياجاتها النفطية، فضلا عن نقص رؤوس الأموال والاستثمارات اللازمة لنمو الاقتصاد الذي عانى من أزمات مالية طاحنة (تضخم وتراكم مديونية داخلية وخارجية) قبل ثلاث سنوات, وهو ما جعل أنقرة ترى في الخليج أحد المداخل لحل أزماتها.
أما دول مجلس التعاون الخليجي بإمكاناتها النفطية الهائلة، فترى تركيا ليست فقط من منظور أنها مصدر محتمل للمياه، إنما يتجاوز ذلك للبحث عن فرص استثمار الأموال الخليجية، فضلا عن أن تركيا تمثل سوقا كبيرة بسكانها السبعين مليونا تقريبا.. فموقعها الجغرافي يمثل منفذا للخليج على أوروبا وآسيا الوسطى، فهو نقطة وسط بين المناطق المنتجة والمستهلكة للنفط، وتتقاطع عندها أيضا حضارات الشرق والغرب.
وأكد عبد الرحمن بن حمد العطية الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج هذه الرؤى في تصريحات في الدوحة بقوله " إنه لمس خلال اجتماعه مع الرئيس التركي عبد الله جول في الدوحة التي زارها أخيرا حرصا كبيرا على إنهاء مفاوضات منطقة التجارة الحرة .. لافتا في هذا الإطار إلى حرص رئاسة مجلس التعاون للدورة الحالية على الإسراع في إنهاء المفاوضات وسرعة التوقيع على الاتفاق لما فيه مصلحة الجانبين الخليجي والتركي.
وأكد أن جولة المفاوضات بين دول المجلس وتركيا ستستكمل مناقشة مواضيع تتعلق بمشروع اتفاق التجارة الحرة .. مشيرا إلى أن ارتباط تركيا باتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي أدى إلى تريث الجانبين حتى تتضح معالم اتفاقية تنوي دول مجلس التعاون توقيعها مع الاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بتجارة السلع .. وأبدى العطية تفاؤلا بقرب توقيع تجارة حرة مع تركيا خلال العام الجاري.
وأشار الأمين العام لمجلس التعاون إلى أنه بعد أن اتضحت الآن معالم اتفاقية التجارة الحرة بين دول المجلس والاتحاد الأوروبي فإن ذلك سيسهم في تسهيل المفاوضات مع الجانب التركي وسيوفر أيضا للمفاوضين مرونة أثناء المفاوضات الخليجية التركية حول كافة المواضيع المتعلقة بالاتفاقية، خاصة في مجالي السلع والخدمات.
وكانت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وقعت اتفاقية إطار للتعاون الاقتصادي مع تركيا في أيار (مايو) الماضي وعقدت حتى الآن جولتي مفاوضات بين دول مجلس التعاون وتركيا حول إقامة منطقة للتجارة الحرة. وعقدت الجولة الأولى للمفاوضات في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون في الرياض في عام 2005 ووصفها العطية بأنها جولة استطلاعية تم فيها الاتفاق على الإطار العام للمفاوضات والقطاعات التي ستتضمنها الاتفاقية.. وأما جولة المفاوضات الثانية فجرت في أنقرة في عام 2006 وشهدت مناقشة عدد من المواضيع ذات الصلة باتفاق التجارة الحرة .. كما تم تبادل النصوص والعروض والطلبات.
وستتركز المباحثات حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وخاصة في المجال التجاري والطاقة
ويرى خبراء هناك إمكانات كبيرة لتطوير العلاقات الاقتصادية بين الجانبين". ويصل حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار، أي نحو1 في المائة, من حجم التبادل التجاري لدول مجلس التعاون.
فيما يعد تطورا في العلاقات الخليجية ـ التركية، وقعت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتركيا في العاصمة البحرينية المنامة، في أيار (مايو) عام 2005 اتفاقية إطارية لإقامة منطقة تجارة حرة بين الجانبين، تهدف إلى تنمية وتطوير العلاقات والتعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا.
ويرى محللون، أن التوقيع على هذه الاتفاقية "يعد دليلا آخر على حرص دول المجلس وتركيا على تطوير مجالات التنسيق والتعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية بما يحقق المصالح المشتركة للطرفين".
من جهته، أبدى مسؤول تركي اهتمام بلاده برفع مستوى التعاون الاقتصادي، كما هو التعاون السياسي، بينها وبين دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرا أن الاتفاقية الإطارية ستشكل دعما للعلاقات بين الجانبين.
وأكد حرص بلاده على تكوين علاقات متميزة مع دول مجلس التعاون الخليجي. معتبرا أن بلاده بوابة لأوروبا، ومؤكدا أهمية تطوير التعاون بين الجانبين في مجال الأسواق المالية وإقامة المشاريع المشتركة بين رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال.
وعقد الجانبان الخليجي والتركي جولة أولى من المباحثات تم خلالها تأسيس لجنة فنية مشتركة لتحديد أطر هذه الاتفاقية، ركزت بشكل أساسي على الإسراع في إقرار الاتفاقية من دون أن تأخذ فترة طويلة من المباحثات، على أن يبدأ الفسح بين الجانبين في مجال السلع، باعتبار أن الطرفين لا يطبقان رسوما جمركية عالية، على أن يتم الاتفاق على بقية الخدمات فيما بعد. وأكدت المصادر أنه فور الانتهاء من الاتفاق على التبادل التجاري بالنسبة للسلع، فإنه سيتم تطبيقه بين الجانبين من دون الانتظار حتى الانتهاء من المباحثات بصورة كاملة.

الأكثر قراءة