كتاب من تأليف ونشر المخابرات المركزية الأمريكية لغة أرقام دقيقة ولكن..!

كتاب من تأليف ونشر المخابرات المركزية الأمريكية لغة أرقام دقيقة ولكن..!

يقع الكتاب في 832 صفحة, وهو يخصص من 4 - 6 صفحات لكل دولة في العالم, تتضمن أهم الجوانب الاقتصادية والعسكرية والجغرافية والسياسية, والمعلومات الواردة فيه لم يتم جمعها من قبل جواسيس المخابرات الأمريكية, بل تم الحصول عليها من البيانات والإحصاءات التي تصدرها الوزارات ومراكز الأبحاث بشكل دوري, وهو مبوب بطريقة واضحة تسهل الوصول إلى المعلومة, الأمر الذي يفيد منه العميل السري والصحافي والباحث على حد سواء.
أما الملاحظة الأساسية التي تؤخذ على الكتاب فهي أن الدقة الصارمة والمثيرة للإعجاب للإحصاءات, تتراجع فجأة لتحل محلها لغة التحايل على الأرقام بغية إظهار الحقيقة بشكل مختلف, خاصة في البلدان التي تشهد تدخلا أمريكيا مباشرا, ونحن لا نتحدث هنا عن تزوير في الأرقام, فجميع البيانات الواردة في الكتاب صحيحة, لكن المؤلف أو المؤلفين يقدمون أحيانا بيانات قديمة تعود إلى عام 2002 مثلا لوصف الوضع الصحي أو الاقتصادي لبلد كالعراق, في نسخة العام 2008,أو تترك بعض البيانات دون أرقام توصفها, بحيث يتم التملص من مواجهة المسؤولية, فيما لو تم ذكر الأرقام الكارثية لوفيات الأطفال أو عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر هناك, وغير ذلك من الإحصاءات التي تسبب الإحراج للسياسة الخارجية الأمريكية.
وقد اخترنا في عرضنا لهذا الكتاب, دولة العراق نموذجا, نظرا لخصوصيتها. وأهمية الرقم الإحصائي المتغير باستمرار في تسجيل الأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية هناك.
مدخل تاريخي: يبدأ الكتاب بمقدمة عن العراق, يقدم من خلالها لمحة تاريخية عن أهم الأحداث بدءا من الحرب العالمية الأولى وانتهاء بالسيطرة العثمانية, وبدء مرحلة الانتداب البريطاني (1920), وأحداث الحرب العالمية الثانية التي انتهت بتحرير العراق, ووقوعه بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية في قبضة الحكم البعثي, ووصول صدام حسين إلى السلطة, والحرب العراقية الإيرانية (1980- 1988), واحتلال الكويت (1990), وتحريرها من قبل قوات التحالف وصولا إلى احتلال العراق (2003) وزوال الحكم البعثي.
الجغرافيا: يقدم الفصل الأول معلومات دقيقة عن موقع العراق الجغرافي, والمساحة (437.072 كيلومتر مربع), وطول الحدود البرية مع كل من دول الجوار الست (إيران: 1458 كم, الأردن: 181 كم, الكويت: 240 كم, السعودية: 814 كم, سورية: 605 كم, تركيا: 325 كم), ويصف المناخ وطبيعة تضاريس الأرض, ويورد أرقاما دقيقة عن مساحات كل من الأراضي الزراعية المروية (35250 كيلومترا مربعا), وحجم مصادر المياه المتجددة (96.7 كيلومتر مكعب), بعد ذلك يأتي دور التعداد السكاني (27.499.638 نسمة - 2007), والنسب العددية بحسب الفئة العمرية (حتى 14 سنة:39,4 في المائة, 15- 64 سنة: 57.6 في المائة, فوق 65 سنة: 3 في المائة), لكن الأرقام تبدأ بالتشوش عند الحديث عن معدل الوفيات, الذي يبلغ بحسب الكتاب (5.26 في المائة ) من التعداد السكاني, وهو رقم مقارب لمعدل الوفيات في دولة مجاورة هي سورية (4.7 في المائة), وتصبح الأرقام موضوع جدل فعلي عندما يتم الحديث عن معدل وفيات الأطفال (4.7 في المائة بحسب الكتاب), فبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية, يموت طفل واحد من أصل ثمانية أطفال قبل بلوغه الخامسة وهذا يعني أن النسبة الفعلية لوفيات الأطفال هي (12.5 في المائة)!!.
ويتكرر الأمر ذاته في الحديث عن معدل الأمية في صفوف العراقيين, فهي بحسب الـCIA (25.9 في المائة, منها 15.9 في المائة بين الذكور و35.8 في المائة بين الإناث), والغريب أن تستخدم إحصاءات تعود بتاريخها إلى عام 2000, في نسخة كتاب الوكالة الصادر عام 2008, حيث أثبت تقرير اليونسكو (27/4/2007) أن عدد الأطفال الذين يذهبون إلى المدارس هو 30 في المائة فقط من مجموع أطفال العراق, وبحسب التقرير فإن نسبة الأمية للمجتمع المدرسي بمراحله العمرية المختلفة هي (50 في المائة), وتصل إلى (70 في المائة) بين الإناث و(70) في المائة بين الأطفال.
النظام السياسي والمؤسسات الحكومية: في هذا الفصل يتحدث الكتاب عن النظام السياسي في عراق اليوم باعتباره (نظاما ديمقراطيا برلمانيا), ويحدد موقع العاصمة ويعدد أسماء المحافظات الثماني عشرة, والهيئات التشريعية والتنفيذية والسلطات القضائية, ثم يتناول الأحزاب السياسية ويذكر أسماء رؤسائها, وأخيرا يتحدث عن مستوى التمثيل الدبلوماسي بين الولايات المتحدة والعراق مع ذكر أسماء السفراء في البلدين وأرقام هواتف وفاكسات سفارتيهما!!.
الاقتصاد: يبدأ الفصل بتقرير موجز عن الاقتصاد العراقي بوضعه الراهن, و دور النفط الرئيسي الذي يمثل (95 في المائة) من حجم أرباح التبادل التجاري الخارجي, رغم التأثيرات السلبية للهجمات الإرهابية على المنشآت النفطية, ويتضمن التقرير كذلك جهود الحكومة لرفع مستوى الإنتاجية ودور المنظمات الدولية (صندوق النقد الدولي) في تدعيم الاقتصاد وإعادة بناء العراق, ثم تبدأ الأرقام بالتتالي: الناتج الإجمالي المحلي (100 مليار دولار- 2007), معدل النمو السنوي (1 في المائة - 2007), حجم قوة العمالة (7.4 مليون - 2004), وترتبك لغة الأرقام ثانية عند الوصول إلى معدل البطالة (18- 30 في المائة) بحسب الكتاب, مقارنة بــ (40-50 في المائة) بحسب تقرير منظمة اليونسكو, أما بالنسبة لنسبة السكان تحت خط الفقر, فيتجاهل الكتاب تماما هذه القضية المهمة في بلد كالعراق في الوقت الذي لا يعجز مؤلفه أو مؤلفاه عن إيراد أرقام واضحة عن نفس القضية في بلد مجاور وهو سورية حيث يبلغ معدل من يعيشون تحت خط الفقر (11.9 في المائة) من التعداد السكاني العام, أما تقارير المنظمات الدولية فتتحدث عن معدل مخيف وهو (20 في المائة) أو خمس التعداد السكاني العام للعراقيين!!.
ولا يغفل الكتاب الأرقام المهمة التي تصور الجانب الإيجابي من الاقتصاد العراقي الحالي: معدل النمو الإنتاجي الصناعي (4 في المائة - 2007), حجم الإنتاج النفطي اليومي (2 مليون برميل), حجم إنتاج الغاز الطبيعي (3.5 مليار متر مكعب).
الاتصالات والنقل: عدد الهواتف الأرضية (1.547 مليون خط), والهواتف النقالة (8.7 مليون), المحطات الإذاعية (80 محطة), والتلفزيونية (21 محطة), والإنترنت (3 مخدمات), والمطارات (110).
الجيش: يعدد الكتاب فروع القوات المسلحة العراقية ( دون ذكر للأرقام) والقضايا المتعلقة بعمر الخدمة الإلزامية (18- 40 عاما), وإجمالي النفقات العسكرية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي (8.6 في المائة).

الأكثر قراءة